بحضور الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، افتتح أمس الخميس معرض "طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" في متحف "نيلسون ـ أتكينز للفنون" في مدينة كنساس في ولاية ميسوري وذلك في محطته الرابعة في الولايات المتحدة. وكان في استقبال الأمير سلطان بن سلمان لدى وصوله مقر المتحف، وسلاي جيمس عمدة مدينة كنساس، وعادل الجبير سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولايات المتحدة، والمهندس عبد الله المعلمي مندوب المملكة الدائم لدى منظمة الأمم المتحدة، والدكتور محمد العيسى الملحق الثقافي السعودي لدى الولايات المتحدة، و ليندسي هيتر ممثلة حاكم ولاية ميسوري. الأمير سلطان وعمدة كنساس والجبير يفتتحون المعرض."الاقتصادية" وفي بداية الحفل ألقى مدير المتحف هوليان زوجازاجوتيا كلمة رحب فيها بالأمير سلطان بن سلمان، وعبر عن اعتزازه بإقامة معرض روائع آثار المملكة في مدينة كنساس مشيرا إلى أهمية المعرض في تعريف سكان المدينة وزوارها على التراث الحضاري لشبه الجزيرة العربية، مؤكدا أنه إحدى العلامات التاريخية المميزة في عمر المتحف. وأكد أن هذا المعرض يوثق أدوار التواصل والتكامل الحضاري، والفهم العميق بين الثقافات الإنسانية وهو ما تمثله المملكة اليوم ويؤكدها المعرض. من جهته نوه عمدة مدينة كنساس سلاي جيمس بإقامة معرض "روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور" الذي يشكل حدثا ثقافيا مهما في المدينة، ووسيلة لفهم دولة صديقة، وحليفا قويا ومحترما للولايات المتحدة، معربا عن اعتزازه بالمعرض الذي يوثق مراحل الحضارة في الجزيرة العربية، ويعد فرصة ليتعرف على المملكة سكان مدينة كانساس التي تتميز بموقعها المتوسط في الولايات المتحدة وتضم كثافة سكانية عالية. ثم ألقى الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، كلمة عبر فيها عن شكره لضيوف الحفل وتقديره لإدارة متحف نيلسون ـ إتكنز للفنون على الجهود التي بذلت لتنظيم المعرض في محطته الأمريكية الرابعة. ووصف المعرض بأنه نافذة تتيح لزواره رؤية بلد صديق له تاريخه العريق وحاضره الزاهر، بوصفه مهد الإسلام الذي يتجه إلى مقدساته أكثر من مليار مسلم في أنحاء العالم. وقال: "الجانب الأهم في هذا المعرض ليس القطع الأثرية ولا المكتشفات الحديثة التي عمقت فهم الإنسانية لتاريخ المملكة بل إن هذا المعرض يشكل نافذة لرؤية المملكة العربية السعودية من زاوية أخرى، وفهم الامتدادات التاريخية والجذور التي تقوم عليها كوريثة لحضارات عظيمة قامت على الجزيرة العربية ، وكحاضنة للحرمين الشريفين، وأنها قلب الإسلام الذي انتشر نوره في أصقاع الدنيا وأثر في جميع الثقافات والحضارات التي أتت بعده، وصار اليوم أسرع الأديان انتشارا في العالم رغم ما اعتراه من محاولات فاشلة لتشويهه، ومن محاولات لتقديمه للعالم بطريقة لا تمت لروحه السمحة بصلة ولا تمثل الدين الذي احترم الحضارات التي قبله وتعايش مع الأفكار والديانات الأخرى بانفتاح وتقبل". وأضاف: وهذا الفهم لتعاقب الحضارات والأدوار التي مثلتها دائما الجزيرة العربية عبر العصور يقودنا لفهم الدور الطبيعي الذي تقوم به المملكة العربية السعودية اليوم في الشؤون العالمية ونشر السلم وإحقاق الحق وريادة الحوار بين الحضارات وأتباع الديانات في العالم، ودورها الطليعي في الاقتصاد العالمي بوصفها إحدى دول مجموعة العشرين الأكبر اقتصادا في العالم ، وأدوارها في استقرار أسعار الطاقة وضمان توافرها. وأوضح الأمير سلطان أن هذه النظرة الشمولية للمملكة والإطلالة على تاريخها ومكوناتها الإسلامية والسياسية والاقتصادية في الماضي يقود لفهم ما تقوم به تحت قيادة ملك محنك يعي أهمية استلهام التاريخ، ملك له رؤية وصاحب قيم يعرفه مواطنوه بحبه لهم وحرصه عليهم ويعرفه العالم بحكمته ومواقفه، وهو أكثر العارفين بأهمية البقعة الجغرافية والمكانة الإسلامية والاقتصادية التي تمثلها المملكة، وذلك