×
محافظة المنطقة الشرقية

كلية الطب: رفع جودة خدمات «الطب النووي» - جامعة

صورة الخبر

لعل أفضل ما سمعت خلال الأيام القليلة الماضية هو: أن رؤية 2030 لو لم تحقق من أهدافها سوى تغيير المجتمع وإعادة الشعور بالمسؤولية لدى المواطن نحو دوره لكفاها هذا الإنجاز.. اللغة التي تحدث بها سمو ولي ولي العهد تؤكّد أننا أمام عالم جديد، على الأقل بالنسبة لمن هم في سني الذين بلغوا عقدهم الخامس، فلم نتعود على هذه اللغة الصريحة المباشرة على المستوى السياسي والعسكري والاقتصادي والإداري وحتى الاجتماعي. الحديث الواقعي لسمو الأمير، سواء اتفقنا مع كله أو بعضه، يعبّر عن معطيات العصر الجديد الذي نعيشة الذي يتطلب من المواطن أن يتحمل مسؤولياته إذا ما أراد أن يعيش في وطن آمن ومستقر، وطن قوي عسكرياً ومنتج اقتصادياً. التحديات التي نواجهها كبيرة وربما لم نتعودها في السابق، أو هي كانت موجودة لكن كانت الدولة تتحملها لوحدها، ويبدو أن هذه الرعاية الأبوية التي فرضتها الدولة على نفسها، لعدة عقود، لم تعد مجدية. وفي الحقيقة هي لم تكن مجدية منذ فترة طويلة وكان يفترض أن يكون هذا التحول منذ فترة أبعد، لأنه من الأفضل مواجهة الأسوأ ونحن على قدر من القوة بدلاً من أن نواجه أزمات حادة متوقعة في المستقبل ونحن في حالة ضعف. لعل أفضل ما سمعت خلال الأيام القليلة الماضية هو: أن رؤية 2030 لو لم تحقق من أهدافها سوى تغيير المجتمع وإعادة الشعور بالمسؤولية لدى المواطن نحو دوره لكفاها هذا الإنجاز. وأنا أقول: إن أي تغيير لابد أن يصاحبه صدمات، وبالطبع ستتفاوت هذه الصدمات من شخص إلى آخر. ولعل من يتأمل حديث الأمير سوف يشعر بأنه كان في صراحة الأمير تمهيد للعديد من الصدمات التي يجب أن يتحملها الجميع، فإذا ما أراد المواطنون أن تستمر الدولة في القيام بدورها التقليدي وليس "الرعوي" يجب عليهم أن يتحملوا جزءاً من المهام الصعبة التي كانت الدولة تتحملها. أي أن العقد الاجتماعي الذي بين الدولة وبين الناس هو ليس عقداً من جهة واحدة بل يجب أن يكون هناك حقوق وواجبات من جانب الطرفين. في اعتقادي أن صراحة الأمير ووضوحه كانت مريحة جداً بالنسبة للجميع فليس متوقعاً أن يكون الحديث عبارة عن وعود للمواطنين بل يجب أن يكون حديثاً واقعياً يوازن بين الدولة والمواطن ويحدد العلاقة المستقبلية بينهما بوضوح أكثر. أحد النقلات الكبرى التي أشارت لها المقابلة هي محاسبة الفاسدين، فهذه والله تحتاج لوحدها كتاباً كاملاً، لأن ملف الفساد في بلادنا ثقيل جداً، وأتذكر أنني كتبت عدة مقالات في هذه الصحيفة أتندر فيها على هيئة الفساد وتوقف رئيسها السابق عند عبارة كتبتها قلت فيها: إن هذه الهيئة لم تعمل شيئاً وكأنها تشرع للفساد بسكوتها عنه، واتصل بي معاتباً، فقلت له أقنعني أن كلامي خطأ فسكت الرجل. كان الحديث عن الفساد مجرد للتنفيس عن الهم الذي يثقل الكاهل عندما ترى الفاسد يوغل في فساده ولا يحاسبه أحد. قول الأمير: إن كائنا من كان لن ينجو من العقاب إذا كان فاسداً، هو ما جعلني فعلاً أشعر أن العالم الذي أمضيت فيه خمسين عاماً قد تغير. فهل ما سمعته حقيقة وهل سنرى في الأيام المقبلة حرباً على الفساد والفاسدين؟ انها لهجة تصحيحية قوية لم نعتدها لكنها تثلج الصدر وتبعث على الأمل. بصراحة المقابلة أشعرتني ببعض الخوف كما أشعرتني بكثير من الأمل. الخوف من أن العالم الذي أعرفه لم يعد موجوداً لا يقتصر على الخطاب السياسي والاقتصادي الجريء الذي بدأ يميز بلدنا، بل على نوعية المهارات والأفكار التي يحتاجها العصر الجديد والتي تجعل الكثير من أبناء جيلي في محك التكيف مع الخطاب الجديد الذي لم يتعودوا عليه، والذي يبدو لي هو أنه يجب عليهم أن يكيفوا مهاراتهم وأفكارهم لهذا الخطاب الجديد وإلا وجدوا أنفسهم خارج معادلة التحول فهذه المعادلة تحتاج أدوات جديدة أخشى أن كثيراً من مجايلي لا يملكونها ولم يعد في الوقت متسع كي يملكونها. مخاوف لم أستطع أن أمنع نفسي منها وأنا أرى سمو ولي ولي العهد يتحدث بقوة وثقة عن المستقبل وعما يتطلبه هذا المستقبل من عمل وفكر ومهارات وتحمل للمسؤولية.