×
محافظة المنطقة الشرقية

وزير التربية والتعليم يفتتح منتدى «مستقبل التكنولوجيا والتعليم في الخليج 2017»

صورة الخبر

يزعم السرد الذي يروج له بشأن مساعدات التنمية الدولية بأنها كانت فعالة في تقليص الفقر في العالم. وهناك ثلاث مشكلات يصاحب هذا السرد. أولا، الفقر لا يختفي على الرغم مما قيل لنا. ثانيا، المدفوعات على المساعدات من البلدان الغنية الى البلدان الفقيرة تتقزم بفعل تدفق الثروات الذي يعمل في الاتجاه المعاكس، إلى حد أن البلدان الفقيرة تقوم بتطوير الدول الغنية بشكل فعال. وثالثا، وربما الأكثر أهمية من ذلك، هو أن المساعدات ليست مصممة فعلياً لتقليص الفقر، لكنها تعمل كأداة تستخدمها نخب الدول الغنية لاستخراج الثروات والموارد والالتزامات السياسية. وبالتالي، يمنع نموذج المساعدات العاملين في التنمية والجمهور، من فهم الأسباب الحقيقية للفقر، وبالتالي يحول دون التوصل إلى الحلول المجدية. السرد القائل إن معدلات الفقر تتراجع، وان الفقر المدقع سوف يتم القضاء عليه سريعا لديه حيز هائل من الدعم المؤسساتي، وهو مدعوم من قبل الجمهوريات الأقوى في العالم ويجري الترويج له عبر حملة الألفية للأمم المتحدة. لكن هذا السرد هو مضلل: فالفقر لا يختفي بالسرعة التي يتحدثون عنها. وقد أنجز توماس بوجي من جامعة ييل الكثير من العمل لفضح المحاسبة الكاذبة التي تقع وراء هذا السرد. كانت المرة الأولى عام 1996 في قمة روما، عندما تعهدت الحكومات باستخدام المساعدات لخفض عدد الفقراء في العالم بحلول عام 2015. وأخذاً في الاعتبار عدد السكان في تلك الفترة، كان الهدف يتمثل بتخليص 836 مليون إنسان من براثن الفقر. لكن هذا الهدف تم تحويله خلسة. في عام 2000، عندما أعلن عن الأهداف الإنمائية للألفية رسمياً، تم تغيير الهدف الإنمائي للألفية-1، من خفض لعدد الفقراء إلى خفض لنسبة معينة، وهذا جعل تحقيق الهدف أسهل، لأنه كان بالإمكان الاستفادة من عدد سكان متزايد بسرعة. وبعد تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة الهدف الإنمائي للألفية -1، تم إضعاف الهدف مرتين إضافيتين. أولا، انتقل الخبراء من تخفيض نسبة سكان العالم إلى تخفيض نسبة سكان البلدان النامية فقط، للاستفادة من القاسم المشترك الحسابي الأسرع نمواً بين السكان. ثانيا، انتقلوا من نقطة انطلاق في التحليل عام 2000 بالعودة إلى 1990، زاعمين بأثر رجعي كل ما تم تحقيقه من تخفيض الفقر من جانب الصين خلال التسعينات. هذه التغييرات تعني بان الهدف الأصلي في إخراج 836 مليون شخص من براثن الفقر تقلص إلى 345 مليون شخص. وبعد أن أعيد تعريف الهدف، أصبح بإمكان الأمم المتحدة أن تزعم بأن الفقر تم خفضه، فيما لم يحصل هذا الأمر في الواقع. وعلاوة على ذلك، فإن خط الفقر العالمي تم تعديله هبوطا عدة مرات على مدى العقود الماضية في سبيل خدمة السرد الخاص بخفض الفقر. استخدمت حملة الألفية خط الفقر العالمي 1.25 دولار في اليوم، (تم رفعه حاليا إلى 1.9 دولار في اليوم)، وهذا الرقم الذي جري تحديده من قبل البنك الدولي حينئذ، تم اختياره بعناية لتعظيم عدد السكان الذين من الممكن أن يرتقوا فوقه دون كثير من الجهد. رفع الناس فوق خط الفقر العالمي لا يعني رفعهم من الفقر. ووفقا لبيتر إدوراد من جامعة نيوكاسل، إذا كنا جادين بالقضاء على الفقر، فان خط الفقر العالمي بحاجة إلى أن يوضع أقرب إلى 5 دولارات في اليوم (بعد التعديل طبقا للتضخم). المشكلة الثانية في السرد السائد بشأن المساعدات هو أنه يضع البلدان الغربية في دور المحسنين الخيرين، الذين يمنحون بسخاء من ثرواتهم إلى البلدان الفقيرة في جنوب الكرة الأرضية. في الواقع، مع ذلك، فإن العكس تماما هو الصحيح. تدفق المساعدات من البلدان الغنية إلى البلدان الفقيرة يتضاءل بالمقارنة مع تدفق الثروات التي تسير في الاتجاه الآخر. وكانت البلدان النامية تتلقى حوالي 136 مليار دولار سنوياً من المساعدات من البلدان المانحة وتخسر حوالي تريليون دولار سنوياً عبر هروب الرساميل إلى الخارج في المعظم على شكل التهرب من الضريبة من قبل الشركات