ما جعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله يقود بلاده نحو التنمية والتطور الداخلي ولتكون في عداد الدول الفاعلة دوليا. وبين أن المعنى الأهم لهذا المعرض هو الاطلاع على جذور المملكة عبر قراءة الإنسان والمكان والتوقيت، فالتسلسل الزمني ومكانة الجزيرة العربية كنقطة التقاء اقتصادي، وموقعها الذي يربط قارات العالم جعلها مستقرا للحضارات لا مجرد نقطة عبور، وبوأها مكانة اقتصادية، وأدى إلى ازدهار أنماط الحياة فيها، وذلك ما يجعل المكانة التي تمثلها المملكة اليوم حلقة في سلسلة تميز هذه البقعة الجغرافية، وامتدادا جينيا لورثة تلك الأمم التي سادت الجزيرة العربية وأثرت العالم، واليوم والمملكة إذ تحتل هذه المكانة الاقتصادية والحضارية فإنها تفخر بأنها سخرت ثراءها لخير بلادها محدثة أعظم تنمية عرفتها البشرية عبر التاريخ في وقت وجيز، وركزت اقتصادها لازدهار مواطنيها ولخير الإنسانية في العالم أجمع مما أكسبها الاحترام والتقدير. ونوه بالعلاقات التاريخية بين المملكة والولايات المتحدة منذ لقاء الملك عبد العزيز طيب الله ثراه والرئيس روزفلت في أعقاب الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن هذا المعرض هو استمرار هذه العلاقات الوطيدة التي من نتائجها إقامة هذا المعرض المتنقل في الولايات المتحدة، وأكد أن هذه العلاقات تقوم دائما على الاحترام وتقدير المبادئ والقيم، وذلك ما جعل الملك المؤسس "طيب الله ثراه" يرى في الولايات المتحدة نجما قادما في ذلك الحين، خصوصا أنها لم تعرف بأنها دولة مستعمرة، والمملكة التي نشأت دولتها الحديثة على أرض لم يسبق أن دخلها الاستعمار في أي وقت تريد التعاون مع الجميع بكل احترام ولكن ندا لند، وهو ما بقيت عليه المملكة في علاقتها مع الدول حتى اليوم، وستبقى عليه في مستقبلها تتعامل مع الجميع باحترام وبلا تجاوز ولا تقبل أي تجاوزات عليها". وأضاف الأمير سلطان: "هذا المعرض وغيره الكثير من الشواهد الموجودة في مواقع الآثار وفي المتاحف السعودية والكثير مما يجري اكتشافه عبر بعثات التنقيب الأثري السعودية الدولية، هذه الشواهد تثبت بشكل قاطع أن هذه البلاد وأهلها ليسوا حديثي عهد بالنعمة والغنى، ولا يتعاملون مع العالم بفوقية، ويتصرفون في ثرواتهم التي وهبهم الله إياها بحكمة، ويوظفونها في تنمية بلادهم ومواطنيها بعيدا عن المغامرات التي قد يلجأ إليها حديثو النعمة". واختتم كلمته قائلا: أشكر زملائي العاملين على تنظيم المعرض، وأشكر متحف نيلسون - أتكنز لاستضافته المعرض في مدينة كنساس، وأشكر متحف السميثونيان على مساعدته المستمرة في تنظيم المعرض في جولته في الولايات المتحدة، وأشكر رعاة المعرض شركة أرامكو وشركة إكسون موبيل وشركة سابك وشركة العليان وشركة بوينج ومجموعة التركي الداعمين للمعرض والجهات الأخرى التي ساهمت في إنجاحه. عقب ذلك قام الأمير سلطان بن سلمان، يرافقه كبار ضيوف الحفل، بقص شريط المعرض، حيث اطلع وضيوف حفل الافتتاح على محتويات المعرض، التي تمثل التراث الحضاري للجزيرة العربية. ثم حضر وضيوف الحفل حفل العشاء الذي أقيم في مقر المتحف بهذه المناسبة. ويعد متحف "نيلسون – أتكينز للفنون" في مدينة كنساس رابع متحف أمريكي يستضيف هذا المعرض الذي يمتد ثلاثة أشهر. ويركز المعرض الذي صدرت الموافقة السامية على تنظيمه في عدد من المدن الأوروبية والأمريكية على أثر الطرق التجارية القديمة التي اجتازت شبه الجزيرة العربية في التبادل الاقتصادي والحضاري بين الثقافات الإنسانية المختلفة، والتي شكلت الجزيرة العربية حاضنة لها عبر العصور حتى خروج الدين الإسلامي العظيم من هذه الأرض لينير العالم، ويبني على الحضارات القائمة ويحترمها ويهيمن عليها وما تلى ذلك من شواهد حضارية وصولا إلى قيام الدولة السعودية منذ ما يقارب الثلاثمائة عام، و يجري رصد هذا التنوع من خلال القطع الأثرية المكتشفة للعصور المتعاقبة التي يعود أقدمها لنحو مليون ومائتي ألف سنة.