أهمية المطرب الكبير محمد منير ليست فى أنه يقدم محتوى موسيقيا وغنائيا مختلفا فقط، لكن تأتى أيضا من كونه يضع يده ويستخدم حنجرته فى طرح قضايا عالمية تهم المجتمع الدولى أجمع وليس المصرى فقط، لدرجة تشعرك أنك أمام سفير أممى أو دبلوماسى أو سياسى. محمد منير استطاع خلال مشواره مع الغناء أن يكون المتحدث الرسمى باسم جموع الشعب فى الكثير من الهموم والقضايا التى طرحها من خلال أعماله. منير أو الملك كما يطلق عليه عشاق صوته سبق السياسيين والمهتمين بالشأن الدولى فى توقع العديد من القضايا التى لم يتحدث عنها إلا من خلال أعماله الغنائيه .لو عدنا إلى أعماله سوف تجدها إما أنها أرخت لمرحلة من مراحل مر بها الوطن، أو أنه توقع من خلال الغناء أمرا فحدث. «منير» همه الارض والوطن والانسان تلك قضيته التى حارب من أجلها. على المستوى الفنى هو فيلسوف هذا الزمن .جمعنى بمنير لقاء فى منزله فى إحدى ضواحى الشيخ زايد، منذ أن تضع قدمك فيه تشعر أنك فى منزل مصرى هكذا معالمه من الخارج ومن الداخل أيضا، فى أحد أركان المنزل تجد مشاية رياضية يجرى عليها المراحل الاخيرة من التأهيل بعدما أجرى فى ألمانيا منذ شهرين جراحة تغيير مفصل الحوض، وهو المرحلة التى ينجزها من أجل العودة سريعا إلى جماهيره الذين ينتظرونه فى أقرب وقت على خشبة المسرح يملأها غناءً وحركةً وبهجةً. منير أيضا أكثر اشتياقا أيضا لجمهورة. منزل منير لا يخلو من الاحباء والاصدقاء المقربين وهى ثمة بيوت أهالينا فى بلادنا الطيبة أسوان ومطروح وسيناء. الحوار مع منير دائما ما يكون به آراء ووجهات نظر تعبر بك من مكان إلى مكان ومن زمن إلى زمان. تقرب لك مسافات بعيدة وتختصر سنوات من الزمن .اللقاء لم يكن مرتبا، مكالمة من الملك أنا فى انتظارك غدا، لذلك لم أكن أعلم هل هو لحوار أهيئ نفسى له أم مجرد زيارة لفنان كبير، لذلك قررت أن تكون طبيعة اللقاء وفقا للحالة التى نكون عليها. وبالفعل خرجت من تلك الدعوة بمجموعه من الآراء والافكار، التى طرحت نفسها على الجلسة بعد أن استمعت إلى أغنيته الجديدة «بيت واحد وطن واحد عالم واحد». التى طرحت فى تطبيق أنغامى الشهير المتخصص فى الموسيقى ويغنيها مع يوسو ندور وعادل طويل، وهى أغنية عن اللاجئين، تم إصدارها بـ3 لغات حتى تصل رسالة الأغنية إلى العالم، والتى تؤكد أن الأصل هو الإنسان وتعلى من ثقافة قبول الآخر، حيث يغنى منير الجزء العربى منها، بينما يغنى المغنى الألمانى من أصل مصرى عادل الطويل باللغة الألمانية، فيما يغنى وزير الثقافة والسياحة السنغالى السابق يوسو ندور بالفرنسية.