×
محافظة المنطقة الشرقية

أياكس يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي

صورة الخبر

الفكر والثقافة يقفان في وجه صراع الحضارات ليس التفكير في حلول ثقافية لكل ما يحيق بالإنسان اليوم مجرد يوتوبيا حالمة، حيث أن الصراعات الإنسانية التي تشتد يوما فآخر، تعود في أغلبها إلى أسباب ثقافية، أو ما يطلق عليه “صراع الحضارات”، وهو ما يستدعي من مختلف الشعوب اليوم طرح مقاربات فكرية وثقافية مختلفة لتجنب الوقوع في دوامة الصراعات التي قد تقود الإنسانية إلى نهايتها.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2017/05/03، العدد: 10621، ص(15)]صراع الحضارات يدخل عالم الأدب والفن (لوحة للفنان نبيل علي) هل نجح العرب في تحديد ملامح مستقلة لكل شعب من شعوب الشرق أم أنهم كانوا بالنسبة إليه “آخر مطلقا”؟ سؤال طرحه الباحث صديق محمد جوهر رئيس قسم اللغة الإنكليزية في جامعة الإمارات، في لقائه ضمن البرنامج الثقافي لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته السابعة والعشرين، التي اختتمت الثلاثاء، ليتحدث حول علاقة العرب والصين بوصفهما “آخر” في الثقافة الغربية، حيث سعى إلى مقاربة إجابته عبر قراءة متأنية في نماذج من الأدب الغربي. صورة نمطية قال جوهر إن فرانسيس فوكوياما في كتابه “نهاية التاريخ والإنسان الأخير” اتفق مع صموئيل هنتنغتون في كتابه عن صراع الحضارات “صدام الحضارات وإعادة تشكيل العالم” على عدة نقاط رئيسية من أهمها ما يلي: أولا إن زمن حروب الأيديولوجيات أو الحروب لأسباب سياسية قد ولى في أعقاب انهيار سور برلين. ثانيا إن الحروب القادمة سوف تكون بين الحضارات وهي حروب دينية خاصة بين الإسلام والمسيحية الغربية. ثالثا أن هناك تهديدات قادمة من الشرق الأوسط الإسلامي ومن الشرق الأقصى الآسيوي خاصة من الصين مازالت تحيق بالغرب وبالإمبراطورية الأميركية رغم زوال الخطر السوفييتي. ورابعا خلص فوكوياما وهنتنغتون إلى ضرورة التصدي للتهديد الذي مازال يشكل خطراً على الهيمنة الأميركية ويقف في وجه سيطرة الأفكار الليبرالية الغربية على العالم.الصور النمطية عن العرب والمسلمين تراكمت في الوجدان الغربي منذ عصور وتم تعزيزها من خلال السينما والتعليم وفي جانب آخر تتشكل نقطة خامسة في فكر المفكرين، فقد أوضحا أن المسلمين قوم متعصبون لدينهم ويحلمون بعودة سيطرتهم على العالم مثلما حدث في العهد الأندلسي، ولكنهم في الوقت الراهن لا يملكون القوة العسكرية للقيام بذلك. ولكن المد الإسلامي القادم من دول مثل إيران يمثل خطراً على الليبرالية الغربية السائدة، علاوة على أن الصينيين قوم ذوو حضارة قديمة وقد برزت قوتهم الاقتصادية والعسكرية في الآونة الأخيرة وهم في طريقهم إلى تحدي المشروع الغربي الأورو-أميركي، ولذلك يجب عدم تجاهل هذه التطورات. وأوضحت المقاربة التي تحدث عنها الباحث صديق محمد أعلاه أن الشرق العربي الإسلامي وبلاد الصين الواقعة في أقاصي الشرق الآسيوي يشكلان عدواً حقيقياً للغرب، لذلك يجب مواجهتهما في آن واحد. ومن أجل القضاء على العدو يجب أن يُشيطن أولاً حتى يتم إيجاد مبررات للمواجهة المحتملة، ومن ضمن آليات الشيطنة خلق وترويج صور نمطية ملفقة عن العدو واتهامه بالتوحش والبربرية والهمجية حتى يسهل القضاء عليه. والصور النمطية عن العربي معروفة ومتأصلة في الذاكرة الجمعية الأورو-أميركية؛ فالعربي المسلم بدائي، متخلف، قاتل، خائن، مخادع، وهو يحتقر النساء كما أنه شهواني مثل شهريار في حكايات ألف ليلة وليلة. والمرأة العربية مقهورة، مستكينة، تعيش داخل الجيتو النسائي “الحريم” ولكنها شهوانية مثل كليوباترا عشيقة أنطونيو وزليخة امرأة حاكم مصر التي حاولت إغواء يوسف الصديق، علاوة على أن الشرق العربي ليس سوى إبل وصحارٍ وشعوب تكره الحضارة والتمدن.