×
محافظة المنطقة الشرقية

يومان من التدريبات المكثفة في البحرين أكاديمية السائقين الشباب الخليجيين تنتقل إلى مضمار دبي أوتودروم

صورة الخبر

صحيفة وصف:عبدالحميد العمري ذكرت في المقال الأخير “المواءمة بين تحفيز الاقتصاد والترشيد المالي”، أن من أهم ما يقع على السياسة المالية كونها في الوقت الراهن السياسة الأقوى والأكثر تأثيرا في الاقتصاد، ضرورة عملها على تحقيق التوازن بين الأهداف القصيرة الأجل والمتوسطة (التوازن المالي) من جانب، ومن جانب آخر الأهداف طويلة الأجل (النمو والاستقرار الاقتصادي)، دون أن تغلب جانبا على آخر، ودون أن يخل تحقيق أهداف على حساب أهداف أخرى! وأن تعمل على وضع النمو الاقتصادي ضمن أهم أهدافها حتى وإن انعكس سلبا على ميزانها المالي بالعجز، وفي الوقت ذاته تقوم إدارة السياسة المالية خلال المرحلة القصيرة والمتوسطة الأجل بتمويل العجز المالي من الأسواق الخارجية، وتخفيف الاعتماد قدر الإمكان على الائتمان المصرفي المحلي، تجنبا لمزاحمة القطاع الخاص على السيولة المحلية المتوافرة، بما يمكن الإدارة عبر السنوات القليلة المقبلة من تمويل إيراداتها غير النفطية من فوائض الإنتاج المحلي، الذي سيكون مصدره الأول والأكبر منشآت القطاع الخاص. تبعث توقعات صندوق النقد الدولي في نيسان (أبريل) 2017 بخصوص النمو الحقيقي للاقتصاد السعودي حتى 2022 كثيرا من القلق، الذي قدرته بنهاية العام الجاري بنحو 0.4 في المائة، ونحو 1.3 في المائة خلال 2018، واستقراره في المتوسط تحت معدل 2.0 في المائة حتى نهاية 2022. يضاعف من هذا القلق حول معدل النمو الحقيقي للاقتصاد، أنه سيتزامن مع ارتفاع معدل التضخم، ليصل معدله التراكمي خلال الفترة 2017-2022 إلى أعلى من 18.3 في المائة، وعلى أن صندوق النقد الدولي لم يشر إلى توقعاته بخصوص معدل البطالة، إلا أنه كما يبدو من تلك التقديرات لن يذهب بعيدا عن الضعف المتوقع على النمو الاقتصادي، والمعدل المتسارع النمو للتضخم، ما يعني بالضرورة قرْب معدل البطالة من الارتفاع أكثر من الانخفاض، وهنا مربط الفرس الذي لا يجب تجاهله في الوقت الراهن، والضرورة القصوى لعمل السياسات الراهنة على مخالفة وعكس تلك التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي، التي يقوم ببنائها على أساس من البيانات الرسمية الصادرة من الأجهزة الحكومية لدينا. تكمن أهمية استهداف المحافظة والارتفاع بـ “النمو الاقتصادي”، والعمل على كبح جماح “التضخم”، ووضع هذين الهدفين في مقدمة أية سياسات اقتصادية لأي اقتصاد حول العالم، لعديد من الاعتبارات، ترتفع أهميتها بدرجة قصوى بالنسبة لاقتصادنا الوطني، الذي يخضع لأكبر عمليات إصلاح وتطوير هيكلي في تاريخه، تحت مظلة “رؤية المملكة 2030” والبرامج التنفيذية العديدة التابعة لـ “الرؤية”، التي يؤمل لها النجاح والتحقق، للاعتبارات التالية الخاصة باقتصادنا الوطني، لعل من أبرزها ما يلي: أولا: أن مساهمة النمو الاقتصادي بما لا يقل عن 4 في المائة سنويا كحد أدنى، ستنعكس إيجابا على خفض معدل البطالة بين المواطنين والمواطنات “تحديدا الشرائح الشابة”، وتجاوز معدل النمو الحقيقي للاقتصاد لهذا المستوى، يعني أنه تمكن من التقدم فعليا على طريق تنويع قاعدته الإنتاجية وفق برامج الإصلاح والتطوير “رؤية 2030″، وأن كثيرا من الاستثمارات الوطنية تم تأسيسها والتوسع فيها، ما أدى بدوره إلى إيجاد مئات الآلاف من الوظائف المجدية أمام الباحثين عنها، ومساهمته في تحسين مستويات دخل الأفراد والمجتمع، الذي يعد العمود الفقري للطلب الاستهلاكي الخاص محليا “يشكل 43 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لدينا”، وهو ما يمثل في مجمله الحلقة المتكاملة لتوطيد الاستقرار الاقتصادي المنشود. ثانيا: أشارت تقديرات صندوق النقد الدولي الأخيرة، إلى احتمال وصول حجم الدين الحكومي إلى نحو 830 مليار ريال (26.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) بنهاية 2022، ما يعني زيادة عبء سداده على كاهل الميزانية الحكومية في منظور الأعوام القليلة المقبلة. يمكن التعامل مع هذا العبء المالي بعدم القلق الكبير؛ إذا توافر لدينا اقتصاد ينمو بمعدلات أسرع وأكبر من تقديرات الصندوق المذكورة أعلاه، بل إنه في حال تحقق نمو سنوي يزيد بالضعف على تلك التقديرات، فلا شك أن نسبة الدين الحكومي للاقتصاد ستأتي أدنى بكثير مما قدره صندوق النقد الدولي (26.4 في المائة)، والأهم من ذلك أن النمو الحقيقي الأقوى للاقتصاد الوطني بما لا يقل عن 4.0 في المائة سنويا، يعني أن القطاع الخاص في حال تمكنه من تحقيق نمو سنوي أعلى خلال الأعوام القادمة، سيكون المصدر الأكبر لتمويل الإيرادات الأخرى غير النفطية، وأيضا سيكون النمو المتسارع للقطاع الخاص الممول الأبرز لسداد الدين الحكومي، إضافة إلى دوره الآخر الذي لا يقل أهمية ممثلا في قدرته على توفير فرص العمل اللازمة أمام طالبي العمل من المواطنين والمواطنات. إن وضع هدف النمو الاقتصادي في مقدمة أولوياتنا خلال المرحلة الراهنة ومستقبلا، والعمل على تحقيقه وفق نسيج أو منظومة متكاملة من السياسات والبرامج، يعد أولا وآخرا أمرا متمما ومنسجما تماما مع تطلعات “رؤية 2030″، وهو بالفعل الهدف الاستراتيجي الذي وضعته الرؤية وبرامجها التنفيذية العديدة. يأتي تأكيده هنا لتذكير مختلف الأجهزة التنفيذية، وإدارة السياسة المالية على وجه الخصوص كونها السياسة الأقوى مقارنة ببقية السياسات الاقتصادية، بما يؤهلها عمليا لممارسة دور أكبر وأكثر تأثيرا نحو تحقيق هذا الهدف وهو رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد، والتركيز هنا على تحفيز القطاع الخاص للوصول إلى هذه الغاية المنشودة. والله ولي التوفيق. (0)