< الأسبوع الماضي صدرت موافقة الجهات العليا على ضوابط إنشاء مجلس الأسرة، الذي أقره مجلس الوزراء قبل فترة، إذ تضمنت الموافقة العديد من الأمور أبرزها، إنشاء ثلاث لجان هي: لجنة الطفولة ولجنة كبار السن ولجنة المرأة، وتحديد هوية أعضائه وآلية عمل المجلس التي تكفل له كل سبل النجاح والتفوق. وبصفتي امرأة ومهتمة بالشأن الأسري، أجد في هذا المجلس نقلة نوعية في التعامل الرسمي مع الشؤون الأسرية، وتوحيداً للجهود وعدم بعثرة لها بين الوزارات والهيئات المختلفة، لكن من قراءة سريعة لما تم نشره في وسائل الإعلام حول هذا المجلس وهياكله وطرق العمل فيها، أود أن أدلي ببعض الملاحظات: أولاً: ربط المجلس بوزير العمل سيجعل الأمر أقل فاعلية من لو تم ربطه بولي العهد، أو ولي ولي العهد، بصفتهما رئيسي المجلس السياسي والاقتصادي، لأجل سرعة اتخاذ القرار وعدم انتظار الرفع للجهات العليا. ثانياً: تمثيل المرأة في المجلس المنصوص عليه، فقط سيدتين بقرار من رئيس مجلس الوزراء، وقد تكون بعض الوزارات المشاركة في العضوية، ترفع أسماء سيدات منتميات لها، على رغم قلة النساء اللاتي في المرتبة الـ15 بهذه الوزارات وقد لا يكون فيها أحد، وهذا شيء أقل مما تستحقه من تشكل نصف المجتمع، والرقم الصعب والأهم في حياة كل الأسر، لذا لا بد من رفع عدد النساء في المجلس، ليصل إلى سبعة مقاعد على الأقل، إضافة إلى أمين المجلس ونائبة يكونان من النساء لكي تشعر المرأة بوجودها وفاعليتها فيه. ثالثاً: نص التنظيم على تعيين اثنين من المختصين والمهتمين بشؤون الطفولة، ولا أدري لماذا شأن الطفولة حكر على الرجال هنا، وكأنه لا توجد مختصات من النساء في ذلك، وما أعرفه أن لا أحد يعرف للأطفال وحاجاتهم ويعاني من تبعاتهم مثل المرأة، فكان من الأجدى أن تكون هناك ولو امرأة واحدة مختصة بالطفولة. رابعاً: الخبرة مهمة في المجلس لكن الحيوية أهم، وخوفي من أن يتم تعيين من لا يتفرغ للمجلس تماماً، لانشغاله بمجالس ولجان أخرى، تجعل الاستفادة منه محدودة، لذا نتمنى أن كل من يتم ترشيحه وتعيينه يكون متفرغاً للمجلس ومهتماً بقضاياه نبضاً وإحساساً، وليس مجرد وظيفة وشأن عام فقط، لأن قضايا المجلس مهمة ولا تحتمل التأجيل أبداً. خامساً: لا نريد للمجلس أن يكون مجرد طاولة واجتماع، نريده صرحاً شامخاً في مدينة الرياض، وفتح فروع له في مناطق المملكة تباعاً، ويكون مزاراً للوفود وملاذاً لكل من يقصده ويبحث له عن حل من خلاله، لذا لا بد من تواصل حميمي للمجلس مع فئات المجتمع، بحيث لا يكون بعيداً عنهم مثلما نلمسه في هيئة حقوق الإنسان وبرنامج الأسري مثلاً، على رغم جهودهما الواضحة، لكن ما من وجود لهما على الواقع كما يجب، ووصول سريع لهما من كل أحد. سادساً: الأسرة ليست رجلاً وامرأة فقط، بل يتعداه للشباب والأطفال، لذا لا بد من آلية نضمن بها وصول صوت الشباب والطفولة مباشرة، من دون انتظار التفاتة كبير لهم واهتمام بهم. سابعاً: نص التنظيم على إعداد مشروع استراتيجية للأسرة، وكم أتمنى بعد إعداد هذه الاستراتيجية طرحها للتصويت العام لإقرارها، وتكون مشروعاً يقرأه الكل ويشارك في إقراره، لتكون فتحاً للمجتمع المدني عندنا، ورغبة من الجهات العليا، في إقرارها بالتوافق مع الكل. ثامناً: نص التنظيم على تشكيل لجان فنية واشترط منها، لجنة الطفولة ولجنة كبار السن ولجنة المرأة، وليته أضاف لجنة للشباب والمراهقة، لكن الباب ما زال مفتوحاً لإقرار لجان يراها المجلس تستحق التركيز والتخصيص، ونص التنظيم على تحديد أعضاء كل لجنة ومهماتها، ولا أدري هل الأعضاء في اللجان هم نفسهم أعضاء المجلس، ولا أتمنى ذلك، لأن عددهم قليل واللجان تحتاج إلى فاعلية أكبر، فليت رئيس اللجنة يكون من المجلس، وبقية الأعضاء من خارجه ممن هو مختص فيها. تاسعاً: نص التنظيم على أن موظفي المجلس يخضعون لنظام الخدمة المدنية، وكم أتمنى أن الكوادر البشرية التي ستعمل في المجلس، تكون من المختصين والفاعلين وأصحاب الرسالة الاجتماعية، والفكر الراقي للممارسة الأسرية، ويملكون الحس الدولي والقانوني في التعامل مع القضايا الأسرية، وأجد أن خريجي برامج الابتعاث جديرون بفرصة في العمل بالمجلس، وليته يكون باب خير للوظائف النسائية ومستقر رحمة لهن. عاشراً: أن تكون الأسماء المرشحة للعمل في المجلس، ممن لم تتكلس وتتشبع من العمل الحكومي واللجاني فتتعامل مع الأمر بواجب ومسؤولية روتينية، أكثر منه حماسة واطراد هذه الملاحظات، مجرد اقتراحات لا تعني انتقاصاً أو انتقاداً، وإنما هي من باب مسؤولية المواطن في المشاركة في شأن يهم كل أحد منا، ويسعى للفرح بالوطن ومؤسساته ومكتسباته، مما يسهم في سلاسة تنفيذ خطة التحول والتغيير. taghreed_i_t@