صديق محمد جوهر: بعض المفكرين الغربيين يرون الشرق عدوا لدودا لهم وأضاف جوهر أن الصور النمطية عن العرب والمسلمين قد تراكمت في الوجدان الجمعي الغربي على مدار العصور وتم تعزيزها من خلال السينما والمناهج الدراسية في البلاد الغربية حتى أصبحت متجذرة في الذاكرة الجمعية الأورو-أميركية. وبات من المستحيل تغييرها بسبب العنصرية الغربية والنظرة الاستعلائية إلى الشعوب الأخرى. ولكن هذه الذهنية الغربية الاستعمارية ليست وليدة كتابات فوكوياما وهنتنغتون بل هي متجذرة، ترجع إلى أزمنة قديمة غابرة وإلى قرون خلت حيث ترسخت هذه الأفكار في الوعي الجمعي الإمبريالي. لقد تكونت الصور النمطية عن العالم العربي الإسلامي إبان عهود الاستعمار والهيمنة حيث نقل المستشرقون في كتاباتهم صوراً مزيفة عن الشرق الإسلامي، وقد ساهم في تعميق هذه الصور السلبية شعور الغرب بأن المسلمين من المنظور التاريخي قد تجاوزوا حدودهم خاصة وأنهم شعوب من الدرجة الثانية تمكنت من احتلال أجزاء شاسعة من أوروبا سواء في العهد الأندلسي أو عندما وصلت خيول الأتراك إلى أبواب فيينا. الخطر الأصفر حول صورة الصين في الثقافة الغربية أوضح صديق محمد جوهر أن رأي الغرب في الصين يتشكل من خلال مجموعة من الصور النمطية السلبية، علاوة على بعض الصور الخيالية الفنتازية المبالغ فيها، وكلتاهما بعيدة عن الحقيقة. على مدار التاريخ تم تصوير الصين في الثقافة الغربية على أنها “الآخر البعيد” ليس فقط بسبب البعد الجغرافي بين الصين والغرب، وإنما أيضا بسبب الهوة الشاسعة في الفكر والتراث والتوجهات الجيوسياسية بين الجانبين. تاريخياً لم تكن الصين معروفة سوى لقلة قليلة من الرحالة الغربيين الذين زاروها في القرون السالفة. ورغم أن الصور النمطية عن الصين في الغرب قد تحسنت نسبياً في الآونة الأخيرة بسبب وسائل الإعلام الحديثة، فإن ثمة صوراً نمطية سلبية عن الصين ظلت سائدة حتى يومنا هذا في الثقافة الغربية، من أهمها صورة الصين باعتبارها تجسد ما يطلق عليه اسم “الخطر الأصفر” أو”الهلاك الأصفر”؛ إذ تم تضخيم هذه الصورة من خلال الإعلام وأفلام هوليود عن طريق صياغة أنماط سلبية إنسانية مثل شخصية فو مانشو الشريرة التي تمثل عقلية وفكر السفاح الصيني القاتل الماكر الذي يجسد سينمائياً كل ما تعنيه عبارة “الخطر الأصفر”. وأضاف الباحث أنه لقرون عديدة اعتبر الغرب أن الصينيين من أوائل الشعوب المتخلفة التي تعيش خارج التاريخ الإنساني، لأن اللغة الصينية لغة بدائية تنتمي إلى الأزمنة السحيقة. ويرى المفكر البريطاني ابن القرن السابع عشر جون ويب أن النبي نوح هو الذي أسس الصين بعد الطوفان وأكمل المهمة ابنه سام ولذلك فاللغة الصينية تنتمي إلى هذا العهد البدائي السحيق. أما فولتير فقد كتب عن الصين بشكل إيجابي، ولكنه لا يعكس الحقيقة حيث رأى أن فلسفة كونفوشيوس قد جعلت الحضارة الصينية تنافس الحضارتين الإغريقية والرومانية بل وتتفوق عليهما. وهذه صورة طوباوية أسطورية غير حقيقية عن الصين. وعلى النقيض من فولتير أعطى دانييل ديفو الروائي البريطاني ابن القرن الثامن عشر تصوراً بشعاً عن الصين في روايته الشهيرة “روبنسون كروزو” حيث قال عن الشعب الصيني ما يلي: “إنهم أمة من المتوحشين والبرابرة الكفرة والملحدين والأغبياء. إنهم همج وقطعان من أحقر العبيد تحكمهم حكومة من الجهلاء لا تصلح سوى لحكم أمثالهم”. علاوة على ذلك تم تصوير المرأة الصينية في السينما الأميركية على أنها شريرة (المرأة التنين) أو مخادعة (المرأة العنكبوت) كما أنها عاهرة محترفة تستخدم الجنس لتحقيق غايات متعددة من أجل الإيقاع بالرجال وتدميرهم، أو على أنها ضعيفة مستكينة خاضعة لأهواء الرجال وشهواتهم.