أغنية عالم واحد أو One world عمل الكينج محمد منير عليها منذ فترة طويلة خاصة أن قضية اللاجئين قضية تشغل بال العالم أجمع وحرص الكينج على أن تكون الأغنية بـ3 لغات حتى تصل إلى أكبر كم من الجمهور حول العالم. كان من الطبيعى أن أسأله حكاية هذا العمل المغنى بثلاث لغات ولماذا الالمانية والفرنسية والعربية كلغات ثلاث للغناء. وبطبيعة الحال سألته كيف كان يقضى وقته فى ألمانيا أثناء رحلة العلاج الأخيرة .فى البداية قال الكل يعلم إنى مهموم منذ بداية مشوارى مع الغناء بالوطن والارض والانسان الذى لخصته فى جملة «بلاد الله»، لذلك فهذا الحلم والامل ملازمان لشخصيتى طوال الوقت.<كيف جاءت فكرة هذا العمل؟ــ أنت تعلم أن أوربا حاليا مليئة بمئات الآلاف من اللاجئين خاصة من سوريا الشقيقة، وللأسف أصبح هناك سلوك رافض لهؤلاء اللاجئين خاصة بعد حادث الشانزليزيه وحوادث أخرى فى ألمانيا وبعض دول أوربا الأخرى، هذا السلوك الرافض للاجئين أصابنى بالحزن، فى نفس الوقت كان صديقى المغنى والموسيقى المصرى الالمانى عادل الطويل جاءته فكرة هذا العمل وعندما عرضه علىّ فرحت جدا به. لأنه أيضا يعبر عن قضيتى منذ سنوات بلاد الله.<ماذا تقصد ببلاد الله؟ــ أقصد أن الأرض ملك للانسان وليس لجنسية بعينها، كلنا أبناء هذه الأرض دون أن نحدد مسميات دولية.< أجد لديك حماسا كبيرا لهذا العمل وتلك القضية التى تمس المهاجرين أو اللاجئين؟ــ أولا دور الفنان ليس تقديم الاغنية العاطفية أو الغناء التقليدى بكافة صوره وأشكاله، لكن الفنان له رسالة يجب أن يؤديها .< ما الذى استفزك فى قضية اللاجئين؟ــ أولا هناك معسكران فى هذا الامر؛ الاول يرفض اللاجئين بشدة ويطالب بخروجهم من أوربا وهناك أحزاب سياسية تتبنى هذا الامر ومعسكر آخر يدافع وأغلبهم من العرب .لكن خطورة الامر أننا جميعا فى كل بلاد العالم وليس الشرق الاوسط وإفريقيا فقط معرضون أن نكون لاجئين ليس بالضرورة بسبب الحروب، لكن هناك كوارث طبيعية مثل تسونامى من الممكن أن تجعل مواطنى أى دولة لاجئين لذلك أى إنسان منا معرض لهذا الامر، لذلك كان من الطبيعى أن نقدم تلك الرسالة لأوربا والعالم أجمع . أردت أن أقول كلنا مشاريع لاجئين.< أوربا نفسها تعرض مواطنوها لهذا الامر أثناء الحرب العالمية ومنها دول الآن عظمى؟ــ هذا صحيح لذلك أتمنى أن تصل الرسالة للعالم.< وما الذى تطلبه من الدول الأوربية بخلاف قضية اللاجئين؟ــ أولا أتمنى أن يساعدونا فى أمور كثيرة، فالمساعدة ليست بالضرورة سلاح، نحن نريد أن يساعدونا بإقامة ساحات للغناء ومستشفيات على أعلى مستوى ويساعدوننا أيضا فى التعليم ويفيدونا من تجاربهم، ساعدنى بعلمك، بتأهيل المعلمين ليس لأننا ضعفاء لكن حتى نجتاز جميعنا الصعاب، ساعدنى بإخلاص وضمير. بالمناسبة وهذا الكلام أنا قلته فى حفل شرم الشيخ العام الماضى بعد أن شاهدت صورة الطفل السورى الغريق، قلت ففى الوقت الذى يرفض الاوربيون اللاجئين السوريين استقبلت مصر 200 ألف سورى على الرغم مما نعانيه.