أبوظبي: علي أسعد يعتزم صندوق النقد العربي إطلاق مؤشر عربي للشمول المالي يعطي تصنيفا واضحا لكل دولة عربية بالنسبة لموقعها من الشمول المالي.وقال المدير العام رئيس صندوق النقد العربي للصحفيين على هامش المؤتمر الذي عقد امس في ابوظبي حول الشمول المالي الذي عقد بالتعاون مع التحالف العالمي للشمول المالي «افي» والوكالة الإماراتية للتنمية «جيز» وتخلل المؤتمر التعريف بالمبادرة الإقليمية التي يتعاون فيها صندوق النقد العربي مع التحالف العالمي للشمول المالي (AFI) والوكالة الألمانية للتنمية (GIZ). يأتي انعقاد مؤتمر الشمول المالي العربي بمناسبة اليوم العربي للشمول المالي الذي قرره محافظو البنوك المركزية وسلطات النقد العربي عام 2016 الذي اعتبر يوم 27 ابريل/نيسان من كل عام يوما للشمول المالي العربي. وبهذه المناسبة وضع شعار اليوم العربي للشمول المالي على الصرافات والبنوك في الدول العربية وبدأت المدارس العربية حصتها الأولى حول الشمول المالي العربي وأهمية تعزيز وتوسيع قاعدة شمول مختلف الفئات والشرائح في المجتمعات العربية في الحصول على الخدمات المالية المصرفية بهدف تعزيز الشمول المالي والتنمية المستدامة. وقال حيدر البغدادي المدير الإقليمي للوكالة الألمانية للتنمية (GIZ) إن تصنيف المنطقة العربية بالنسبة للشمول المالي هي في أدنى السلم على المستوى الدولي، فهناك 20% فقط من المجتمعات العربية الذين لديهم حسابات مصرفية، وإن نسبة الشمول المالي للنساء في المنطقة العربية 9% فقط، ولذا فإن المنطقة العربية تحتاج إلى جهود كبيرة لتعزيز الشمول المالي، وأكد أن الوكالة الألمانية للتنمية تعتزم إطلاق مؤشر للشمول المالي يصنف كل دول العالم وفقاً لمعايير محددة سيتم وضعها للشمول المالي. ومن ناحية رافي ريك مدير العمليات في التحالف العالمي للشمول المالي «افي» قال إن المؤسسات المالية يجب ان تعي أهمية المبادرات لتعزيز الطلب على الخدمات المالية والمصرفية بأسعار معقولة لجعل الخدمات متاحة للجميع، مشيرا إلى الأهمية الاستثنائية للخدمات المصرفية الإسلامية في المنطقة وهذا يتطلب جهوداً كبيرة من المؤسسات المالية الإسلامية لتقديم خدماتها بما يعزز الشمول المالي.الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الحميدي المدير العام رئيس مجلس إدارة صندوق النقد العربي وخلال المؤتمر الصحفي شدد في كلمة على الأهمية الكبيرة التي تحظى بها اليوم سياسات واستراتيجيات الشمول المالي، إدراكاً للعلاقة الوثيقة بين الشمول المالي والاستقرار المالي والنمو الاقتصادي بصورة خاصة، وتحقيق التنمية المستدامة بصورة عامة. فمن الصعب تصور استدامة الاستقرار المالي، بينما لاتزال هناك نسبة كبيرة من السكان أو المؤسسات مستبعدة مالياً من النظام الاقتصادي. كذلك، فإن الشمول المالي يعزز فرص التنافس بين المؤسسات المالية من خلال العمل على تنوع منتجاتها والاهتمام بجودتها لجذب أكبر عدد من العملاء والمعاملات، بالتالي تقنين القنوات غير الرسمية.وأضاف الحميدي: يجب عدم إغفال أثر الشمول المالي على الجانب الاجتماعي من حيث الاهتمام بمحدودي الدخل من جهة، وبفئات محددة من المجتمع من جهة أخرى مثل المرأة والشباب، إلى جانب التركيز على وصول المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر للخدمات المالية ودمجها بالقطاع المالي الرسمي، عن طريق تقديم المنتجات والخدمات المالية المناسبة لها.بالمحصلة، يساهم الارتقاء بالشمول المالي، إيجابياً في خلق فرص عمل جديدة، الأمر الذي يخدم تحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي المستدامين، بالتالي خفض معدلات البطالة والفقر وتحسين توزيع الدخل ورفع مستوى المعيشة.يحظى تعزيز الشمول المالي في حالة دولنا العربية باهتمام متزايد من قبل صانعي السياسات، على ضوء الحاجة الكبيرة لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة والشاملة، بما يساعد على مواجهة تحديات البطالة وإرساء العدالة الاجتماعية. إذ يصل معدل البطالة على مستوى الشباب في الدول العربية إلى حوالي 28 في المئة، مقابل نسبة 12 في المئة فقط على مستوى العالم. ولعل أرقام البطالة هذه، أكثر شدة في حالة النساء الشابات، حيث تبلغ نحو 43 في المئة لدى الدول العربية، مقابل 13 في المئة فقط على المستوى العالمي.