عزيزي المسؤول من حقك أن تعتذر عن حضور مناسبة أو اجتماع ويتم تأجيله، وأتفهم انشغالك بظرف طارئ لمرة أو مرتين، ولكن إذا كانت هذه الصفة تُلازمك في كل مناسبة، كرمز للأهمية وعلو المكانة - كما هو سائد ومُعتقد في عالمنا العربي - لكثرة مهامك الجسام وواجباتك العظام، فاعلم أنَّك فشلت في إدارة وقتك، وتنظيم عملك، بسبب خصلة سوداء يصعب أن تنتظر معها من الآخرين التزاماً حقيقياً، أو إنجازا مُحدداً كما تتوقّع، فكل من هو تحت إدارتك سيتقمّص شخصيتك في التأخير، واللا مُبالاة كجزء من مفهوم توارث الطباع في علم الإدارة الحديث. احترام الوقت لا يأتي بالفطرة، بل بالغرس والتعوّد والمُمارسة في كل مراحل ومناحي الحياة، وهو الفارق الحقيقي الذي يضمن النجاح دائماً، فالمُتقدمون يحترمون أهمية (اللحظة) في زمن يختبئ فيه المُتأخرون خلف (ستار الوهم) الكاذب، بإضفاء أهمية مُصطنعة على طريقة الحضور في الوقت المُحدد (تقليل) من شأن الشخص، وأنَّ ما يزيد مكانتك في عيون من حولك هو مدى انتظارهم (لطلة وجهك) المُتأخرة دائماً، كجزء من ثقافة يتواصى بها المديرون الفاشلون عادة، ويدفع الوطن وتنميته الشاملة ثمنها، عندما نفقد الموثوقية في الوقت فيما بيننا، بينما يُفترض أن نضبط به عباداتنا (الصلاة، والصوم، والحج ... إلخ) قبل أن يكون مقياساً لنجاح المؤسسات والأفراد في جدية ودقة وسرعة الإنجاز. من يحمل هذه الصفة، عليه أن يخجل أكثر من غيره فهو عضو مُعطّل لنهضتنا، فاقد لأهم (قيم) تقدم الأوطان والمُجتمعات، التي تعتبر (الالتزام بالوقت) وحسن إدارته من أهم أسباب النجاح والتقدم في زمن السرعة والدقة، فالمسؤول الذي يحضر في الوقت المُحدد ويلتزم به في الثقافات الناجحة، ترتفع مكانته، وتزداد هيبته، ويحظى باحترام وتقدير أكثر، بينما ما زال بعضنا يصفق للمُتأخرين، ويغلف (فشل) إدارتهم للوقت بشعار الأهمية والنجاح والمكانة الزائفة. وعلى دروب الخير نلتقي.