< هل فى رأيك الخلاص من الارهاب الذى يجتاح العالم مرتبط بتلك المساعدات؟ــ بالتأكيد لو القضاء على الارهاب سوف يمتد 30 سنة بتلك المساعدات سوف نقضى عليه فى أقل من ربع هذه السنوات.< هناك ردود فعل إيجابية لهذا العمل؟ــ الحمد لله وأتصور أننا بعد تصويره خلال الشهر القادم سوف يحقق الهدف بشكل أفضل.< بماذا تفسر حالة الانقسام حول قضية اللاجئين؟ــ إحنا خايفين من بعض، الاجانب يرون فى بعض اللاجئين مشاريع إرهابيين ونحن فى الجانب الآخر نطالب بالتصالح حتى يذهب الخوف، وأرض الله مافيهاش بيتى وبيتك أو أرضى وأرضك فيها بلد فى بيت واحد ووطن واحد. ليس لدينا خيار سوى أن نكون جنبا إلى جنب.. هذا هو الخيار الوحيد.< الأغنية بالفرنسية والالمانية والعربية هل هناك مدلول من الاعتماد على تلك اللغات الثلاث؟ــ عندما فكر عادل فى الأغنية كانت أيام حادث شارل ديجول وبعدها قامت الدنيا فى فرنسا ضد اللاجئين وقامت مظاهرات لطردهم وفى ألمانيا هاجموا ميركل المستشارة الالمانية خوفا من الارهاب وهناك أحزاب ضدك أيضا وهنا ولدت فكرة الاغنية واللغات الثلاث.< هل اطلعت عن قرب على أوضاع اللاجئين؟ــ أثناء وجودى فى المستشفى لإجراء جراحة المفصل شاهدت شباب من بترت ساقه أو يده وتألمت جدا لهذا المشهد، وبعض هؤلاء المصابين والمتضررين تحدثت معهم، لذلك تألمت كثيرا لما شاهدته على الطبيعة. أيضا التقيت باثنين من الذين أصيبا فى حادث تفجير الكنيسة البطرسية فى العباسية، وتحدثت معهم كثيرا وكانوا سعداء جدا بى وكنت ألتقى بهم فى بعض الاوقات كلما أتيحت الفرصة لى حتى أخفف عنهم.< قلت فى أحد حواراتك الصحفية بعد الثورة مباشرة مافيش ثورة عمرها 18 يوما؟ــ هذا صحيح مافيش ثورة عمرها 18 يوما والثورة ليست فى أن تعزل رئيسا وتأتى بآخر، لكن الثورة يجب أن تكون على السلوكيات وكل الاوضاع السلبية، وأتصور أن ما يحدث الآن هو إفرازات طبيعية لما حدث وعلينا أن نصبر حتى نتخطى تلك الفترة، كل الشعوب المتقدمة عاشت محن ومآسى وشقاء وتعب أكثر منا ثم خرجوا منها دولا متقدمة وعملاقة ومصر ليست أقل من هذه الدول، لكن علينا أن نصبر، وأجمل ما نعيشه حاليا أن أغلبنا يسعى نحو الافضل ويتمنى الاحسن فى التعليم والصحة والغناء فى كل شىء. وأنا مندهش أن بعضنا ينظر إلينا على أننا «قليلون» لا نحن كبار ولا نرضى بأن نكون كذلك وأنا قلتها من الثمانينيات «مانرضاش» وقلتها فى 2011 فى «إزاى».< إذن أنت معى أن السلوك العام عندنا فى أزمة؟ــ نحن نعانى من الركاكة فى كل شىء، للأسف هذه الركاكة دخلت صلب حياتنا، لذلك أنا أريد من الناس فى مصر ألا تتعجل الامور. ويجب أن نؤمن بالايجابية فى حياتنا.< هل ترى أن الاغنية محرضة على الثورة؟ــ ممكن نقول داعمة لكنها لا تصنع ثورة، دائما نعود للغناء فى أحلك اللحظات، فى المرض والاصابة، الانسان وهو ينزف يغنى حتى يخفف عن الأمة.