حينما نقابل شخصاً ما، عادة ما يضع عقلنا ذلك الشخص داخل تصنيف معين: هو رجل، امرأة، صديقك، أو جارك.. راقب حدوث هذا الأمر داخل عقلك حينما تقابل أو تتحدث مع زميل عمل، أو موظف مبيعات، أو أحد أفراد أسرتك. ونتيجة لذلك، فإن الدماغ يلخص ويبسط أطناناً من التفاصيل إلى شيء واحد، ولكنه يدخل تحت تصنيف مجموعة عناوين رئيسية، والتي تسهل علينا معرفة كيفية التصرف، على سبيل المثال "يا إلهي، هذا مديري (حماتي، شريكي، أو شرطي المرور، أو النادل).. والآن أعرف ما يجب علي فعله". وتعد عملية وضع الوسوم تلك عملية سريعة وفعّالة وتصل إلى المضمون، وعلى الجانب الآخر، تحتوي عملية التصنيف على عديد من المشكلات، إذ إنها تثبت الانتباه على السمات الظاهرة بجسم الإنسان مثل العمر أو النوع الاجتماعي أو الجاذبية أو الوظيفة، كما تؤدي إلى تصنيف الآخرين (مثل "امرأة جميلة" و "رمز للسلطة") بدلاً من التعامل معهم باعتبارهم بشراً. الأمر يجعلنا نعتقد بأن الشخص المتألف من تعقيدات متغيرة هو كيان موحد ثابت، ومن السهل أن تشعر بأنك مهدد من قبل شخص قد وصفته بأنه هذا أو ذاك، والتصنيف هو بداية الدخول في الوضع الخطير الذي يتمثل في "نحن" و"هم"، "التعصب"، و"التمييز". اقلبها على الوجه الآخر أيضاً، كيف يبدو لك الأمر حينما تعلم بأن شخصاً آخر قد وضعك في تصنيف ما؟ في الواقع، إنهم قد شيّؤوك وحوّلوك إلى نوع من "كائن" يمكن أن يُتحكم به، أو يُستغل أو يُنبذ، وفقدت نظرتك لنفسك كـ "أنت"، كيف يبدو هذا الشعور؟ أكيد لا يعجبك إلى حد كبير. بالطبع، فإنه طريق ذو اتجاهين - إذا لم نرغب بحدوثه لأنفسنا، فهذا سبب جيّد لعدم القيام به تجاه الآخرين. كيف؟ قد يصبح هذا التدريب مجرداً أو فكرياً، لذا حاول أن تجعله واقعياً وقريباً من تجربتك. وحينما تقابل أو تتحدث إلى شخص ما، بدلاً من اتخاذ رد فعل تجاه ما يبدو عليه جسده أو ما يفعله أو أي فئة يدخل ضمنها، افعل الآتي: كن على بيّنة بالعديد من الأشياء التي يمكن أن يكونوا عليها - مثل ابن، أخ، أب، عم، أستاذ مدرسة، ملحد، متقاعد، أميركي، صياد، محافظ سياسياً، ناجٍ من السرطان، صدوق، ذكي، متبرع لجمعية الشبان المسيحية، قارئ للروايات البوليسية، إلخ. تعرف على بعض الأفكار والمشاعر وردود الأفعال العديدة التي تَجُول في ذهن الشخص الآخر. ومع العلم بتعقيد دماغك، حاول أن تتخيل بعضاً من عديد من الأفكار المحتدمة داخل وعيهم. كن على دراية بالتغييرات الخاصة بك -متيقظ في لحظة ما وناعس في أخرى، وعصبيّ الآن وهادئ لاحقاً- وانظر إلى التغييرات التي تحدث في الشخص الآخر. الشعور بمدى وقع الأشياء عليك، سيجعلك تشعر بوقعها على الشخص الآخر، ثمة اختبار للأشياء مثل - اللذة والألم، الراحة والإجهاد، الفرح والحزن- تماماً كتلك التي توجد بداخلك. هذه الذاتية المتأصلة للتجربة، وهذا النوع من الكينونة - يكمن وراء ويتجاوز أي سمة، هوية، أو وظيفة يمكن أن تكون لدى الشخص. مع الأخذ في الاعتبار أن لديك ما هو أكثر من أن يشمله أي تصنيف على الإطلاق، وأن هناك لغزاً ما بداخل قلبك -ربما يكون مقدساً- قدّم للشخص الآخر هدية معرفة هذا الأمر عن نفسه كذلك. في البداية، حاول القيام بهذا التدريب مع شخص محايد بالنسبة لك، لا تعرفه جيداً، كسائق آخر في المرور، أو شخص يقف معك في صف الانتظار لشراء البقالة. ثم جرب الأمر مع الأشخاص المقربين منك، كصديق أو أحد أفراد الأسرة، أو شريك حياتك، وأيضاً مع الأشخاص الذين يمثلون تحدياً بالنسبة لك، كقريب انتقادي، أو رئيس مخيف، أو مراهق متمرد. كلما كانت العلاقة جديّة ومهمة، ساعد هذا في رؤية البشر، لا هيئاتهم. هذا الموضوع مترجم عن موقع Psychology Today. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط .