شقران الرشيدي- سبق- هنغاريا "المجر": عندما تقرأ عن مدينة "بودابست" عاصمة هنغاريا (المجر) قبل أن تسافر إليها تحبها، وعندما تحتضنك شوارعها، وتتجول في أسواقها، ومبانيها التاريخية، والسياحية العديدة تحبها أكثر؛ لجمالها، وبساطة شعبها، والمناظر الطبيعية الخلابة، والتاريخ، والميادين العريقة، والتنوع الثقافي النابض بالحياة، ومنتجعات المياه المعدنية الساخنة التي تتميز بها المدينة؛ حتى غدت "بودابست" واحدة من أكبر المراكز العلاجية المتخصصة في أوروبا. و"بودابست" العاصمة تنقسم إلى جزأين هما "بودا" و"بست" (بشت كما يلفظها أهلها)، الجزء الأول يمتاز بالعمران التاريخي، والمراكز الثقافية، والمطاعم الراقية، والمقاهي، والجولات السياحية، والأسواق المسقوفة والمفتوحة المزدحمة، والثاني بالتلال المرتفعة، والحدائق الجميلة، والإطلالة الرائعة، والقصور التاريخية، ويفصل بينهما نهر "الدانوب" الشهير بمياهه المتدفقة من الغابة السوداء بألمانيا، ليشكّل كل هذا في نهاية الأمر مدينة واحدة رائعة هي "بودابست" التي تعدّ حالياً المركز الحكومي، والتجاري النابض، وأكبر سادس مدن الاتحاد الأوروبي، وسكانها يتجاوزون مليوني نسمة.. ومدينة "بوادبست" حضارية ذات إيقاع عصري جميل، كأحد أهم المراكز الثقافية الأوروبية التي تتمازج فيه عراقة الشرق بملامحه المتنوعة، وتاريخ الغرب الصناعي الحديث، وهي مدينة "القولاش" الأكلة الهنغارية الشهيرة، "مرق اللحم" اللذيذ، وفلفل "البابريكا" الأحمر الذي يفضله الهنغاريون، والمنتشر في شتى مجالات الطبخ الهنغاري المتنوع، وهي مدينة الفروسية والصيد، والغابات الكثيفة، والمناخ المعتدل.. مدينة حافظ أهلها على هويتهم، ولغتهم، وإرثهم الخاص خلال عقود طويلة من الاحتلال الأجنبي منذ دمرها الغزو المغولي، وحكم الإمبراطور "هابسبورغ"، وسيطرة الدولة العثمانية الإسلامية، وهيمنة شيوعية السوفيات، ومحاولة فرض ثقافتهم الحمراء على مسارات الحياة الهنغارية، وصولاً إلى انطلاقها الحالية كجمهورية مستقلة ديمقراطية نحو مراكز التقدم، والتطور الحضاري الذي يلاحظه الزائر في مختلف مفاصل المدينة، وفي سمات الشعب الهنغاري المبتسم الطيب. ومعالم "بودابست" متنوعة على ضفتي النهر؛ فـ"قلعة بودا"، المدرجة على "قائمة التراث العالمي" من اليونسكو، وتسمى أحياناً بالقصر الملكي السابق أو قصر الحدائق، تضم في جنباتها متحف التاريخ، والمتحف الوطني، وصالة الفن المعاصر، والمكتبة الوطنية، وبالقرب منها قلعة "هازباستيا" أو قلعة الصيادين التي حولها العثمانيون إلى مسجد، وأصبحت حالياً مبنى تاريخياً سياحياً، ومن المعالم المميزة أيضاً مبنى البرلمان الهنغاري الذي يعدّ ثالث أكبر مبنى برلماني بعد الأرجنتين، ورومانيا، ويتميز بجدرانه وأعمدته المطلية بالذهب، ويتوسطه قاعة "التاج الملكي" الذي يعتبره الهنغاريون رمزاً وطنياً مهماً، كذلك يبرز ميدان أبطال الحروب، ودار الأوبرا، وقصر الموسيقى، وقصر الفنون التاريخي. ويظلّ الرابط الوثيق بين ضفتي المدينة "جسر السلسلة" (زيتشني لانشيد)، أو "جسر الأسد"، وهو الأقدم بين عدد من جسور أخرى تربط أطراف المدينة الجميلة بانسيابية تامة. وبالطبع لا تكتمل زيارة "بودابست" دون زيارة منتجعات المياه الساخنة العلاجية في "زسيشني" التي تشتهر بها، وجعلتها إحدى أهم وجهات العلاج الطبيعي السياحي، إضافة إلى بعض الحمامات التركية الأصلية التي تعود إلى القرون الوسطى، وتظل جزيرة "مارغريت" التي تتوسط نهر "الدانوب" بمساحتها الخضراء الشاسعة منتجعاً رياضياً وعلاجياً على مستوى عالٍ من الانضباط الصحي. أما مدينة "هرينات" في أقصى الشمال الهنغاري الجميل، فزيارة لمصنع "بورسلين" فيها، والذي أنشئ عام 1826م تمنح الزائر فكرة متكاملة عن جودة الصناعة الهنغارية، وتكامل نشاطاتها المزدهرة المنتشرة في أوروبا. وبالتأكيد فإن زيارة لنادي الفروسية، وإسطبلات "بابولنا" الوطنية بخيولها ذات الأصول والأسماء العربية تعكس التأثير الحضاري المتبادل بين الشرق الإسلامي والغرب الأوروبي في هنغاريا منذ مئات السنين. وتسعى "بودابست" حالياً من خلال تقديم برامج سياحية متنوعة استقطاب أكبر عدد من السياح السعوديين للترفيه، والعلاج بالمياه الساخنة، لا سيما وهي تمتاز بالهدوء، والأمن في بلد جمع بحق سحر الشرق الغامض بجمال الغرب المتقد في بوتقة واحدة. الجدير بالذكر أن رحلة "بودابست" التي شاركت فيها "سبق" نظمتها لجنة الإعلام السياحي بمجلس الغرف السعودية، برئاسة عبدالرحمن الصانع ضمن فعالياتها النشطة في تعزيز دورها المهم، وترسيخ العلاقات السعودية الهنغارية في مختلف المجالات السياحية بين البلدين.