×
محافظة المنطقة الشرقية

علاوي: الإغراق المتعمد لمناطق غرب بغداد هدفه منع العراقيين من الاقتراع

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي المتابع لموقعي تويتر وفايسبوك يلاحظ بسهولة وفرة الناشطين على هذين الموقعين ورغبة كثيرين منهم في كتابة الشعر. لا ننكر على أحد حقه في كتابة ما يشاء، تلك حرية فردية نحترمها ونقدسها، بل نذهب أبعد من ذلك للقول ان كلاً منا يحمل في داخله شاعراً حتى يثبت العكس، ونشبّه المادة الشعرية في وجدان الكائن البشري بالمياه الجوفية في باطن الأرض، اذ مثلما تتجمع مياه الأمطار في أعماق التربة، تتجمع تجارب العيش والوجود في أعماق الوعي الانساني، ومثلما تساهم الرعود والصواعق في تفجر الينابيع وتدفقها لتغدو أنهاراً تمضي نحو مصبّها الأخير، كذلك تساهم الرعود الانسانية والرجفات العاطفية والصواعق الوجودية في تفجر مواهب البشر التي تتنوع وتتعدد بتنوع الناس وتعددهم وهم يمضون نحو مثواهم الأخير. أحياناً يكون المخزون الجوفي كامناً في أمكنة غير عميقة فيتدفق عند أول رعدة وأحياناً أخرى يكون مترسباً في الأعماق السحيقة فلا تخرجه سوى هزات وزلازل عاتية يعيشها الكائن في تجاربه الوجودية المتعددة. هل نقول كلُّنا نولد شعراء؟ ليس تماماً، ما نقصده اننا نولد جميعنا مهيئين لنكون شعراء (أو فنانين)، كلٌّ بحسب المصير والمسار الذي تكتبه له الأقدار أو يختاره بملء ارادته، جميعنا فينا تلك البذرة الصالحة للنمو والتفتح في حديقة الابداع، ومع مرور الوقت وتراكم التجارب والأحداث التي يعيشها كلٌّ منا تتضح الصورة وتنجلي، بعضنا تأخذه الدنيا ومشاغلها وهمومها وتصرفه عن الميل الابداعي الفطري الكامن فيه فتُطمر تلك البذرة تحت تراكمات لا حصر لها ولا عد، وبعضنا ينتبه لبذرة الموهبة فيه فيرعاها ويسقيها ويشذبها ويهذبها ويسهر عليها حتى مطلع الشعر، أو مطلع أي فن آخر بحسب الميل الذي يختلف بين كائن وآخر، لذا يصح القول اننا جميعنا شعراء، بعضنا يكتب الشعر وبعضنا يقرأه والبعض الآخر يعيشه سلوكاً وممارسة باعتباره نمط حياة وأسلوب عيش قبل أن يكون قصيدةً تُكتب وكتاباً يُنشر. وعوداً على بدء يُلاحظ المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي أنها كسرت احتكار النشر الذي لم يعد وقفاً على نخبة لم تكن دائماً حرة وديموقراطية، وفتحت الأبواب واسعةً أمام مواهب كثيرة لم يكن في امكاننا قراءتها والتعرف اليها لولا تويتر وفايسبوك وسواهما، بل انها وفرت أيضاً من خلال الصفحات المخصصة لكبار الأدباء والشعراء والفلاسفة والمفكرين امكان الوصول الى أمهات الكتب والتجارب من دون عناء يُذكر، وبالتالي فانها باتت باباً جديداً من أبواب المعرفة لمن يريد البحث والمعرفة، لكن الآفة الكبرى التي تعتري النشر عبر تلك الوسائل تكمن في عدم جاهزية البعض للكتابة فيما يُصرّ على تقديم نفسه كاتباً متسلحاً ببعض التعليقات أو اللايكات التي يغدقها عليه المحبون والمتابعون فينتشي بها ويعتبرها شافية وافية تكفي المؤمنين شرّ القتال. طبعاً تزخر مواقع التواصل الاجتماعي بكتّاب جدد موهوبين ومرموقين يفرضون نصوصهم عليك من أول كلمة، لكن هؤلاء ليسوا مكمن الضعف في ما يُنشر عبر الميديا الحديثة ، بل أولئك الذين يريدون أن يكونوا شعراء وأدباء ولا يكلفون أنفسهم عناء اتقان اللغة وقواعدها على الأقل، اذ نحن كما أسلفنا لا ننكر على أحد حقه في الكتابة، تلك حرية مقدسة لا جدال فيها ولا نقاش، لكن كأي أمر آخر في الحياة للكتابة أصولها وقواعدها ولا يمكننا بتاتاً أن نصبح كتّاباً فقط لأن أصدقاءنا على تويتر وفايسبوك يصفقون لنا. بذرةُ الابداع كامنة في كلّ منّا وهي كاللؤلؤ المكنون بحاجة لغطّاسين مهرة وصيادين بارعين، والذي يحترم موهبته ويحرص عليها لا بد له أن يرعاها ويحرسها بأشفار العيون وأن يكون غطّاس نفسه وصياد لؤلؤها في معزل عن الضجيج «الصامت» الذي يتعالى من الميديا الحديثة، ومع ذلك لا بد لنا من شكر هذه الميديا لأنها كسرت احتكار النشر والاعلام وعرفتنا على مواهب ابداعية تستحق أكثر من لايك أو ريتويت!