×
محافظة المنطقة الشرقية

أمطار على منطقة الباحة

صورة الخبر

القاهرة: «الخليج» انطلق في القاهرة أمس، مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، برئاسة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وقيادات المؤسسات المسيحية في العالم، ورابطة العالم الإسلامي، ومجلس حكماء المسلمين، وسط مشاركة فاعلة من دولة الإمارات. وأكد الطيب أن الإسلام يعزّز ثقافة السلام بين أهل الأديان السماوية، ويعلن الحرب ضد قوى الشر، التي تعتدي على كنائس المسيحيين، ومعابد اليهود، ما يؤكد حجم تسامح هذا الدين وتقديره للأديان السماوية، وحمايته لدور عبادة غير المسلمين، موضحاً في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، التي أدانت كل صور التعصب الديني، أن الإسلام دين سلام، ويقدّر توجهات المسيحية واليهودية نحو السلام، وعقيدة المسلم التي تلقاها من القرآن الكريم، تؤكد أن رسالة محمد، صلى الله عليه وسلم، ليست دينًا منفصلًا مستقلاً عن رسالة عيسى، وموسى، وإبراهيم، ونوح عليهم السلام؛ وإنما هو حلقة أخيرة في سلسلة الدين الإلهي الواحد، الذي بدأ بآدم، وانتهى بنبي الإسلام، وأن هذه الرسالات من أوّلها إلى آخرها تتطابق في محتواها ومضمونها، ولا تختلف إلا في باب التشريعات العملية المتغيرة، فلكل رسالة شريعة عملية تناسب زمانها ومكانها والمؤمنين بها، مؤكداً أن ما أوحاه الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم، هو عين ما أوحاه إلى نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، وهو ما يفسر اتفاق الأديان على أمهات الفضائل وكرائم الأخلاق.وأوضح الطيب، أن فلسفة السلام في الإسلام واضحة، وتؤكدها حقائق ثابتة، فالقرآن الكريم يقرّر حقيقة الاختلاف بين الناس دينًا، واعتقادًا ولغةً ولونًا، وإرادة الله شاءت أن يخلق عباده مختلفين، ويترتب على حقيقة الاختلاف في الدين منطقياً حق «حرية الاعتقاد»، وهي تستلزم بالضرورة نفي الإكراه على الدين، والعلاقة بين أهل الأديان تقوم على الحوار الطيب المهذب.وشدّد شيخ الأزهر على أن الحرب في الإسلام لا تكون إلا عند ضرورة، فهي استثناء يُلجأ إليه حين لا يكون منه بدّ، وهي ليست حرباً هجومية، بل دفاعية، وأول تشريع يبيح للمسلمين إعلان الحرب ورفع السلاح، هو دفع الظلم والدفاع عن المظلومين، ومشروعية الحرب في الإسلام ليست قاصرة على الدفاع عن المساجد فقط؛ بل مشروعة بالقدر ذاته للدفاع عن الكنائس، وعن معابد اليهود.وتساءل شيخ الأزهر: «إذا كانت نصوص الإسلام تكشف عن انفتاح هذا الدين على الآخر واحترامه واحترام عقائده، فكيف يصح في الأذهان وصفه بأنه دين الإرهاب»؟ وإذا قيل: «هو دين إرهاب؛ لأن الذين يمارسون الإرهاب مسلمون؟ فهل يقال إن المسيحية دين إرهاب؛ لأن الإرهاب مُورس باسمها هي الأخرى؟! وهل يقال إن اليهودية دين إرهاب؛ لأن فظائع وبشاعات ارتكبت باسمها كذلك»؟ وإذا قيل: «لا تحاكموا الأديان بجرائم بعض المؤمنين بها، فلماذا لا يقال ذلك على الإسلام؟ ولماذا الإصرار على بقائه أسيراً في سجن الإسلاموفوبيا ظلماً وبهتاناً وزوراً».وقال القس د. جيم وينكلر، الأمين العام للمجلس الوطني للكنائس بالولايات المتحدة، إنه على قناعة بأنه لا يمكن أن يعيش العالم في سلام ما لم يتعلم المسيحيون والمسلمون واليهود العيش في سلام واحترام متبادل، ويعملوا جميعاً لخير البشرية جمعاء، مؤكداً أن المجتمع المسيحي يُكن للأزهر وشيخه عميق الاحترام، ويقدّرون تواصله مع المجتمع المسيحي، خاصة رحلاته في السنوات الأخيرة إلى الفاتيكان، ومجلس الكنائس العالمي، وكانتبري، وزيارته لقادة الكنيسة في ألمانيا.وأشار وينكلر إلى أن المجلس الوطني لكنائس المسيح في الولايات المتحدة الأمريكية يعد صوتاً دائماً للسلام والمصالحة بين المسيحيين واليهود والمسلمين، وبناء السلام مع جيراننا المسلمين أحد مبادئنا الراسخة، مقدماً عزاءه لكنائس الشرق الأوسط، في ضحايا تفجيري كنيستي الغربية والإسكندرية.