< علمت أن هناك أديبا أمريكيا ذكرك ضمن ثلاثة مطربين فى كتابه الذى تناول الاغنية والثورة؟ــ هذا صحيح براد أفنيس اختارنى مع اثنين من المغنيين الاول من جنوب إفريقيا والثانى من الهنود الحمر واستند لهذه الاعمال باعتبارها أثرت وهزت الشعوب واختار أغنية إزاى من أعمالى. والاغنية فعلا مثلما قال تساعد وتساند على تخطى المحن والمشكلات. الاغنية عامل من عوامل التخفيف عن الانسان لذلك هناك مغنون ظهروا فى السجون.< لك مشروع مهم فكرت فيه منذ سنوات وهو مهرجان للصداقة يجمع دول حوض النيل ألا ترى أن موعد ميلاد هذا المهرجان قد جاء بعدما اتجهت مصر فى عهد الرئيس السيسى إلى إفريقيا؟ــ كما ذكرت أنا فكرت فى هذا المشروع منذ سنوات وهو حلم من أحلامى وما زال الامل بداخلى لتحقيقه، والفرصة قائمة، نحن أبناء نهر واحد. لأن إفريقيا هى المستقبل. وأتساءل كيف يهمل النيل بهذا الشكل. نحن البوابة الحقيقية لإفريقيا.< بمناسبة إفريقيا دارت بينك وبين أعضاء فرقة بوب مارلى معركة حول جنسية وموطن موسيقى الريجى؟ــ هذا صحيح كنا فى حوار مع برنامج كوك ستوديو وكان صراعنا حول من الأحق بالريجى، وقلت لهم إنها ولدت فى أحضان النيل وليست فى جاميكا، بدليل أن الاب الروحى لهم هو هيلا سيلاسى الزعيم الافريقى والذى عاش فى مصر حتى 1963.< كيف ترى حال الموسيقى عندنا؟ــ أولا لابد أن يعى الجميع أن أحدث الموضات الموسيقية صنعت فى مصر عندنا، الراب مثلا هو الموال والعدودة وهو مثل حفلات الرئاء عندنا الذى يتحدث فيها كل إنسان عن مشاعره تجاه الشخص الذى رحل. نحن لم نستطع أن نستوعب أن هذه الاشكال الموسيقية خلقت عندنا، فهى نتاج أفرحنا وأحزنا.نحن نملك المولد الحقيقى الذى صدر للعالم كل هذه الموسيقات.< إذن لماذا لا نتباهى بذلك؟ــ نحن نتعالى على تراثنا منذ زمن طويل، الموضوع عندك وتلجأ للغير لكى تحصل عليه، انظر للاغانى الشعبية التى كانت تقدم فى الاذاعة وتوقيت إذاعتها فى فترة الظهيرة أسوأ فترات السمع، والاكثر من ذلك أن الموسيقى النوبية كانت تذاع فى ركن السودان بعد ذلك ماذا تريد.< كان لك السبق فى تقديم بعض هذه الأعمال الشعبية فى إطار جديد«ارتدت الإطار الشيك»؟ــ أنا أنظر للامر بهذا المنطق لكننا كلنا نملك تجارب وكلنا نأخذ من بعضنا البعض.< قدمت رسالة حب لمن قدموا حملة على صفحتك الرسمية «فيس بوك» للنجوم المشاركين فى حملة «اخترلك شارع»، حيث ظهر عدد من النجوم ليغنوا بلغة الإشارة الخاصة بـ«الصم والبكم »على صوتكوكتبت: «يا شباب مصر أنتم قلب وعقل مصر أنتم الأمل الجميل ماليش غيركم وعلو صوتكم بالغناء.. محبتى لكم..»؟ــ هذا صحيح أنا سعيد جدا بهذا العمل وأتمنى أن تكون كل الأعمال الهادفة على هذا النحو من الاهتمام.