تحتفل القوات المسلحة بذكرى توحيدها الـ 41 المصادف غداً، والذي جاء إضافة قوية إلى بنيان دولة الاتحاد وترجمة لأحد المبادئ الراسخة التي حرص عليها القادة المؤسسون، إيماناً بدولة الوحدة والعمل على تعزيز ركائزها كي تواصل مسيرة البناء والتطور والنهضة، وستقام بهذه المناسبة عدة احتفالات على مستوى الدولة اليوم وغداً. وشكل توحيد القوات المسلحة سياجاً وطنياً منيعاً لحماية مكتسبات الدولة ومقدساتها وتعزيز الأمن والاستقرار في ربوعها، إضافة إلى تحقيق رسالة الإمارات ودورها في دعم وترسيخ الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي. وتنظم قيادة القوات الجوية والدفاع الجوي احتفالاً في نادي الظفرة الرياضي بمنطقة الظفرة اليوم، فيما يستضيف استاد خليفة بن زايد الرياضي بمدينة العين في اليوم نفسه احتفال حرس الرئاسة، وغداً تنظم القوات البحرية احتفالاً في نادي بني ياس الرياضي الثقافي بمدينة الشامخة بأبوظبي، على أن تنظم قيادة القوات البرية الاحتفال الرابع في المدينة الجامعية بإمارة الشارقة بالقرب من النصب التذكاري. احتفالات وتبدأ الاحتفالات ابتداء من الـ 4 عصراً، وتشتمــل على عدد من الفقرات العسكريــة والتراثية ومعارض المعدات والآليــات والفقرات الشعريــة وعروض المظلييــن والمشـاة والخيالــة والموسيقــى العسكريــة والعــرض الجــوي لفريــق الفرسـان. ودعت القوات المسلحة مواطني الدولة إلى الحضور والمشاركة في هذه الاحتفالات لمشاركة إخوانهم منتسبي القوات المسلحة في هذه المناسبة العزيـزة علــى قلــوب الجميــع. ويعد قرار توحيد القوات المسلحة من أعظم القرارات التي اتخذت في مسيرة دولة الاتحاد، لأنه كان البداية الحقيقية لمسيرة التطوير والتحديث التي شهدتها قواتنا المسلحة على المستويات كافة وفي كل أفرعها حتى أصبحت قوة ضاربة ومسلحة ومدربة وفق أحدث نظم التدريب والعتاد العسكري في العالم لحماية المكتسبات وصنع السلام والمساهمة في حمايته وتحقيقه في المنطقة والعالم. خطى ثابتة وقواتنا المسلحة وهي تحتفل بهذه المناسبة تسير بخطى ثابتة، وعزيمة صادقة، وإرادة صلبة مواكبة للحداثة، وآخذة بزمام التطور في جميع مجالاتها، وهي تمضي قدماً إلى الأمام برعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وبالتوجيهات السديدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وتعد هذه الخطوة التاريخية، من الخطوات العملاقة التي جسدت عمق الإيمان بتجربة الوحدة والمصير المشترك، فكانت اللبنة الأساس والأهم في صرح دولة الاتحاد، والبداية الحقيقية لمرحلة جديدة من العمل الجاد والدؤوب لبناء وتطوير قوات مسلحة إماراتية فاعلة وقادرة على حماية أمن الوطن والحفاظ على مكتسباته. وأثبتت القوات المسلحة الإماراتية على مدى تاريخها الممتد، جدارتها واحترافيتها العالية في القيام بدورها كاملاً داخلياً وخارجياً بكل كفاءة واقتدار، وفي تحمل مسؤولياتها، واستعدادها للتضحية دفاعاً عن حياض الوطن وسيادته وإنجازاته بسواعد أبناء الوطن وقدرتهم على مواكبة أحدث تقنيات الجيوش في عالمنا المعاصر. دور فاعل وأسهمت قواتنا المسلحة في تعزيز حضور دولة الإمارات العربية المتحدة إقليمياً ودولياً من خلال القيام بدور فاعل وبنّاء في عمليات حفظ السلام، والعمليات الإنسانية تحت مظلة الأمم المتحدة، وفي إطار مبادئ الشرعية الدولية، والحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام مبادئ حسن الجوار، ولعل آخر ما قامت به قواتنا المسلحة المشاركة في عملية عاصفة الحزم لإنقاذ الشرعية في اليمن الشقيق. وتلعب القوات المسلحة دوراً حيوياً في تحقيق أهداف سياسة الإمارات الخارجية، وخاصة ذلك الهدف المتعلق بالمساهمة في حفظ الأمن والسلم والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي، كما أنها تمثل طرفاً فاعلاً في مواجهة مصادر التهديد الرئيسية التي تواجه أمن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كالمشاركة في عمليتي «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل» في اليمن والتحالف الدولي ضد «داعش»، والتي تجسد مواقف الإمارات الثابتة تجاه أشقائها في دول مجلس التعاون والعالم العربي والإسلامي، وإعلاء لقيم التضامن في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن الخليجي والعربي وكان لمشاركة القوات المسلحة في مهام خارجية، خليجياً وعربياً ودولياً، دور في تعزيز مكانة الإمارات عالمياً، وبات ينظر إليها على أنها طرف فاعل في تعزيز السلام والاستقرار العالميين. ومرت القوات المسلحة بعدة مراحل منذ البدايات وحتى توحيدها، حيث تم التركيز في المرحلة الأولى على إنشاء قوة ساحل الإمارات المتصالحة وتأسست في 11 مايو 1951 بقرار ملكي رقم 1 لسنة 1951 تحت بند 82 من قبل حكومة المملكة المتحدة، وبعد مشورة حكام الإمارات المتصالحة، وقد أطلق عليها الإنجليز «قوة ساحل عُمان»، والتي أصبحت تعرف بعد ذلك بـ«كشافة الإمارات المتصالحة» وكان تنظيم القوة يتكون من 5 سرايا مشاة وسرية إسناد وسرية اللاسلكي وسرية التدريب وسرية المشاغل والسرية الطبية والموسيقى العسكرية ومدرسة تعليم الصغار، وتمركزت قيادة القوة في بداية تأسيسها في معسكر القاسمية بإمارة الشارقة، ثم انتقلت إلى معسكر المرقاب لاحقاً، واتخذت من منطقة المنامة التابعة لإمارة عجمان مركزاً للتدريب. وفي مرحلة التطوير الأولى التي بدأت عام 1951 مرحلة تأسيس القوة تحت اسم بـ«قوة ساحل الإمارات المتصالحة»، والثانية عام 1956 تغير اسم القوة إلى كشافة «TOS»، أي «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة»، والثالثة في 21 ديسمبر عام 1971 كانت بداية استلام القوة من الحكومة البريطانية، وتغيرت من مسمى «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة»إلى «قوة دفاع الاتحاد»، وبعد أسبوع من هذا التاريخ سلمت الحكومة البريطانية قيادة القوة إلى وزير دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة. قوة دفاع الاتحاد وتشكلت قوة دفاع الاتحاد في 27 ديسمبر 1971 بقرار من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وعلى إثر تسليم الحكومة البريطانية لقوة ساحل الإمارات المتصالحة إلى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، تشكلت قوة دفاع الاتحاد، وأنيطت قيادتها والإشراف عليها بوزير الدفاع، وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة، سرية مدرعات العقرب، وسرية الإسناد، وسرية التدريب، وسرايا الخدمات الإدارية والفنية والموسيقى العسكرية ومدرسة الصغار العسكرية، وتمركزت قيادة القوة في معسكر المرقاب بإمارة الشارقة، واتخذت من منطقة المنامة بعجمان معسكراً للتدريب، ومرت بمراحل التطور الأولى عام 1971 وهي مرحلة بداية استلام وتشكيل قوة دفاع الاتحاد من الحكومة البريطانية والثانية عام 1974 بتغيير مسمى «قوة دفاع الاتحاد» إلى «القوات المسلحة الاتحادية». القوات المسلحة الاتحادية وفي عام 1974 وبقرار من وزير الدفاع تم تغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد إلى «القوات المسلحة الاتحادية»، مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة لتواكب التحديث والتطوير في الدولة، مع إبقاء نفس الواجبات والمهام والتنظيم ومرتبات القوة البشرية والتسليح والمعدات ونفس مواقع التمركز لقيادة القوة والسرايا ومركز التدريب، وتكونت القوات من سبع سرايا مشاة، وسرية مدرعات العقرب، وسرايا الإسناد، وسرية المظلات، وسرية الأشبال، وسرية الأولاد، وبقيت هذه القوات تحت إشراف وزارة الدفاع. التوحيد كان لابد من أن يواكب قيام الاتحاد تطور كمي ونوعي في القوات المسلحة من وحدة صغيرة الحجم إلى قوة تضم كافة تشكيلات القتال والإسناد الناري والإداري لتتناسب مع دورها الجديد، مع الالتزام بعقيدة قتالية دفاعية ترتكز على مبادئ الإسلام الحنيف، وكان لابد لتحقيق ذلك من وجود قوات مسلحة موحدة تحت علم واحد وقيادة واحدة، ومن هنا جاءت الخطوة التاريخية بقرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة في 6 مايو عام 1976، وذلك في منطقة أبو مريخة، برئاسة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله. وصدر بيان المجلس الأعلى للدفاع والذي ينص على «أنه انطلاقاً من سعينا المستمر لدعم الكيان الاتحادي، وتوحيد أركانه، وتعزيز استقراره وأمنه وتقدمه، وإيماناً بالمسؤولية التاريخية التي تفرض علينا العمل بروح التجرد والإيثار، وإذابة كل الحواجز التي تعوق