وقال القس د. أولاف فيكس، الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي، إن مجلس الكنائس يشعر بالامتنان الشديد للأزهر، ومجلس حكماء المسلمين، لعقد هذا المؤتمر في وقت دقيق ومهم تمرّ به المنطقة، محذراً من أن الهوية والنصوص الدينية يُساء استخدامهما من قبل البعض لإضفاء الشرعية على العنف والإرهاب، الذي يرتكبونه باسم الدين، مبيناً أن البشرية يجب أن تنبذ هذه الدعوات.وأوضح أمين عام مجلس الكنائس العالمي، أن مبدأ المواطنة يجب أن يكون هو المعيار الوحيد للتعبير عن كل المواطنين؛ لأنه يساوي بين الجميع في الحقوق والواجبات، ويمنحهم أرضية مشتركة للتعايش فيما بينهم.ودعا فيكس، إلى احترام جميع المواطنين في الدول الغربية، التي تشهد موجات هجرة متزايدة، وأن يكون هناك اندماج إيجابي بين جميع المواطنين في تلك البلاد.وأكد أمين مجلس الكنائس العالمي، أن الزعماء الدينيين يجب أن يتحدثوا بصوت واحد ضد دعاة الكراهية، وأن يقفوا مدافعين عن المساواة بين كل البشر، مضيفاً أن المحبّة والتعايش لم يعد مجرد رغبة إنسانية؛ بل مسألة ملحّة وأساسية، في وقت تزيد فيه جماعات العنف التي تستغل الدين لتبرير ممارساتها الإجرامية. وقال البابا تواضروس الثاني؛ بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، في كلمته التي ألقاها نيابة عنه الأنبا بولا، أسقف طنطا وتوابعها: «لا نستطيع مواجهة آلات الموت إلا بنشر السلام»، مؤكداً أن مصر ستنتصر على الإرهاب بزرع ثقافة السلام والمحبة في قلوب الناس، مشدداً على أن يكون البشر أداة حقيقية لنشر السلام بين الشعوب، وأنه بات على الضمير العالمي الوقوف أمام داعمي الإرهاب ومُموّليه، ووحدة الصف العالمي في تجفيف منابع الإرهاب المالي والعسكري والفكري.وناشد البابا تواضروس الثاني، «بضرورة السعي قدماً لإنهاء البؤر الاستعمارية في العالم، كما هو الحال في فلسطين، وكذلك تقليل الفجوة الاقتصادية بين الدول الغنية، والفقيرة، والسعي لوجود حدّ أدنى لمستوى معيشة الفرد في كل بلدان العالم؛ لأجل الوصول إلى مبتغانا من التعايش السلمي بين الجميع»، مشيرًا إلى أن الأوضاع الاقتصادية حول العالم تستدعي عمل الأغنياء بجدية على التكافل الاجتماعي، لتقليل الفروق في المستوى المعيشي، بين أفراد الدولة الواحدة لنشر السلام الاجتماعي.وقال د. محمد عبد الكريم العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، إن السلام الذي يسعى إليه علماء الإسلام ورجال الدين المسيحي مكسب عظيم للعالم أجمع، وهو مبدأ دين الإسلام، لافتاً إلى أنه لا يتحقق إلا بالحوارات التي تتم بين وقت وآخر، وبالإصرار على تنفيذ الأطروحات والتوصيات، مؤكداً أنه لا سلام إذا ازدوجت المعايير، ولا سلام إذا هيمنت قوى وحدها لتطبيقه، لكن السلام يأتي بصفاء الوجدان، حتى يكون سلاماً حقيقياً ينبذ خلق الكراهية البغيض.وأشار العيسى، إلى أن خطأ التشخيص، وخطأ المعالجة، يؤدّيان إلى الصدام الديني والتاريخي، وأن العلاج الصحيح يأتي من الإيمان بالتنوع، وطبيعة الاختلاف وتقبّل الآخر، مضيفًا أن الإرهاب ليس له دين ولا مدارس معينة، ولا وطن حتى نقصره على الإسلام، سائلاً المولى عز وجل أن يبارك في هذا المؤتمر، وأن يُجزي القائمين عليه خير الجزاء.وقال البطريرك برثلماوس الأول، رئيس أساقفة القسطنطينية، إن البشرية شهدت خلال عقدين هجمات مستمرة تسببت في الموت والأذى لملايين الأشخاص، وأصبح التهديد الأخطر في المجتمع المعاصر هو تهديد الإرهاب، ما أسفر عن اتهام الأديان صراحة بالتحريض على الإرهاب والعنف، والدين من ذلك براء، مؤكداً أنه يجب أن نروّج للحوار في مواجهة العنف والهجمات على الكنائس القبطية، من أجل تحقيق التعايش المشترك بين الشعوب.