وأضاف الحميدي: تعكس أرقام البطالة هذه، في جانب منها، الحاجة لتعزيز فرص الوصول للتمويل والخدمات المالية لمختلف فئات المجتمع في دولنا العربية. تظهر المؤشرات المتاحة عن المنطقة العربية، الفرص الكبيرة الكامنة - خاصة للمؤسسات المالية الخاصة- التي يمكن تحقيقها من جراء تعزيز الوصول للخدمات المالية في المجتمعات العربية، إذ تشير الإحصاءات إلى أن نسبة السكان البالغين في الدول العربية الذين لا تتوفر لهم فرص الوصول للخدمات المالية والتمويلية الرسمية، تصل إلى نحو 71%. وتصل هذه النسبة لنحو 78% على صعيد النساء، ولنحو 93% على صعيد الفئات محدودة الدخل في الدول العربية. لعل من المناسب، الإشارة إلى أن هذه الأرقام تخفي تفاوتاً في هذا الشأن بين الدول العربية كل على حدة.وقال: «هناك محاور عديدة لتعزيز الشمول المالي في دولنا العربية، منها متابعة جهود تطوير البنية التحتية المالية، والارتقاء بجوانب توفير الحماية لمستهلكي الخدمات المالية، والعمل على تطوير خدمات ومنتجات مالية مناسبة ومبتكرة تستفيد من التقنيات الحديثة في الوصول لمختلف فئات المجتمع. إلا أن تعزيز التوعية المالية، يمثل أكثر هذه المحاور أهمية في حالة دولنا العربية.في هذا السياق تأتي أهمية مناسبة اليوم العربي للشمول المالي، الذي تتعاون فيه المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية مع المؤسسات المالية والمصرفية ووزارات التربية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، لإلقاء الضوء على قضايا الشمول المالي والتوعية بشأنها. ونحن ممتنون في هذا الصدد، لما ستقوم به اليوم المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، من أنشطة وفعاليات للتوعية بالشمول المالي».وأكد الحميدي على الجهود الكبيرة التي تقوم بها السلطات المالية في الدول العربية، حيث تحرص هذه السلطات على مواصلة إيلاء قضايا تحسين الشمول المالي والوصول إلى الخدمات المالية ذات الجودة والتكاليف المعقولة، ومنحها الأهمية والأولوية المناسبة في إطار السياسات الاقتصادية المتخذة. كما تعمل تلك السلطات في الدول العربية على تطوير التشريعات والأنظمة والأطر الرقابية التي تساعد على تحسين انتشار الخدمات المالية والمصرفية وتشجيع الابتكار في هذا المجال، إضافة لمتابعة مساعي الارتقاء بأنظمة البنية التحتية السليمة للنظام المالي والمصرفي وتشجيع تطور وتوسع الخدمات المالية غير المصرفية. كذلك تولي السلطات في هذا السياق، أهمية خاصة لقضايا حماية مستهلك الخدمات المالية، حيث تحرص المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية على تطوير السياسات والبرامج التي تعزز الشفافية في المعاملات المالية والمصرفية، بما يرسخ الثقة في النظام المالي من جهة، ويخدم من جهة أخرى أغراض التوعية والتثقيف. الارتقاء بقضايا التثقيف أعلن صندوق النقد العربي بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتنمية (التابعة لوزارة التنمية والتعاون الاقتصادي الألمانية)، إطلاق تقرير مشترك حول أوضاع وجهود الدول العربية على صعيد الارتقاء بقضايا التثقيف والتوعية المالية، ذلك في إطار مساعي تعزيز فرص وصول مختلف فئات المجتمع للتمويل والخدمات المالية، والارتباط الوثيق لذلك بتحقيق التنمية المستدامة. وقد جاء إعداد التقرير على ضوء تحضيرات ومناقشات المؤتمر الإقليمي عالي المستوى الذي شارك صندوق النقد العربي في تنظيمه حول «تعزيز التثقيف المالي في الدول العربية: الاستراتيجيات - التنفيذ والتأثير» المنعقد في المملكة المغربية يومي 20-21 اكتوبر 2016، وما تم تلقيه من المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية من ايضاح حول تجاربهم وبرامجهم. كذلك أخذ التقرير بالاعتبار الدراسات والأدبيات الحديثة التي تناولت جوانب التثقيف المالي. وعرف التقرير بالمبادرات والبرامج الإقليمية والدولية المتعلقة بالتثقيف المالي، كما استعرض أبرز التقارير والدراسات التي تناولت جوانب التثقيف المالي. يقدم التقرير، عرضاً للجهود والبرامج القائمة في عدد من الدول العربية حول التثقيف المالي، مبيناً مجموعة من الدروس المستفادة في هذا الشأن.