تفاعلنا الذاتي، وتحقيق الاندماج الكامل لمؤسسات الدولة، واستجابة لرغبة أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد في الانطلاق نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب، تم دمج القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة، لتكون السياج القوي الذي يحمي الوطن وتؤدي دورها القوي كقوة للعرب». قرار تاريخي وصدر القرار التاريخي لرئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم 1 لسنة 1976 في شأن توحيد القوات المسلحة الذي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى «القيادة العامة للقوات المسلحة»، وقد شمل القرار إنشاء ثلاث مناطق عسكرية هي المنطقة العسكرية الشمالية «القوة المتحركة برأس الخيمة سابقاً»، والمنطقة العسكرية الغربية «قوة دفاع أبوظبي سابقاً» والمنطقة العسكرية الوسطى «قوة دفاع دبي سابقاً»، وإنشاء لواء اليرموك ويضم كافة قوات جيش الاتحاد والحرس الوطني في إمارة الشارقة وحرس إمارة أم القيوين وقيادة القوات البحرية وقيادة القوات الجوية ومعاهد التدريب الرئيسية «كلية زايد الثاني العسكرية، ومدرسة المشاة، ومدرسة المظليين، ومدرسة الدروع، ومدرسة المدفعية»، وتم توحيد العلم العسكري والشعار والزي العسكري، وأعلام القادة على مختلف مناصبهم. وفي عام 1978 صدر قرار رئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم 1 لسنة 1978 في شأن استكمال تنظيم القوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تناول استكمال وحدة القوات المسلحة وإعادة تنظيمها بدمج القوات البرية والبحرية والجوية دمجاً كاملاً على جميع المستويات وإلغاء قيادات المناطق العسكرية وتحويل قواتها إلى ألوية وتشكيلات عسكرية نظامية وتخويل القيادة العامة للقوات المسلحة سلطة السيطرة الكاملة على جميع القوات والتشكيلات البرية والبحرية والجوية أينما وجدت وربط هذه القوات والتشكيلات ربطاً عضوياً ومباشراً بالقيادة العامة وتعيين قائد عام للقوات المسلحة في الدولة. وتتولى وزارة الدفاع والقيادة العامة للقوات المسلحة إعداد مشروعات القوانين والأنظمة والقرارات الخاصة باستكمال تنظيم القوات المسلحة وتحديد صلاحيات القادة واختصاصاتهم. ريادة أثبتت القوات المسلحة على مدى تاريخها الطويل قدراتها العالية في القيام بدورها كاملاً داخلياً وخارجياً بكل كفاءة واقتدار، وفي تحمل مسؤولياتها، واستعدادها للتضحية دفاعاً عن تراب الوطن وسيادته وإنجازاته بسواعد أبناء الوطن وقدرتهم على مواكبة أحدث تقنيات الجيوش في عالمنا المعاصر. وأسهمت قواتنا المسلحة في تعزيز حضور الدولة إقليمياً ودولياً من خلال القيام بدور فاعل وبنّاء في عمليات حفظ السلام، وقد شاركت في قوات الردع العربية في لبنان من 1976 إلى 1994، كما شاركت في حرب تحرير الكويت خلال حرب الخليج 1990 إلى 1991، ومشاركة بكتيبة مشاة ضمن قوات المراقبة الدولية التابعة للأمم المتحدة (عملية أعادة الأمل في الصومال 1993 إلى 1994). كما شاركت بالكتيبة الخامسة والثلاثين للمشاة المحمولة الميكانيكية ضمن قوات الكيفور (عملية الأيادي البيضاء في كوسوفو 1999) وقوة إلى فوج الكويت أثناء حرب العراق 2003 وساهمت القوات المسلحة في مشروع التضامن الإماراتي لنزع الألغام من جنوب لبنان بين عامي 2001 و2003، وإرسال قوات إغاثة الشعب الأفغاني (عملية رياح الخير) وإرسال قوات لإغاثة الشعب الباكستاني من الفيضانات عام 2010 وإرسال قوات إغاثة الشعب الليبي من الحروب الداخلية 2011، وكذلك المشاركة في قوات التحالف العربي بقيادة السعودية. الخدمة الوطنية جاء قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية وانخراط أبناء الوطن في التجنيد الإلزامي للذكور والاختياري للإناث، ليشكل مرحلة جديدة في حياة الوطن والقوات المسلحة، وإضافة حقيقية وقوية لبنيان الاتحاد. وأثبتت النتائج المبهرة التي تحققت حتى الآن بما لا يدع مجالاً للشك، أننا لسنا أمام تجربة حديثة لدولة فتية، بل تجربة لدولة ناهضة صلبة تقوم وتعتمد على سواعد أبنائها الذي يشكلون اليوم العناصر الأساسية لجيش دولة الإمارات الحديث كأحد المواقع الرئيسية التي يلتحق بها الذين ينطبق عليهم قانون الخدمة الوطنية والاحتياطية.