لم ينجح أي وزير عمل حتى الآن بإنهاء أزمة استقدام العمالة المنزلية، حتى أصبح هذا الملف أشبه ما يكون بالعصا التي يتناوب عليها المتسابقون في سباقات التتابع! فوزير العمل هو المتغير، وأزمة العمالة المنزلية هي الثابت، بل وفي مقدمة مستقبلي كل وزير عمل جديد. وذلك أمر طبيعي ما دام الاهتمام بالأزمة في الشكليات والقشور الخارجية، دون بلوغ جذورها وتذليل الصعاب الحقيقية أمام حلها. باستثناء جملة القرارات والتنظيمات لتحسين وتطوير سوق العمالة المنزلية، التي أصدرها وزير العمل والتنمية الاجتماعية السابق قبل عامين، والتي لم ير معظمها طريقاً إلى التنفيذ، لم ألمس حلولاً واقعية تشعرني كمواطن بأن هناك جدية في السعي نحو حل أزمة الاستقدام. فآخر قرارات الوزارة قبل أيام، هو مشروع فتح حسابات بنكية لتحويل رواتب عمالة الخدمة المنزلية، وكأن سبب أزمة الاستقدام هي رواتب عمالة لا يدفعها الكفلاء! أيضاً عمدت وزارة العمل مؤخراً إلى إيقاف منح التراخيص لمكاتب الاستقدام المحلية، بدعوى إعادة الضوابط الخاصة بمنح التصاريح. وهذا من شأنه أن يفاقم أزمة الاستقدام، خصوصاً مع تنامي الطلب على العمالة المنزلية وإغلاق العديد من المكاتب المخالفة للأنظمة. بالمناسبة، كان بإمكان وزارة العمل إعادة تصنيف مكاتب وشركات الاستقدام مع الاستمرار بمنح التراخيص لمن لديه القدرة على الاستقدام، ووفق الشروط والضوابط التي تحددها الوزارة. من الحلول الشكلية أيضا، إعلان وزارة العمل أنها تعمل حالياً على تطوير آلية للتحقق من امتثال شركات ومكاتب الاستقدام للوائح والأنظمة، وأعتقد أن أفضل مؤشر للتحقق من امتثالها هو استقبال شكاوى المواطنين وسرعة حلها. نحن على مسافة شهر من حلول شهر رمضان المبارك، وهو موسم الذروة في الطلب على العمالة المنزلية، وازدهار السوق السوداء وتأجير العاملات. فإن لم يتم التعامل بجدية مع ملف العمالة المنزلية، سيظل مفتوحاً لمواسم قادمة عديدة.