يصطف الفرنسيون مجدّداً، يوم الأحد، في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية؛ ليحسموا الاختيار بين الشاب القادم من خارج الأحزاب التقليدية إيمانويل ماكرون؛ والسيدة اليمينية المتطرفة مارين لوبان. وبحسب "سكاي نيوز"، تنطلق المنافسة في معركة تشبه في أوجه عديدة منها تلك التي اندلعت في واشنطن وأسفرت عن فوز دونالد ترامب. واستعارت الانتخابات الفرنسية هذا العام مشاهد عديدة من الانتخابات الأمريكية يمكن إجمالها في ثماني نقاط: 1- حملة انتخابية مريرة تابع الفرنسيون بشغف وإثارة الانتخابات الأمريكية التي كانت الأعنف سياسياً على الإطلاق، حيث تبادل الجمهوري دونالد ترامب؛ والديمقراطية هيلاري كلينتون؛ الاتهامات التي لو ثبت أيٌّ منها لكان قد أودى بصاحبه إلى السجن. ولم يدرك الفرنسيون أنهم سيشهدون "أعنف شجار سياسي" خلال مناظرة جرت الأربعاء، بين ماكرون؛ ولوبان؛ قُبيل ثلاثة أيام من الجولة الحاسمة. وكتبت صحيفة "لو فيغارو" على صفحتها الأولى، أن ماكرون؛ ولوبن؛ تواجها "في مناظرة عنيفة بشكل غير معهود". وقالت صحيفة "لو باريزيان": "لم نشهد يوماً مناظرة تنظم بين الدورتيْن بهذا العنف". وانتقدت مرشحة اليمين المتطرف، ماكرون؛ لدعمه "العولمة المتوحشة"، في حين اتهمها المرشح الوسطي المؤيّد لأوروبا بـ "الكذب" ونشر "الكراهية". وقال كزافييه برويه؛ في صحيفة "ريبوبليكان لوران": إن المناظرة لم ينقصها سوى "قفازات الملاكمة". 2- القرصنة ومثلما أُثير خلال الانتخابات الأمريكية، من اتهامٍ لروسيا بقرصنة البريد الإلكتروني للمرشحة هيلاري كلينتون؛ من أجل التأثير في شعبيتها، لمصلحة دونالد ترامب؛ فقد تعرّض ماكرون؛ لهجومٍ إلكتروني كبيرٍ ومنسقٍ؛ حسبما قال فريق حملته الانتخابية في وقتٍ متأخرٍ يوم الجمعة. وقال فريقه في بيان: إنه تمّ تسريب وثائق يوم الجمعة كان قد تمّ الحصول عليها قبل أسابيع عدة عن طريق القرصنة على رسائل بريد إلكتروني خاصّة بمسؤولين في حزبه "آن مارش" (إلى الأمام). وأوضحت الحملة أنه تمّ خلط هذه الرسائل مع وثائق مزوّرة من أجل "زرع الشك والتضليل". وأضافت أنها محاولة "لزعزعة استقرار الانتخابات الرئاسية الفرنسية" على غرار ما حدث في الولايات المتحدة. وكانت مخاوف قد أُثيرت قُبيل الانتخابات من تدخّل روسي عبر القرصنة للتأثير في أحد المرشحين ودعم الآخر. ونفت موسكو أيَّ تدخل لها في الانتخابات الفرنسية والانتخابات الأمريكية. وقال مراقبون إن روسيا التي أبدى رئيسها إعجابا بدونالد ترامب؛ خلال حملة الأخير الانتخابية، ترغب في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غرب أوروبا؛ حيث تتقاطع مصالحها مع موسكو في بعض الملفات المهمة. 3- نهج ترامب جرى السباق الرئاسي الفرنسي تحت هيمنة "ظاهرة ترامب"، فالرئيس الأمريكي، اتخذ من التمرد على المؤسسات السياسية القائمة في واشنطن نهجاً لحملته، وهاجم وسائل الإعلام والنخبة المثقفة، وأبدى شكوكاً في استمرار التعاون مع حلف الأطلسي. وسارت "لوبان"؛ التي أظهرت إعجابها بترامب؛ تقريباً على النهج نفسه؛ حيث دخلت في صراع مع وسائل الإعلام وشكّكت في استمرار فرنسا في الاتحاد الأوروبي، وتريد سحب بلادها من حلف الأطلسي.. وتخشى النخبة الفرنسية من تكرار السيناريو الأمريكي. 4- فزّاعة المهاجرين مثّلت قضية المهاجرين لب الحملات الانتخابية في واشنطن وباريس، فبينما كان ترامب؛ يلقي باللوم على سياسات الهجرة في انتشار الإرهاب والبطالة، تدعو لوبان؛ إلى منع المهاجرين، خاصة من أصول مسلمة، وحذّرت في مناسبات عدة من استقبال فرنسا اللاجئين؛ حيث ترى ذلك خطراً على الثقافة الفرنسية وأمن البلاد. وناشد ساسة فرنسيون على اختلاف انتماءاتهم الشعب بعدم التصويت للوبان؛ محذّرين من انهيار القيم الفرنسية القائمة على الحرية والتعدّدية. 5- خارج الأحزاب التقليدية يأتي "ماكرون ولوبان" من خارج الحزبين التقليديين، وهما: حزب الجمهوريين، والحزب الاشتراكي، حيث يترأس الأول حزب "إلى الأمام" الوسطي، وترأس الثانية حزب "الجبهة الوطنية" اليميني المتطرف. ورغم مجيء الرئيس الأمريكي الحالي من رحم الحزب الجمهوري، فإن الكثيرين يعتبرونه وافداً على الحزب؛ كونه رجل أعمال لم يشارك في أيّ انتخابات، ما يجعله خارج الساحة السياسية التقليدية. 6- سيدة مرشحة يشبه السباق الفرنسي سابقه الأمريكي في وجود سيدة مرشحة تطمح إلى الرئاسة، فعلى غرار هيلاري كلينتون؛ التي كانت تطمح إلى دخول التاريخ كأول رئيسة للولايات المتحدة، تريد "لوبان"؛ أن تحقّق الإنجاز الذي فشلت فيه كلينتون؛ وأن تتربع على عرش الإليزيه كأول رئيسة للجمهورية الفرنسية. 7- العائلة تحت الضوء وبينما كانت زوجة الرئيس الأمريكي ميلانيا ترامب؛ وابنته إيفانكا؛ حديث وسائل الإعلام الأمريكية، تحتل بريجيت ماكرون؛ عناوين الصحف والأخبار؛ كونها المعلمة التي تزوّجت تلميذها الذي يصغرها بـ 24 عاماً. 8-استطلاعات الرأي على الرغم من أن استطلاعات الرأي هي مؤشر تقليدي مهم في الانتخابات، فإن انهيار مصداقية الاستطلاعات في الولايات المتحدة بعدما أعطت كلينتون؛ الأفضلية بينما فاز ترامب؛ بالسباق، أرخت ظلالاً من الشكوك في باريس تجاه استطلاعات آراء الفرنسيين قبل موعد الجولة الحاسمة. وبناءً على المناظرة التلفزيونية بين "ماكرون ولوبان"، ذهبت الاستطلاعات في صف "ماكرون"؛ حيث رأى أغلبية المستطلع آراؤهم أن ماكرون؛ كان أكثر إقناعاً. لكن التجربة الأمريكية تقول إن الخطاب الشعبوي يجد حظوة بين كثيرين لا تشملهم عادة الاستطلاعات، ويفضلون بالإدلاء برأيهم في الصناديق فقط، وهو ما يجعل من انتخابات الإليزيه حابسة للأنفاس هذه المرة.