ليس هناك من هو أفضل من أبناء الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحديث عنه، ونقل صورة حقيقية عن حياته، وتوجهاته، واهتماماته، وأولوياته، وأهمية وقيمة المواطن عنده. الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرمة، هو أحد أبناء الملك الذين تربوا في كنفه، وتتلمذوا على يده، وتلقوا خبراتهم في مدرسته. سألناه والوطن يحتفل بيوم البيعة كعادته في كل عام عن بعض هذه الجوانب، وكان حديثه استكمالا للصورة الجميلة التي تتميز بها شخصية الملك، وإنسانيته، وأبوته الحانية. فقد حدثنا عن عبدالله بن عبدالعزيز الذي لا يشغله شيء أكثر من انشغاله بالمواطن وسلامة المواطن وصحة المواطن وسعادته. كما حدثنا عن الملك الذي يكن له الزعماء والقادة كل الاحترام؛ لأنهم يعرفون من هو عبدالله بن عبدالعزيز المخلص لأمته، والحريص على استقرار المنطقة والعالم. سألناه في البداية: * سمو الأمير.. حدثنا عن الملك عبدالله الإنسان؟ صدقني تعجز الكلمات أن تفيه حقه في هذه المناسبة العزيزة على قلوب أبناء الوطن رجالهم ونساءهم صغيرهم وكبيرهم، ويكفي أنه يحمل همهم جميعا معه أينما حل أو رحل، ودائما ما يوصي المسؤولين في الدولة ويؤكد عليهم أن يضعوا احتياجات المواطن أمام أعينهم، وأن يعملوا على إنجازها وفي أسرع وقت ممكن، لحرصه الشديد على أن يتمتع المواطنون بالحياة الكريمة، وأن لا يعانوا من أي نقص في أي جانب من جوانب الحياة. يوجهنا بسرعة نقل هموم شعبه * بحكم قربكم من خادم الحرمين الشريفين ــ يحفظه الله ــ لا شك بأنكم تتذكرون الكثير من المواقف الإنسانية العظيمة التي اتخذها.. حدثنا عنها؟ نعم، أتذكر عندما كان منوما ــ متعه الله بالصحة والعافية ــ في المدينة الطبية بالرياض العام الماضي، كان دائم السؤال عن أحوال المواطنين، وكان يحثنا باستمرار بأن ننقل له أخبار الوطن والمواطنين أولا بأول، ودائما تأتي توجيهاته للأمراء والمسؤولين الذين يلتقيهم أثناء فترة النقاهة، بأن لا يغفلوا لحظة عن احتياجات المواطن ومتطلباته. ساعد المحتاجين والمرضى أثناء تنويمه * كنتم أبناء الملك بالقرب منه أثناء العارض الصحي، بماذا كان يوصيكم؟ صدقني إذا قلت لك بأن خادم الحرمين الشريفين كان يتحامل على الآلام حتى لا نشعر بمعاناته فنتأثر، وكان كما ذكرت لك دائم السؤال عن شؤون المواطنين، ويأمرنا بأن ننقل له ــ حفظه الله ــ كل ما يتعلق بأحوالهم، وقد وجهنا في تلك الأثناء بمساعدة بعض الأسر والوقوف إلى جانبها عندما علم بظروفها، إلى جانب أمره بمعالجة بعض المرضى الذين كانوا في أمس الحاجة للرعاية الصحية الخاصة، فهو يحرص على إحقاق الحق ونصرة المظلوم ومساعدة المحتاجين. * أخذ الملك عبدالله ــ حفظه الله ــ على عاتقه عتق الرقاب والإفراج عن السجناء وغيرها من أمور الإصلاح، كيف يتابع سموكم هذا المشهد، وما هي أغرب القضايا التي تعرفونها في هذا الشأن؟ الملك عبدالله دائما يحفز ويشجع على عمل الخير، ودائما يؤكد بعدم الضغط على أصحاب الحق، وإفهامهم بتلبية جميع طلباتهم في حال الموافقة، وأن الدولة تقف إلى جانبهم، وأيضا في حال عدم الموافقة على التنازل فإن الجميع معهم لأنهم أصحاب حق، وكثير من المواقف لخادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن، ولكن لعل أكثرها تأثيرا في نفسه ــ حفظه الله ــ عفو ذوي الطفل الذي تعرض لحادث دهس في نجران، فعندما كان في نيويورك لتلقي العلاج أبلغته بأن أسرة الطفل تنازلت عن الحق الخاص لوجه الله تعالى ثم بمناسبة شفائه، فكان لهذا الموقف تأثير كبير في نفس الملك لحظة تعافيه من العملية الجراحية. سؤال أبكانا * حدثنا سمو الأمير أكثر عن توجيهاته لكم رعاه الله. عندما هم بمغادرة جناح الملاحظة الذي لازمه عدة أيام، كان أبناؤه والأطباء المشرفون على المرحلة العلاجية، وعدد من المسؤولين الذين يتحلقون حوله في غاية السعادة، ويكاد الجميع أن يطيروا من الفرحة، وكانت تبدو على محياه حفظه الله لمسة حزن، وخشينا أن تكون تعبيرا عن آلام خفيفة مازالت تلازمه، إلا أن كل هذه المخاوف تلاشت عندما سألناه في محاولة للاطمئنان على حقيقة وضعه الصحي فقال وبسرعة: طمئنوني عن أحوال أهلي، ويقصد بذلك الشعب السعودي الذي لم يفارقه لحظة واحدة حتى أثناء تنويمه، وكم كانت لحظات مؤثرة عشناها حتى أن بعضنا دخل في موجة من البكاء. تابع احتفالات المواطنين بشفائه * سمو الأمير هل تابع الملك الاحتفالات التي شملت أرجاء الوطن بمناسبة شفائه بعد الوعكة الصحية؟ نعم، وكم كانت فرحته وهو يرى شعبه سعيدا بشفائه، وكان أكثر سعادة وهو يشاهد بعض مظاهر الفرح من كبار السن والنساء والأطفال، وكان التأثر واضحا على محياه؛ لأنه يشعر بأنه جزء منهم، يفرح لفرحهم ويحزن لحزنهم. محاربة الفقر بقرارات مفصلية * وما الأمر الذي يشغل بال الملك أكثر من غيره؟ سيدي خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ يسعى جاهدا إلى القضاء على الفقر، وهمه الأكبر أن لا تكون في المملكة أسرة تعاني من الحاجة، ولذلك سعى إلى تحقيق كثير من الخطوات التي ساهمت كثيرا في الحد من الفقر، وذلك عن طريق الزيادة في مخصصات الضمان الاجتماعي، وبناء مشاريع الإسكان في مختلف مناطق المملكة، وتوظيف الشباب، وإتاحة مزيد من فرص العمل للمرأة، فكل هذه الخطوات من شأنها الحد من الفقر الذي أزعم بأن لا وجود له بالشكل المتعارف عليه في مجتمعنا السعودي، وأحب أن أؤكد بأن خادم الحرمين الشريفين يسأل دائما عن مشاريع الإسكان، وتوظيف الشباب، ويستفسر عن وصول المساعدات لمستحقيها، ويوجه دائما ببحث حالات الأسر في جميع مناطق ومحافظات المملكة لكي يشملها الضمان الاجتماعي، فالملك ــ حفظه الله ــ مهموم بهذه الجوانب التي من شأنها تحسين أوضاع الأسر السعودية. قضايا الإسلام والمسلمين همه الآخر * هل كان يتابع الأوضاع الخارجية رغم ظرفه الصحي؟ نحمد الله بأن المواطن السعودي على وجه الخصوص، والمسلمين في جميع أصقاع المعمورة يدركون بأن الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ هو خدمة الإسلام والمسلمين، ومعالجة كثير من القضايا التي تحيق بالأمتين العربية والإسلامية، وقد تحقق ولله الحمد على يديه الكثير من النجاحات التي لا يريد منها إلا الأجر والمثوبة من رب العباد، وأداء الواجبات التي أنيطت به كخادم للحرمين الشريفين، ولا أخفيك بأنه كان يتابع هذه الأوضاع من منطلق إيمانه بدور المملكة الريادي ومكانتها العالمية وتأثيرها القوي في اتخاذ القرارات المفصلية، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية ونصرة كل القضايا العربية. * سمو الأمير، يولي الملك عبدالله ــ حفظه الله ــ جل اهتمامه ورعايته بالحرمين الشريفين، وتوج ذلك بأكبر توسعة في التاريخ، واليوم تتابعون عن قرب مشاريع توسعة المسجد الحرام، حدثنا عن ذلك.. بعد وصوله ــ حفظه الله ــ قبل أيام وعندما وصل إلى جدة، وتوجهنا إلى قصره العامر، باشرني بسؤال عن سير العمل في توسعة الحرم، وأحمد الله أنني تشرفت بزيارة للاطلاع على هذه التوسعة، وأحمد الله أن ما شاهدته من عمل يعتبر مفخرة للأمة الإسلامية، ولا أخفيك أنني كنت في موقف محرج للإجابة على السؤال، لأن الملك يهتم بأدق التفاصيل عن التوسعة، فاتصلت ببعض المشرفين والمهندسين على المشروع وزودوني بالمعلومات التي تشرفت بطرحها أمام الملك الذي قال لي: سأزور الحرم المكي في أول زيارة لمكة المكرمة للاطلاع على هذه التوسعة، وللعلم الملك متابع دقيق للتوسعة وحريص على أن تكون هذه التوسعة التاريخية تحت إشرافه المباشر، ولا نستطيع القيام بأي عمل يتعلق بها ما لم نعد إليه شخصيا. يواجه زعماء العالم بقوة الحجة * عندما يلتقي بالرؤساء والزعماء، كيف يكون النقاش بينه وبينهم حول القضايا المطروحة؟ رافقت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ في كثير من الزيارات الخارجية عندما كنت أعمل في وزارة الخارجية، وتشرفت بحضور بعض لقاءاته ببعض زعماء العالم، وبحكم قربي منه كنت أشعر بمدى الألم الذي يعتصر قلبه جراء ما لحق بالفلسطينيين وما يحيق بالأمتين العربية والإسلامية من خلافات ومشكلات، فكان يواجههم بقوة الحجة، ويطالبهم بإحقاق الحق وتطبيق العدالة، الأمر الذي جعله يفرض احترامه على جميع زعماء دول العالم. * ما هو التنسيق الذي يسبق لقاءات الملك عبدالله بالزعماء في العادة؟ لا شك بأنه كان حريصا على أن تخرج تلك الاجتماعات بالنتائج المثمرة التي تصب في صالح المواطن وتنمية الوطن أولا، وثانيا لرغبته في إيجاد الحلول المناسبة لكثير من القضايا العربية والإسلامية، فيجتمع بالأمراء والوزراء المسؤولين أكثر من أربع مرات في اليوم الواحد للخروج بأفضل هذه النتائج. فكرة الاتحاد الخليجي سترى النور * سمو الأمير، أطلق خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ الكثير من المبادرات، ولعل من أهمها فكرة الاتحاد الخليجي، هل الملك متفائل بتحقيق هذا الاتحاد؟ والد الجميع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لا يطلق أي مبادرة أو يطرح أي فكرة إلا بعد دراسة أبعادها والتأكد من أنها ستحقق الخير للأمتين العربية والإسلامية، وكلنا ندرك بأن فكرة الاتحاد الخليجي من شأنها تحقيق الخير لشعوب ودول مجلس الاتحاد الخليجي، وطالما أطلقها عبدالله بن عبدالعزيز فكلنا على ثقة بأنها سترى النور عاجلا أم آجلا، لأن العرب والمسلمين يعلمون أكثر من غيرهم بأن خادم الحرمين الشريفين يسعى لما فيه الخير للأمة. سر التلاحم القوي * سمو الأمير نحن محسودون على هذه الألفة بين خادم الحرمين الشريفين وشعبه.. ما تعليقكم؟ الحمد لله، ويكفي تلك المشاعر التي أبداها المواطنون تجاه والدهم، والتي تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك التلاحم القوي بين القيادة والشعب، والتي تزيدها الأيام قوة وصلابة، وهي الضمانة بعد الله سبحانه وتعالى للوقوف في وجه التحديات التي تحيق بنا، ويكفي أن المملكة أثبتت تماسكها وصلابتها بفضل هذه اللحمة التي هي مصدر فخر واعتزاز الجميع. لا يقبل أنصاف الحلول * سمو الأمير.. كيف تأتي توجيهاته لأمراء المناطق والمسؤولين، في ما يتعلق بهموم المواطنين؟ سيدي خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ عطوف بطبعه، يتعامل مع كل من حوله باللين، ولكن عندما يتعلق الأمر بقضايا الشعب يكون حازما لا يقبل أنصاف الحلول، ويتعامل بحزم مع بعض المسؤولين خاصة عندما يلاحظ أن أمرا يهم الشعب لم ينفذ، والشواهد كثيرة، فلذلك تأتي توجيهاته صريحة ومباشرة لأمراء المناطق عندما يلتقيهم بعد اجتماعات أمراء المناطق السنوية، أو للوزراء في مجلس الوزراء، إضافة إلى توجيهاته اليومية التي لا تنتهي وكلها تصب في مصلحة الوطن والمواطن. * بماذا أوصاكم الملك لمكة المكرمة وأهلها عندما كلف سموكم بالإمارة؟ أوصاني بهم خيرا، وقال لي بالحرف الواحد أهل مكة أهلي وعليك أن تعاملهم كأهلك، وأهل مكة يستاهلون كل خير، فيكفي أنهم سكان أطهر بقاع الأرض، ولا شك بأن مسؤوليتك يا مشعل كبيرة وعليك أن تتحملها، والناس يضعون آمالهم فيك، وأمام هذه المسؤولية أتمنى بعد توفيق الله أن أكون عند حسن ظن خادم الحرمين الشريفين وإخواني وأخواتي في منطقة مكة المكرمة. يحاسبنا إذا قصرنا * سمو الأمير، أنتم أبناء الملك عبدالله، كيف يلتقيكم، وعن ماذا يحدثكم؟ يعتبرنا من أفراد الشعب السعودي، يتحدث معنا في الشأن العام المتعلق بالمواطن وعن آماله وتطلعاته، وأحيانا يفاجئنا ببعض الأسئلة التي لا تخطر لنا على بال، وكلها تخص المواطنين مثل المشاريع وقضايا الشأن العام، ويحاسبنا بقسوة إذا قصرنا تجاه أي أمر يهم الوطن والمواطن، أما في سن الطفولة فكان يداعبنا بأبوته المعهودة، ويوجهنا إلى الطريق الصحيح، ويحثنا دائما على مخافة الله في السر والعلن. * لاحظنا في مجلس سموكم الأخير حرصكم على دمج المرأة في المساهمة بطرح رؤاها حول العملية التنموية وما يهم الوطن وما يعنيها بشكل خاص، ونعلم جميعا دعم الملك لها، فهل بعد الشورى والمجالس البلدية تطمع المرأة السعودية لمواقع أخرى بما فيها الحقائب الوزارية؟ الملك حريص على أن تكون المرأة شريكة في بناء الوطن، وأكد ذلك في كثير من المناسبات عندما قال إن المرأة هي الأم والزوجة والأخت والابنة، لذلك الملك يريد أن يعطي للمرأة دورا هاما وفاعلا ضمن الضوابط الإسلامية، باعتبارها نصف المجتمع، ولا شك بأنها أخذت ــ أي المرأة ــ حقوقها في السابق وستأخذها في المستقبل ولكن وفق رؤية جديدة وبما لا يتعارض مع الضوابط الإسلامية، ولا شك بأن المرأة شغلت منصب نائبة وزير وهي عضوة في مجلس الشورى والغرف التجارية وفي كثير من مراكز صنع القرار، لذلك لا يوجد هناك ما يمنع من أن تتولى المرأة حقيبة وزارية وكلنا ثقة في أبنائنا وبناتنا بل هم محل الفخر والاعتزاز داخليا وخارجيا. يتابع شؤون الدولة بمساندة ولي العهد * ونحن نحتفل بالبيعة التاسعة لخادم الحرمين الشريفين، ماذا تود أن تقوله سمو الأمير؟ أحب أن أطمئن الجميع بأن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أتم الصحة والعافية، يتابع شؤون الدولة ويحمل هم الأمة أكثر من أي وقت مضى، ويواصل العمل ليل نهار لاستكمال مسيرة التنمية والبناء، يسانده ويساعده سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وسيدي صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ــ حفظهم الله ــ. استقرار نظام الحكم * سمو الأمير، كيف تابعتم عن قرب اختيار الملك للأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا لولي العهد؟ هذا الاختيار يمثل بعد نظر خادم الحرمين الشريفين للمستقبل؛ لإيضاح كثير من الأمور المتعلقة بالاستقرار واحتياجات المستقبل، فلا شك بأن صداها كان كبيرا وواضحا، وهو اختيار طمأن المواطنين داخليا، وأعطى دفعة قوية لمكانة المملكة خارجيا نحو استقرار نظام الحكم في المملكة، فنحمد الله كان الاختيار خطوة جبارة لم يكن أحد يتوقعها. * سمو الأمير.. ما الذي يشغل بال الملك في ظل هذه الظروف والمتغيرات في العالم وفي الدول من حولنا؟ ما يشغل بال الملك قبل كل شيء هو المواطن السعودي، وجلب سبل العيش الرغيد له بصفة عامة، لذلك أؤكد بأن المواطن هو من أوليات خادم الحرمين الشريفين، أما على المستوى الخارجي فكلنا نعلم وقفاته مع الأشقاء في مصر وسوريا وسعيه الجاد لاسترداد حقوق الفلسطينيين، فالملك مهموم بكل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين بشكل عام. * بيان خادم الحرمين الشريفين تجاه المغرر بهم يجسده حرص القائد على أبناء شعبه من الانجراف خلف الفكر المنحرف وإزهاق أرواحهم لحساب قضايا لا تعنيهم ولا يقرها دينهم، كيف قرأتم نتائج ذلك البيان؟ دائما ما يتحدث خادم الحرمين الشريفين ــ حفظه الله ــ عن استهداف شباب المملكة من قبل جهات كثيرة لجرهم للإرهاب والمخدرات، ونعلم أن وزارة الداخلية بقيادة سيدي الأمير محمد بن نايف نجحت في القبض على كميات هائلة من المخدرات كانت تستهدف أبناء الوطن، لذلك كان الملك ومازال يهدف إلى إيضاح كثير من الحقائق للشباب المغرر بهم ووجوب الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي، خاصة أن الجهاد والقيام به واضح للجميع وله أركانه، إلا أن جهات لها مصالح دنيوية تسعى جاهدة للتغرير بشباب الوطن باسم الدين، فمن المؤلم أن يقاتل السعودي أخاه السعودي في الخارج باسم الدين، فالحمد لله كانت ردة الفعل تجاه هذا البيان جيدة حتى من قبل أولياء أمور المغرر بهم. الابتعاث لبناء المجتمع * أطلق الملك عبدالله أكبر عملية ابتعاث طلاب للخارج في التاريخ، فماذا كان يريد منها؟ يريد أن تكون هذه العملية لبنة أساسية لبناء المجتمع، من منطلق أن الفرد هو منطلق بناء الحضارات، فمتى ما تطور فكر الفرد وأصبح ناضجا، يستطيع النهوض بالمجتمع، والتعليم في الدول التي يذهب إليها أبناؤنا وبناتنا يعود بالنفع على المملكة بشكل عام وللمجتمع بشكل خاص؛ لأن النظرة تصبح أشمل وأعم، فلا شك بأن عملية الابتعاث تعتبر قفزة جعلتنا نخطو كثيرا إلى الأمام لأن المبتعثين استفادوا كثيرا في مجالات الحياة المتعددة وكونوا رصيدا لحضارات دول أخرى، أضف إلى ذلك أن كثيرا من الخريجين ومن سيأتي بعدهم مزودا بالعلوم سيسهمون وبفعالية في بناء الوطن وخدمة المجتمع.