صادق ناشر صنع إيمانويل ماكرون، مرشح الوسط، المفاجأة الأهم في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، التي جرت الأحد الماضي، وشهدت سباقاً ساخناً بين أربعة مرشحين رئيسيين هم، إضافة إلى ماكرون: مارين لوبان، مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف، وممثل اليمين المعتدل فرانسوا فيون، وجان لوك ميلانشون ممثل اليسار.ماكرون حقق أعلى نسبة في أصوات الناخبين بنسبة اقتربت من ال 24%، مقابل أقل من 22% لمارين لوبان، فيما تقاربت نسبتا فيون وميلانشون بين 19 و20% على التوالي، ما سمح لماكرون بتصدر المشهد القادم، مستفيداً من الدعم الذي سيحصل عليه من ثلاثة مرشحين هم: فيون، وميلانشون، وبونوا هاموند ممثل الحزب الاشتراكي، الذي حصل على ما يقرب من 8% من الأصوات؛ حيث دعوا جميعاً أنصارهم للتصويت لصالح ماكرون في الدورة الثانية، التي تجري في السابع من شهر مايو/ أيار المقبل. ماكرون المفاجأة المتوقعة، الذي يتزعم حركة «إلى الأمام»، لم يكن المرشح المطروح لمنافسة مارين لوبان، فقد كان الصراع يتمحور بين لوبان وفرانسوا فيون، مرشح الجمهوريين، إلا أن عوامل عدة ساعدت ماكرون على أخذ الأسبقية في الرهان؛ وذلك عندما تعثر فيون متأثراً بسلسلة من الفضائح المتصلة بوظيفته العامة، وتمثلت في توظيف زوجته ونجليه عندما كان ممثلاً للحزب في البرلمان. ويبدو أن الفرنسيين منحوا ثقتهم لماكرون ليصبح رئيساً جديداً للبلاد، فهو شاب، لا يتجاوز عمره ال 40 عاماً، ولديه من الطموح ما يكفي ليصبح رئيساً أفضل من السياسيين الذين تعاقبوا على حكم البلاد خلال العقود الأخيرة، إضافة إلى قربه من هموم الناخب الفرنسي، ويعول عليه في أن يكون منفتحاً على أوروبا والعالم، الأمر الذي كشفت عنه تصريحات للقادة الأوربيين، المرحبين بفوزه، بخاصة بعدما أطلق ما سماه «المشروع الأوروبي»، كما أن المواقف التي تعلنها مارين لوبان، جعلت أوروبا تعيش هواجس وقلقاً منطقيين؛ ذلك أنها تدعو إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي على غرار بريطانيا. أكد ماكرون في خطاب ألقاه إثر الإعلان عن نتائج الدورة الأولى من الانتخابات أنه خلال سنة استطاع أن يغير وجه السياسة في فرنسا، وهو تجسيد عملي للواقع، فقد كانت فرنسا تشهد في الغالب صراعاً بين الجمهوريين والاشتراكيين، قبل أن يدخل اليمين المتطرف بشكل قوي خلال الدورات الانتخابية الأخيرة، وإن لم يصنع مفاجأة كبيرة، كما هو الحاصل اليوم.المراقبون يعتقدون أن نوايا التصويت في الدورة المقبلة ستصب في مصلحة ماكرون ليصبح رئيساً لفرنسا، بخاصة بعد أن أعلنت معظم الأحزاب وقوفها في وجه اليمين المتطرف، لكن يجب الانتظار إلى أن تُعلن النتائج النهائية بعد انتخابات الإعادة في السابع من الشهر المقبل، فقد تحصل المفاجأة وتقلب لوبان الطاولة على جميع التوقعات، مستفيدة من حالة مخاوف المواطن الفرنسي من مخاطر الإرهاب الذي يعبث بالبلاد منذ سنوات طويلة. Sadeqnasher8@gmail.com