يونس السيد ليس بعيداً عن إلغاء القرار الأممي 3379 الذي يساوي الصهيونية بالعنصرية، عام 1991، إثر اختلال المعادلة الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، يُشرِّع الكيان ما يشاء من القوانين التي لم تشهد البشرية مثيلاً لها على الإطلاق، والتي تقفز بالكيان من العنصرية إلى «السوبر عنصرية» أي العنصرية الاستعمارية التي تستهدف ليس فقط طمس الحقوق الفلسطينية وإنهاء أي صلة للشعب الفلسطيني بأرضه، وإنما اجتثاث الوجود المادي لهذا الشعب على أرضه ووطنه. من المفارقات العجيبة، أن مشروع قانون «القومية اليهودية» الذي أراده الكيان ليكون فوق كل القوانين، هو القانون الوحيد في العالم، وعلى مدار التاريخ، الذي يخلط القومية بالدين، بل يحول الدين نفسه إلى قومية، من دون أن يوضح لنا كيف يمكن لمهاجر يهودي قدم من روسيا أو أوكرانيا أو أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا أن يشكل قومية واحدة. ولقد ظل هذا الأمر، على الدوام، مبعث قلق لمؤسسي الكيان، حتى إن بن غوريون ظل يُعَبِّر عن هذا القلق حتى وفاته، ويتساءل «كيف يمكن لهذه العشرات من القوميات أن تنصهر في بوتقة واحدة؟»، في حين يتم تشريد أبناء القومية الواحدة والشعب الواحد إلى شتى المنافي في أنحاء العالم. والأغرب، أن هذا المشروع، الذي يحصر حق تقرير المصير باليهود وحدهم، يتبنى نظام «سوبر أبارتهيد» بامتياز، يعمل على إخضاع أصحاب الأرض للهيمنة الاستعمارية بالقوة الغاشمة. بهذا المعنى، فمشروع القانون الجديد يجعل من فلسطينيي 48 رعايا من الدرجة الثانية، يعيشون غرباء في وطنهم، بفضل «الكرم» الصهيوني، وليس لأنهم أصحاب البلاد الأصليين، ويؤسس لحرمان اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى أرضهم وديارهم، إلى جانب إلغاء مكانة اللغة العربية وغير ذلك من إجراءات، بذريعة أن «فلسطين لليهود وحدهم». ويتزامن ذلك مع أصوات تتعالى في الجانب الصهيوني تطالب بالتخلص من نحو أربعة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، باعتبار ذلك إمكانية واقعية في الوقت الراهن، حيث يرى قادة الكيان أن الصراع يدور في الأساس حول قيام «إسرائيل» ذاتها، ويقر البعض بأن الاحتلال لم يبدأ عام 1967 بل في عام 1948، وربما قبل ذلك، وبالتالي لا يرى هؤلاء أية إمكانية لتسوية نهائية للصراع، فهل سيقبل الفلسطينيون التخلي عن أرضهم ووطنهم وحقوقهم لصالح مستعمرين استجلبوا من شتى بقاع الأرض؟ من الواضح أن الصراع يتجه للعودة إلى أصله، ففلسطين لا تقبل القسمة على اثنين، فإما نحن وإما هم، وفي النهاية سينتصر أصحاب الحق لا محالة باعتراف «الإسرائيلين» أنفسهم. younis898@yahoo.com