بداية الكشف عن الجريمة، كانت ببلاغ تلقته الشرطة من الأهالي بالعثور على جثة مجهولة لرجل في صندوق سيارة نصف نقل بالمنطقة الجبلية، ويوجد عليها آثار طلق ناري بالجبهة، انتقل رجال المباحث لفحص مكان وقوع الجريمة والسيارة التي عثر فيها على الجثة، وتبين أن الجثة مسجاة على وجهها وملفوفة داخل بطانية، وأن الجرح الموجود بمقدمة الرأس.. جرح غائر بآلة حادة، وليس طلقاً نارياً، إضافة إلى وجود كسور متعددة بعظام الجمجمة، ما يؤكد تلقي المجني عليه ضربات متلاحقة بشكل مباغت من آلة حديدية، تم تشكيل فريق بحث، لكشف غموض الحادث، وتوصلت التحريات إلى تحديد شخصية المجني عليه، وأنه يدعى شريف، ويبلغ من العمر 27 عاماً، ويعمل سائقاً على السيارة نصف النقل، وخرج من منزله ومعه مبلغ 2000 جنيه، لشراء كمية من الطوب الطفلي لبيعها لأهالي قريته، ولم يعد، وأكد صاحب السيارة اختفاء جهاز الكاسيت الخاص بالسيارة، والهاتف المحمول الخاص بالمجني عليه، في الوقت الذي لم يعثر رجال المباحث على أي مبالغ مالية مع القتيل، بدأت المباحث التحري عن كل أصدقاء المجني عليه والمترددين عليه، الذين يتعامل معهم، وكشفت التحريات أن القتيل كان على علاقة صداقة بخفير مزرعة دواجن وزوجته، وكان يتردد عليهما بصفة مستمرة، لتناول طعام العشاء معهما، وأحياناً ينام في المزرعة طرفهما، بعد استئذان النيابة تم ضبط الخفير خالد محمد «28 سنة»، والسابق ضبطه في 7 قضايا سرقة، وزوجته نورهان «20 سنة- ربة منزل»، وفي البداية أنكرا صلتهما بالجريمة، لكن بتضييق الخناق عليهما، تضاربت أقوالهما، واعترفا بارتكاب الحادث.قرر الخفير المتهم أنه جاء لأسرته بعد ثلاث بنات، فعاش طفولة مدللة، خصوصاً من والدته، التي كانت تخفي عن والده ما يتسبب فيه من مشكلات في البيت وخارجه، وأنه تعرف إلى "شلة" من قرناء السوء، عرف عن طريقهم تعاطي الحبوب المخدرة والبانجو، فكان من الطبيعي أن يفشل في الدراسة، ثم بدأ يسرق محتويات منزلهم، وأموال والده، لينفق على الكيف وملذاته. عندما اكتشف الأب جرائمه، طرده عدة مرات من المنزل، لكن دموع الأم التي كانت لا تتوقف، وكانت الشفيع الوحيد لإعادته، حتى سقط في قبضة المباحث في جريمة سرقة، وبالطبع انقطعت أقدامه بعدها عن المنزل بصفة نهائية، وبعدها احترف حياة المجون والسهر مع اللصوص وخفافيش الليل، وتوالت مرات القبض عليه، فأصبح يقضي يوماً في الخارج وأياماً في السجون، وعرفته معظم أقسام الشرطة، حتى ضاقت به الحال، فقرر الهروب بعيداً عن المدينة التي نشأ بها، وأعين البوليس التي تراقبه في كل مكان.نزح إلى العاصمة؛ حيث تعرف إلى زوجته، وجمع الحب بين قلبيهما، رغم عدم التكافؤ بينهما، ووافقت على الزواج منه، رغماً عن أنف أسرتها، وبالفعل تركت منزل أسرتها وزوّجت نفسها بنفسها بدون أن يكون والدها وكيلها، كما تنازلت عن الشبكة والمهر، وحفل الزواج.أضاف المتهم أنه حاول بعد الزواج أن يكون عند حسن ظن عروسه، وبحث عن عمل شريف، ولم يجد أمامه إلا العمل كخفير في مزرعة الدواجن، لكن الأجر الذي يحصل عليه لم يكن يفي بمتطلبات الحياة.