متعددة الجنسيات. وهذا تقريبا عشرة أضعاف حجم ميزانية المساعدات. وبما أن البلدان الغنية تشمل إلغاء الديون على أنها مساعدات، فإنه من المنصف أن نضع مدفوعات خدمة الدين كجزء من المعادلة أيضا، معظمها بفائدة مركبة. وباستخدام هذا القياس الاقتصادي. فإن العالم الاقتصادي تشارلز أوبرج احتسب أن صافي تدفق المساعدات من الغرب إلى بلدان الجنوب في العالم خلال الفترة من 2002 إلى 2007 كان ناقص 2.8 تريليون دولار، وهذا لا يشمل هروب الرساميل. والإعفاءات الضريبية للشركات الكبرى، وما تدفعه البلدان النامية للشركات بفضل اتفاقية حقوق الملكية الفكرية في منظمة التجارة العالمية، على شكل رسوم تراخيص براءات اختراع إضافية، لاستخدام تكنولوجيا وأدوية هي في الغالب ضرورية للتنمية والصحة العامة. ويمكننا رؤية تلك الأرقام كتحويلات نقدية مباشرة من البلدان الفقيرة إلى البلدان الغنية، وهذا دون سحب الثورات التي يصعب تحديدها كمياً مثل الاستيلاء على الأراضي من قبل الشركات. الفكرة هي أن البلدان الفقيرة هي صافي دول دائنة للبلدان الغنية، وتخدم المساعدات كوهم للتغطية على تلك الحقيقة، وتعتبر البلدان المستفيدة بأنها مانحة. ففقر الجنوب في العالم ليس «طبيعيا» أو «تحصيل حاصل» تماما كما ثروة الغرب، بل إن الاثنين مرتبطان بشكل وثيق: ثروة البلدان الغنية تعتمد على فقر البلدان الفقيرة. ليست المشكلة أن البلدان الفقيرة لا يمكنها تسلق سلم التنمية، بل المشكلة أنها ممنوعة بشكل نشط من القيام بذلك. وبدءاً من أوائل الثمانينات، غيرت الحكومات الغربية والمؤسسات المالية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي سياستها التنموية من واحدة كانت تعتمد على الفكر الكينزي أساساً إلى سياسة تبقى راسخة بعمق في «النيوليبرالية» تتطلب التخلص من الأنظمة في السوق بشكل بجذري، والتقشف المالي، والخصخصة في البلدان النامية، كشرط لاستلام المساعدات. وقيل لنا إن هذا العلاج النيوليبرالي الشبيه بالصدمة، والمعروف باسم تعديلات الإصلاح الهيكلي، يساعد في تحفيز اقتصادات البلدان الفقيرة. لكن ما حصل هو العكس تماما. وبدلا من مساعدة البلدان الفقيرة على التطور. فان التعديلات الهيكلية دمرتها أساساً. وأظهر العالم الاقتصادي في كامبريدج ها-جون تشانغ أنه عندما فُرضت على إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بدأ نصيب الفرد من الدخل في التراجع بمعدل 0.7% كل عام في الثمانينات والتسعينات، حتى عاد إلى مستواه في عام 2000 كما كان قبل ثلاثين عاما.. ونتيجة لذلك، فإن عدد الأفارقة الذين يعيشون في الفقر تضاعف تقريباً خلال تلك الفترة. وسيكون من الصعب المبالغة في التصريح بدرجة المعاناة الإنسانية التي تمثلها تلك الأرقام، لكن الشركات الغربية استفادت من ذلك بشكل هائل، حيث فتحت أسواق استهلاكية جديدة شاسعة. وسهلت وصولها إلى العمالة الرخيصة والمواد الأولية، وفتحت مجالات لهروب الرساميل والتهرب من دفع الضرائب، وأوجدت سوقا مربحة في الديون الخارجية، وسهلت عملية نقل ضخمة من الموارد العامة إلى أيدي القطاع الخاص. علينا أن نعترف بأن الفقر هو نتاج نظام اقتصادي قوانينه تم التلاعب بها لخدمة مصالح قلة وتغليبها على أغلبية البشرية. ونتيجة لهذا النظام، فان 1% من سكان العالم راكموا نصف ثورة العالم الإجمالية. نحتاج من البلدان الغنية أن تنقل المال إلى البلدان الفقيرة، وبالتأكيد بكميات أكبر بكثير مما تفعله الآن. وعلاوة على ذلك، نحن بحاجة إلى تفكيك نظام سحب الثورات العالمي الذي يستمر في إنتاج الفقر. إطار قانوني في 2014، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً «تجاه إنشاء إطار قانوني متعدد الأطراف لإعادة هيكلة الديون السيادية»، حصل القرار على 124 صوتاً، وامتناع 41، و11 ضده. " إجراء الإعسار تعني انه لن يكون الدائنون فقط من يقرر متى تشطب الديون أم لا تشطب، ففي الماضي كان الإعفاء من الديون يصل متأخرا او على نطاق ضيق جدا أو لا يحصل. إعادة هيكلة الديون السيادية لم يكن على أجندة اجتماع دول مجموعة العشرين الذي عقد أخيراً.