×
محافظة المدينة المنورة

نظام الإنذار المبكر يطلق تنبيهاً متقدماً عن أمطار رعدية على “مهد الذهب”

صورة الخبر

صار اسقاط النظام أهم من مستقبل سوريا. قد ترتبط قناعة من ذلك النوع باليأس من إمكانية اصلاح النظام السياسي، لذلك وجب اقتلاعه وإن بطريقة فوضوية. وهو ما تحمست له المعارضة العراقية يوم تحشيدها في إطار مشروع الغزو الأميركي. لا أعتقد أن تلك المعارضة قد فكرت في مصير العراق والعراقيين بقدر ما فكرت أولا بإزالة النظام الحاكم وثانيا بالمكتسبات التي ستجنيها من وراء انضمامها إلى ركب الغزاة. النتيجة كانت أن نظاما هو الأكثر تخلفا في عالمنا المعاصر حل محل نظام انتهى إلى أن يكون متخلفا من غير أن يكون فاقدا لوطنيته. وهو ما يعرفه جيدا المعارضون الذين صاروا حكاما. الامر الذي شكل عقدة لهم. ولعلاج تلك العقدة فقد تم استئصال مفهوم الوطنية بدءا من محاولة تمييع مفهوم الوطن. فكما تم الترويج له من قبل الطاقم الإعلامي الذي حضر بصحبة الغزاة فإن العراق كيان تم اختراعه من قبل البريطانيين بعد الحرب العالمية الأولى لذلك يمكن القول إنه ليس هناك شعب عراقي بل أن العراقيين هم مجموعات بشرية أطلق عليها في الدستور الجديد اسم المكونات. فكان هناك شيعة وأكراد وعرب سنة. وهكذا قطعت صلة العراق بمحيطه العربي. وفق ذلك المنظور فإن العرب لا يملكون رصيدا لهم سوى أتباع المذهب السني، أما أتباع المذهب الشيعي من عرب العراق فهم شيعة فقط. لقد جرى تطبيع ذلك المشروع المتخلف سياسيا من خلال نظام المحاصصة. وهو نظام من شأن تكريسه أن يقف حائلا دون قيام دولة عراقية موحدة، ذات سيادة على أراضيها بقانون يستند على مبدأ المواطنة. وإذا ما عدنا إلى المسألة السورية فإن المعارضين السوريين وبعد أن تم إفشال الثورة السلمية بسبب دخولهم طرفا في الصفقات الإقليمية والدولية صار جزء منهم اليوم مقتنعا بالحل العراقي بل ومروجا له. ما يهم اسقاط النظام. اما تفكيك سوريا فسيكون أمرا واقعا يمكن تطبيعه. سوريا الأقليات هي الأكثر حذرا من مصير يجعلها شبيهة بعراق الطوائف. لذلك فإن الحكومة السورية لا تزال قادرة على إدارة ملفات الأزمة بطريقة مقنعة من غير أن تتأثر بآثار الكارثة الإنسانية التي حلت بالسوريين. لقد تبين للأقليات السورية أن لا وجود لدولة سورية توفر لها الحماية في حالة سقوط الدولة الحالية. هناك من يلوم الدروز على إدارة ظهورهم للثورة. بعد ست سنوت من العنف يظهر الدروز بمظهر الأذكى. لقد حافظوا على حياتهم ومدنهم وكانوا أوفياء لمصيرهم مواطنين سوريين. إنها سلطة الأمر الواقع. وهو ما يجب الاعتراف به عربيا.   فاروق يوسف