في البداية، رفض أن يخبر زوجته بحقيقة ظروفه المالية، وبدأ في اللجوء إلى الديون التي تراكمت عليه تدريجياً، حتى بلغت عدة آلاف، حتى استاء أصحاب الديون من تعثره، فبدؤوا يطالبون بحقوقهم، فوجد نفسه في دوامة ليس لها أول ولا آخر، وفشلت جميع محاولاته للخروج من أزمته، فاضطر في النهاية لإطلاع زوجته على حقيقة ظروفه المالية، وبعد عدة أيام فوجئ بها تخبره أنها عثرت على الحل، وهو خطة بسيطة، فصديقه السائق يلاحقها بنظراته، فلماذا لا يتخذان منه صيداً ثميناً، يحلان به المشكلات التي تواجههما، خاصة أنه يحمل معه دائماً مبالغ كبيرة لشراء الطوب، وخطتها تتمثل في استدراجه إلى المنزل حتى يضبطهما زوجها في وضع مخل، وبعد ذلك سيصبح من السهل عليهما ابتزازه وإجباره على دفع كل ما معه من نقود.رفض الفكرة في البداية، لكنها أكدت له أن الخطة مضمونة النجاح، وأنها الحل الوحيد أمامهما، وبعد طول إلحاح منها وافق، وبدأت في التنفيذ، لكن عند التنفيذ خرج الأمر من بين أيديهما.ازدادت جرعة الدلال التي تعطيها زوجته للسائق، كلما حضر لزيارتهما، حتى اقتنع أنها صيد سهل، وأصبح كالخاتم في يديها، وينتظر منها الإشارة، وعندما أخبرته بطريقة طبيعية، وكأنها تشكو له أن زوجها سوف يمضي المساء في مهمة عمل خاصة بصاحب المزرعة، وسيتركها الليل كله بمفردها، ولن يأتي إلا في الصباح، رغم أنه يعرف أنها تخاف من النوم وحدها، أسرع وعرض عليها خدماته في صورة مزاح وأخبرها أنه مستعد لقضاء الليل معها فقط ليؤنس وحدتها، وأنه ليس لديه أي غرض آخر، لم يصدق أذنيه وكاد يطير من شدة الفرح، عندما ردت عليه بدلال وأخبرته أنها موافقة على الاقتراح الذي عرضه، وبالفعل حضر في الموعد المحدد، وبمجرد أن طرق الباب كانت في انتظاره وسحبته بهدوء إلى حجرة النوم، وبدأ يحدثها عن شوقه الذي طال لمثل هذه الليلة، منذ أن رآها لأول مرة، وأنه تعمد التعرف إلى زوجها فقط حتى يتمكن من اللقاء بها، وقبل أن يكمل حديثه كان الزوج يقتحم الحجرة وكأن الأرض قد انشقت عنه، وانهال عليه بالضرب وأمره بإخراج كل ما معه من نقود، لكن السائق حاول المقاومة وكاد يتغلب عليه ما دفعه إلى التقاط «البلطة» وانهال بها على رأسه عدة مرات، حتى تأكد من أنه فارق الحياة، فحمل الجثة بمساعدة زوجته إلى سيارته النقل، بعد لفه بالبطانية، ثم قاد السيارة وتركها في المنطقة التي عثر عليها فيها.أضاف المتهم أنه استولى على جهاز الكاسيت الخاص بالسيارة وتليفونه المحمول، إلى جانب مبلغ مالي كان في جيب المجني عليه، وسدد بعضها كديون، في الوقت الذي أحرقت زوجته الهاتف المحمول، بعدما اكتشفت أن ثمنه زهيد، وأرشدت الزوجة المتهمة عن بقايا الهاتف المحمول.أحيل المتهمان إلى النيابة في حراسة مشددة، خشية تعرض أهالي المجني عليه لهما، والثأر لمقتل ابنهما، وأعادا تمثيل الجريمة، وأمرت النيابة بحبسهما على ذمة التحقيق بتهمة القتل العمد، مع سبق الإصرار والسرقة. كشفت أجهزة الأمن غموض مقتل سائق تم العثور على جثته داخل سيارته نصف النقل، الجريمة ظلت لغزاً حيّر رجال المباحث فترة طويلة، حتى تبين أن خفيراً وزوجته وراء ارتكاب الجريمة، وأنهما قاما بقتله لمرورهما بضائقة مالية، رغم الصداقة التي تجمع بينهما، وتم إلقاء القبض على المتهمين، وتبين أن الزوجة تحدت أسرتها حتى تتزوج بحبيب القلب، وعندما تراكمت الديون على الزوج، وأصبح مهدداً بالسجن، لم تعلن هزيمتها، وتلجأ لأسرتها كما تفعل كل فتاة، بل حرضت زوجها على الجريمة، وبعد التخلص من الجثة اعتقدا أنهما قاما بالجريمة الكاملة، وسيفلتان من قبضة العدالة، لكنهما نسيا عدالة السماء.