بقى زميلنا بوعلام غبشي العامل بموقع مهاجر نيوز لمدة عشرة أيام في عرض البحر على متن سفينة أكواريوس التي تعمل على إنقاذ المهاجرين. وقال غبشي إن أقوى المشاهد التي واجهته خلال هذه التجربة المهنية دموع الأطفال الممتزجة بمياه البحر، وهي لحظات يختلط فيها الجانب الإنساني مع المهني، واجتاحته خلالها مشاعر خاصة حدثنا عنها في المقابلة التالية كيف كانت هذه المهمة الصحفية الخاصة على متن سفينة إكواريوس؟ هل توقف حضوركم على السفينة على أداء العمل الصحفي أم تعدى أحيانا حدود ذلك؟ لم تتوقف مهمتنا عند العمل الصحفي فقط بل أننا شاركنا في تدريب على الإسعافات الأولية، كما ساعدنا فريق الإنقاذ في تنظيم وتوزيع كل ما له علاقة بالأفرشة والطعام الذي يوزع مرتين في اليوم خلال المدة التي يقضيها المهاجرون على السفينة. وكان أطباء بلا حدود يلتجئون إلي خاصة في مناسبات كثيرة لترجمة تصريحات وطلبات المهاجرين المتحدثين بالعربية القادمين من السودان والمغرب وليبيا. هل الصحفي مهيأ نفسيا لمشاهدة صور مؤلمة ومعايشة لحظات صعبة في حياة أشخاص في خطر؟ في حقيقة الأمر، لا يكون الصحافي عادة متهيئا لمشاهدة صور الموت والخطر، لكنه من المفروض أن يكون على استعداد لذلك للقيام بمثل المهام. لقد شاهدت مثلا جثة مهاجر محمولة على ظهر الماء، المشهد كان صعبا طبعا، لكن خضت هذه التجربة وأنا على استعداد لتقبل كل الصور والمشاهد. أي صورة تعود بها بعد عشرة أيام بعرض المتوسط؟ أقوى المشاهد بالنسبة لي، كانت هيئة أطفال سوريين، تم إنقاذهم، وهم ينقلون إلى أكواريوس بألبسة مبللة كليا، أطفال اختلطت دموعهم بمياه البحر. تدل نظراتهم المصحوبة بصراخ لا ينقطع أنهم يجهلون مصيرهم، ويعيشون حالة من الرعب لا توصف، مشاهد تحيلك على الأسباب التي أدت بكل هؤلاء لهذا الواقع المرير، ولماذا عجز العالم حتى الآن في إيجاد حل يعفيهم من هذه المحن؟. أشعر بنوع من الظلم، تجتاحني موجة من الغضب، وأتذكر، لحسن الحظ بالسرعة اللازمة، أني ركبت سفينة الإنقاذ كصحافي وكشاهد، وكل الأحاسيس الجارفة أدفنها بداخلي، وكل التعاليق أحتفظ بها لنفسي. مليكة كركود نشرت في : 05/05/2017