أكاديمي وداعية من أبرز زعماء السنة في العراق، والرئيس السابق لديوان الوقف السُّني. التحق بالعملية السياسية بعد الاحتلال الأميركي للعراق، وحاول توحيد جهود السياسيين السنة في مقابل الجهد السياسي الشيعي، وكان صوته قويا عاليا ضد التدخل الإيراني في بلاده، وعارض سياسات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فكان أن تعرض لعدة محاولات اغتيال، واتُّهم بالإرهاب وغادر العراق مجبرا. المولد والنشأةولد عدنان محمد سلمان الدليمي في محافظة الأنبار غرب العراق عام 1932. وتنتمي أسرته إلى عشيرة "البوعيثة"، وفي توثيق نسبه يقول الدليمي "يتصل نسبنا (أعني الدليم) بقبيلة الزبيد اليمنية التي ينتسب إليها كثير من العشائر العربية العراقية، وتنتمي عشيرة البوعيثة إلى عشيرة أكبر وهي عشيرة البوذياب التي تسكن مقابل مدينة الرمادي". الدراسة والتكويندرس في المساجد وتتلمذ على أيدي شيوخ كبار منذ أن كان عمره 18 عاما، ومنذ صغره اهتم بالدعوة والإرشاد. حصل على شهادة الماجستير عام 1965 من كلية الآداب بجامعة القاهرة، ثم على شهادة الدكتوراه في اللغة العربية عام 1969. الوظائف والمسؤولياتعمل في التدريس لمدة خمسين عاما في جامعات عربية مختلفة، وقضى نصف المدة المذكورة في كلية الآداب بجامعة بغداد. التوجه الفكريتعرّف الدليمي وهو طالب على الكثير من التيارات والأفكار، لكنه اختار مبكرا الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين في العراق. التجربة السياسيةتعرض عدنان الدليمي لمطاردة النظام السابق في العراق خلال التسعينيات، فاختار مغادرة البلاد عام 1994 متجها إلى الأردن، حيث عمل في جامعة الزرقاء الأهلية عميدا لكليتي الآداب والشريعة، وكان أستاذا للدراسات العليا فيها. برز اسمه بعد عودته إلى العراق قادما من العاصمة الأردنية عمّان، حيث شارك في العملية السياسية بعد سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين عام 2003. وعيّن الدليمي بعدها مستشارا لرئيس الجمهورية العراقية جلال الطالباني لفترة وجيزة، لكنه غادر منصبه ليشكل كيانا سياسيا أطلق عليه "مؤتمر أهل العراق"، تمهيدا للمشاركة في انتخابات عام 2005. شارك بـ"المؤتمر" مع الحزب الإسلامي العراقي بزعامة طارق الهاشمي وزعيم جبهة الحوار خلف العليان، في تشكيل جبهة التوافق العراقية (أكبر تكتل للسنة عام 2005)، وحصلت هذه الجبهة على 44 مقعدا في البرلمان العراقي. وعن الغاية من تأسيس هذه الجبهة، يرى الدليمي -في حديث للجزيرة عام 2005- أنها "تهدف لتشكيل تكتل قوي يجمع العراقيين من أجل الوقوف في وجه الشعوبيين، وفي وجه الذين يريدون أن يقسّموا العراق ويبددوا الثروات. الجبهة تقف في وجه الذين يحكمون العراق وعوائلهم ونساؤهم بالخارج". برر الدليمي موقفه من المشاركة في العملية السياسية بينما يخضع العراق للاحتلال الأميركي بالقول إن "التاريخ يحدثنا عن الدول التي احتلت أنها كانت فيها جماعات تعمل بالمجال السياسي وتفاوض وتؤلف الأحزاب والتكتلات وتناشد الأمم، وإلى جانب هؤلاء كان هناك أناس يحملون السلاح ليقاوموا المحتل، ليس هناك تعارض بين الجانبين"، وكرر دعوته لسيادة العراق وتحرره كما أعلن رفضه تقسيم بلاده. انتقد سياسية حكومة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ودَعَم تحركات السنة المعارضة لهذه السياسية، فقد قال في حوار صحفي إن "أهل السنة في العراق غاضبون من رئيس الوزراء نوري المالكي ومن جميع الأحزاب الشيعية لأنهم تمادوا في ظلم السنة (..) وعمدوا إلى تحويل العراق إلى دولة شيعية يكون العرب السنة خارجها". عارض الدليمي التدخل الإيراني في بلاده، وقال إن "العراق أصبح في قبضة يد الشيعة الموالين لإيران والذين يدينون لها بالولاء المذهبي والسياسي، وإيران في الواقع هي التي تدير الحكم في العراق عن طريق عملائها الذين يحكمونه". واستمر الدليمي رئيسا لكتلة "جبهة التوافق" في البرلمان العراقي لدورتين، حتى أصدر المالكي مذكرة قبض بحقه، اتهمه فيها بـ"الإرهاب"، واعتقل اثنين من أبنائه، وأغلق مقر حركته السياسية في بغداد. ونظرا للمضايقات التي واجهها -ومنها تعرضه لعدة محاولات اغتيال- لم يمكث الدليمي في بلاده طويلا، فقد ترك العراق عام 2007 واستقر في الأردن بعد صدور مذكرة اعتقال من القضاء العراقي بحقه بتهمة دعم الإرهاب، كما صدرت بحقه أحكام قضائية. المؤلفاتصدر للدكتور عدنان الدليمي -المعروف بلقب "رحالة الجامعات العربية"، كونه عمل في جامعات بدول عربية مختلفة- عدة مؤلفات، من بينها كتاب "ثلاث رسائل لغوية". نقل أبرز محطات حياته في كتاب "آخر المطاف سيرة وذكريات"، ولخص أسباب تأليفه بالقول إن "التاريخ يجري ويسهم في صياغته وتسجيل أحداثه البشر، وكل إنسان مهما كبر أو صغر له إسهام في تسجيل صفحات التاريخ، وقد تكتب تلك الصفحات أو تهمل، ولكن هناك سجل رباني يحفظ كل تحركات البشر ولا يزكي الأنفس إلا الله، وهو المجازي". الوفاةقبل نحو عامين من وفاته، أجبر المرض الدليمي على الابتعاد عن عالم السياسة، واستقر في أربيل. وإثر تدهور حالته الصحية، فارق الحياة في أحد المستشفيات يوم 3 مايو/آذار 2017 عن عمر بلغ 85 عاما.