×
محافظة المنطقة الشرقية

المرافق: مسؤولية مشتركة في «تطاير الحصى»

صورة الخبر

يتناول يسري مصطفى في كتابه «أوهام الأصالة»، أحد الموضوعات الأكثر إثارة للجدل، وهو موضوع «النسبية الثقافية»، الذي يجري التعبير عنه في الخطابات الثقافية والسياسية الشائعة بالخصوصية الثقافية، فمنذ بدايات التحديث، ووصولاً إلى ما بات يعرف بعصر العولمة، تتعالى الأصوات المطالبة بحماية الهوية والثوابت الثقافية والحفاظ عليها من تيارات العصر العاصفة.وبشكل عام فإن مصطلح النسبية أو الخصوصية الثقافية يعرف في وقتنا الراهن بوصفه المقابل أو النقيض لمبدأ عالمية حقوق الإنسان، وهو الأمر الذي يعني ببساطة أن حقوق الإنسان ليست صالحة بالضرورة لكل الثقافات والنظم الاجتماعية، والسبب في ذلك أن القيم ليست واحدة، لكنها متعددة ومتنوعة ومرتبطة بالسياقات الثقافية والاجتماعية التي أنتجتها، وبالتالي فإن ما يصلح لثقافة أو مجتمع ما، لا يصلح بالضرورة لثقافة أخرى أو مجتمع آخر.ووفق هذا التصور - كما يرى المؤلف - لا يمكن لحقوق الإنسان أن تكون عالمية، بزعم أنها تعبر عن وتعكس قيماً غربية، لا تتفق مع الثقافات غير الغربية، أو باعتبار أن الثقافة تمثل حالات خاصة من القيم والمعايير، وبالتالي لا يمكن لها أن تقبل بما هو عام، إلا في حدود ما يتفق وخصوصيتها.وعلى الرغم من أن الخصوصية لا تعني النسبية، سواء من الناحية اللغوية أو المفاهيمية، فإن استخدامات الخصوصية الثقافية كمرادف للنسبية من الأمور الشائعة، خاصة في اللغة العربية، وسواء تم استخدام النسبية أو الخصوصية فإنه يقصد بهما أن هناك حداً ثقافياً، يفصل المجال الثقافي والقيمي المحلي عن مثيله العالمي وخاصة الغربي، كما أن كلتيهما تشكل نقطة التقاء للعديد من القضايا السياسية والأيديولوجية والعلمية، التي فرضت نفسها على الساحات الأكاديمية والثقافية والإعلامية، مثل قضايا الحداثة والتقليد والذات والآخر وسياسات الهوية، وهي في مجملها قضايا مثيرة للجدل.ويرتكز هذا الكتاب على فكرة رئيسية، وهي نقد مزاعم الأصالة التي يسعى أنصار النسبية الثقافية، أو تعبيرها الأكثر بريقاً الخصوصية الثقافية، إلى ترويجها بزعم الدفاع عن الأصيل والثابت في ثقافات، يريدون احتكار تمثيلها والحديث باسمها، وينبغي التنويه إلى أن الأصالة التي يعنيها الكاتب هنا هي تلك المستخدمة في الخطابات المحافظة، التي تضعها في تناقض وتعارض مع الحداثة والمعاصرة؛ ذلك لأن كلمة أصالة لها معان أخرى، منها الجودة، فالأعمال الأصيلة هي تلك التي تتسم بالجودة والابتكار.