حذر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الملك سعود بالرياض عبدالله العتيبي، من أن «هجوم رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الناشطين المعتدلين غرب العراق، ربما يدفع بسكان تلك المناطق إلى التطرف والعنف»، مشيراً إلى أن العراق اليوم «يمر بمفترق طرق ربما يفضي إلى تحقق واحد من ثلاثة سيناريوهات، أهمها تفككه على أسس طائفية وعرقية، وهو السيناريو الأسوأ، لأنه قد يؤدي إلى انتقال عدوى التقسيم إلى الدول الأخرى في المنطقة». وأكد العتيبي خلال جلسة «العلاقات السعودية - الأوروبية»، التي نظمها معهد الدراسات الديبلوماسية في الرياض أول من أمس (الأربعاء)، أن السيناريو الثاني «هو نجاح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تأخير إجراء الانتخابات البرلمانية، ما تنتج منه زيادة العنف في البلاد»، فيما سيكون السيناريو الثالث «إجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، على أن تنتج منها حكومة وحدة وطنية»، معتبراً أن هذا ممكن في «حال لعبت جامعة الدول لعربية دوراً نشطاً في التوفيق بين القوى السياسية العراقية، وحضها على العمل معاً». وفي شأن السياسة الإيرانية في المنطقة، رأى العتيبي أن «الاتفاق النووي الأخير بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن إضافة إلى ألمانيا مع إيران، لم يوقف البرنامج النووي الإيراني ولم يحد من طموحات طهران النووية، بل على العكس من ذلك، فإن الاتفاق أعطى طهران الحق الضمني في تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، ما يمكنها بأن تصل إلى مرحلة العتبة النووية، وهو ما يهدد الاستقرار الإقليمي بشكل كبير». وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن النظام السوري «مدين ببقائه حتى الآن إلى التدخل الإيراني المباشر، وبخاصة الدور الأساسي الذي تلعبه الميليشيات الإقليمية الموالية لها في القتال إلى جانب قوات الأسد». ولفت إلى أن تركيبة النظام السوري جعلت إزاحة بشار الأسد عن السلطة أمراً بالغ الكلفة على سلامة مؤسسات الدولة السورية ذاتها وبنيتها التحتية، ومدى تماسك نسيجها الاجتماعي على المدى الطويل. من جهته، نوّه أستاذ العلوم السياسية الدكتور سعود التمامي، بالعلاقات السعودية - الأوروبية التي تعود إلى «بدايات تأسيس المملكة، وتمثلت في التواصل الديبلوماسي الباكر بين الطرفين، من طريق الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى». فيما أوضح وكيل الأمين العام السابق في الأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام جان ماري جينو، أن هناك «ثلاثة محددات للمنظور الأوروبي إزاء منطقة الخليج العربي عموماً والمملكة خصوصاً، أولها المحدد الاقتصادي، فالاتحاد الأوروبي قوة اقتصادية عالمية يعتمد نموها على النمو الاقتصادي حول العالم، وبحكم دور المملكة الحاسم في سوق النفط العالمية، فإنها تكتسب أهمية اقتصادية، خصوصاً بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي». وأشار إلى أن «المحدد الثاني هو أسلوب السياسة الخارجية الذي يتبعه الأوروبيون إزاء شركائهم الدوليين»، مؤكداً أن «الاتحاد الأوروبي يميل إلى إعطاء أهمية خاصة لمفهوم الشرعية التاريخية، الذي يمثل أساساً لا غنى عنه للاستقرار السياسي». وقال إن المحدد الثالث «إيمان الاتحاد الأوروبي بضرورة بناء العلاقات الدولية على أساس احترام القانون الدولي، وينبع هذا المحدد من التزام الدول الأعضاء في الاتحاد بحكم القانون في تنظيم شؤونها الداخلية والبينية ضمن مؤسسات الاتحاد». وحول المستجدات الإقليمية قال جينو، إن «التطورات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط تؤثر بأشكال مختلفة في أمن واستقرار دول الاتحاد الأوروبي، إذ إن انهيار الأوضاع في سورية وتزايد قوة الجماعات المتطرفة يلقي بظلاله على الأمن الأوروبي، كما أن تعثر عملية السلام في الشرق الأوسط يخالف مبادئ الاتحاد الأوروبي في العدالة، إضافة إلى كونه يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين»، مشيراً إلى أن «الاتحاد الأوروبي وعلى رغم بعض الاختلافات الطفيفة بين أعضائه، يحاول إدماج إيران في النظام الإقليمي، شرط التزامها بمبادئ عدم الانتشار النووي». وكان مشاركاً في ورشة العمل وفد من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ضم كلاً من: رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني نوربرت روتقن، ووزيرة الشؤون الخارجية السابقة في إسبانيا آنا بلاسيو، والمؤسس المشارك ومدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية مارك ليونارد، ومدير برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط دانيل ليفي، كما شارك من الجانب السعودي عدد من الأكاديميين والباحثين في معهد الدراسات الديبلوماسية وجامعة الملك سعود. السعوديةالعراقجامعة الملك سعود