النسخة: الورقية - سعودي نشرت صحيفة «سبق» الثلثاء الماضي تحقيقاً جميلاً عنوانه «وزارة الصحة تُسقط 14 وزيراً منذ إنشائها... ولسان حالها: لم ينجح أحد». عنوان التحقيق صادق وصائب ولافت للانتباه، ويفتح باب السؤال: لماذا؟ أي لماذا لم يخرج وزير للصحة من هذه الوزارة وقد حقق شيئاً يستحق الإشادة؟ وبالطبع لا يشبه وزارة الصحة إلا وزارة التربية والتعليم. فعلى رغم أن الأرقام تقول إنهما أكبر وزارتين حظيتا بالدعم المالي والمعنوي، إلا أن التحسّن في أدائهما كان محدوداً على رغم تعدد الوجوه فيهما كثيراً. ومع التمنيات للوزيرين الجديدين للتعليم والصحة، إلا أن علاج مشكلة هاتين الوزارتين يكمن - من وجهة نظري - في تفتيتهما، وفصلهما إلى وزارات مستقلة عدة. ولنبدأ على الأقل بخمس وزارات مصغرة للصحة، ومثلها للتعليم في مناطق الغربية والشرقية والوسطى والشمالية والجنوبية. فالفصل واستقلال كل منطقة بإدارة أو وزارة تعليم، ومثلها للصحة، سيسهل «الكونترول» والإدارة، كما سيخلق التنافس بين المناطق في تحسين التعليم والصحة. ولتوضع الخطوط العريضة لسياسة التعليم والصحة للجميع، ويترك أمر التفاصيل والتطبيق مرناً لكل منطقة على حدة. ولو فُعل هذا، لرأينا من ينتقل من الشرقية إلى الشمالية بحثاً عن التعليم الجيد لأبنائه، وبالمثل سنرى انتقال المواطن من الغربية إلى الجنوبية بحثاً عن الرعاية الصحية الجيدة. وكلما صغر حجم الجهاز، سهلت السيطرة عليه إدارياً وإنتاجياً، وقلّ حجم الهدر والفساد فيه. فلنفتح التنافس لنكسب الجميع، بدلاً من المركزية التي أضعفت الجميع. - طلبت خدمة الألياف البصرية لمنزلي من إحدى شركات الاتصالات الكبيرة، فجاءت شركة متخصصة في الحفر، ثم أعقبتها شركة أخرى متخصصة في توصيل الأسلاك، وتم الاتصال بشركة ثالثة لتفعيل إشارة الاتصال. عمالة الشركة الأولى كانت من جنسية شرق آسيوية، وكذلك الثانية، والثالثة كان أخاً عربياً. أي لم أرَ ولم اتصل بسعودي واحد. ما سبق يوضح جناية العقود الخارجية out sourcing contract على السعودة والتوظيف في البلد. فبدلاً من أن يتوظف السعودي في شركات الاتصالات والمصارف والشركات الكبيرة والمعروفة في البلد، أصبح يتوظف «إن وجد» في شركات صغيرة متعاقدة مع هذه الشركات الكبرى. وهذه الشركات لا تعطي إلا الفتات والراتب الضئيل والمنفّر للشباب. هذا الوضع يفتح باب السؤال: لماذا؟ لماذا تهرب الشركات الكبيرة من توظيف السعوديين وتستعيض عنهم بشركات صغيرة تنفذ عقودها من الباطن؟ ولماذا يحرم المواطن السعودي من الراتب الجيد، والتأمين الطبي، وبدل السكن، والامتيازات الأخرى التي كان سيحصل عليها لو وظّف في الشركات الكبيرة؟ السؤال موجّه لوزارة العمل، فتدخلوا قبل أن يأتي يوم لا نجد في الشركات الكبيرة سوى الشعار، والإدارة العليا فقط، لأن بقية السعوديين حرموا - أو في طريقهم للحرمان - من خيرات بلادهم، لأن الكبار قرروا أن يستعيضوا عنهم بالأجانب في عقود الباطن. - خبر جيد زفه رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور ناصر آل تويم، الأحد الماضي، بحصول الجمعية على حكم يلزم الغرف التجارية بدفع الرسوم المستحقة عليها البالغة 10 في المئة من رسوم التصديقات لمصلحة جمعية حماية المستهلك. الحكم - الذي نتمنى تطبيقه بأسرع وقت - سيمكّن الجمعية من أداء دورها الذي لم تلعبه منذ إنشائها، وهو حماية المستهلك. فالجمعية دخلت سابقاً على صراعات الرئاسة، ثم تلتها جولة محاكم مع مجلس الغرف التجارية حتى تحصلت على الحكم. لا نريد التعجل بالحكم على أداء الجمعية، وسنعطيها بعض الوقت. ولكن نذكرهم أننا بحاجة إلى جهودهم لمساندة جهود وزارة التجارة وأمانات المدن التي تطورت كثيراً هذا العام، وكل الأمنيات لهم بالتوفيق. * أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية.