قرر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تشديد الخناق على حركة حماس التي تبقي قطاع غزة خارج سيطرته منذ 10 سنوات، بينما يلوح في الأفق احتمال أن تطلق إدارة أميركية جديدة، أكثر تعاطفاً مع إسرائيل، مبادرة سلام في الشرق الأوسط. وأبلغت السلطة الفلسطينية التي يرأسها عباس وتلقى دعماً من الغرب، إسرائيل أنها ستتوقف عن دفع ثمن إمدادات الكهرباء الإسرائيلية إلى غزة، في تحرك قد يؤدي إلى انقطاع الكهرباء بالكامل عن القطاع الذي يعاني سكانه، البالغ عددهم مليونا نسمة، انقطاعات بالفعل في معظم أوقات اليوم. ولا تتعامل إسرائيل مع حماس؛ لأنها تعتبِر الجماعة الإسلامية منظمة إرهابية. وامتنعت السلطة الفلسطينية عن توضيح سبب اتخاذها هذه الخطوة، لكنها تمارس بالفعل ضغوطاً على حماس؛ لحجب الوقود الإسرائيلي الذي كان حتى أسبوعين مضيا يُستخدم في تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة في غزة، وتقليص رواتب الموظفين الذين يمثلون إحدى دعائم اقتصاد غزة المنهك.الخدمات الصحية على شفا الانهيار ويقول عاملون في القطاع الطبي، إن الخدمات الصحية على شفا الانهيار، في حين يقول أصحاب المحال التجارية إنهم يعانون. وردّ إسماعيل رضوان، القيادي في حماس، بغضب، محذراً من أن "الانفجار سيكون في وجه الاحتلال الصهيوني وسيندم كل من تماهى مع الاحتلال الصهيوني من (السلطة) وغيرها". وأضاف: "لن نقدم أثماناً سياسية أمام هذه الجرائم والحصار، وعلى عباس أن يتراجع عن خطوته التي تعمل على زيادة معاناة شعبنا الفلسطيني". وفي الظاهر فإن أسباب حجب الوقود وتخفيضات الرواتب، هي عدم تسديد الفواتير ونقص في أموال المانحين الأجانب. لكن استعادة قدر من السيطرة على غزة قد يعزز موقف عباس سياسياً بينما تنتظر إسرائيل والفلسطينيون مسعىً متوقعاً على نطاق واسع من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لإحياء جهود السلام المتوقفة منذ عام 2014. ولم يحاول رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، الذي مقره الضفة الغربية، إخفاء الدوافع السياسية للسلطة الفلسطينية الأربعاء 26 أبريل/نيسان الجاري، قائلاً في مؤتمر برام الله إن العدول عن قرار خفض الرواتب يعتمد على تحرك حماس باتجاه المصالحة. وقال: "أنا أعتقد أن هناك فرصة ذهبية وفرصة تاريخية أن نعيد اللحمة إلى شعبنا. على حماس أن تترك الحكم في قطاع غزة". وفشلت بضع محاولات للمصالحة، كان آخرها في 2014، في التوصل إلى حكومة لتقاسم السلطة للضفة الغربية وغزة ويقول محللون إن عباس يحاول الآن فرض هذا الأمر. وذكر مسؤولو الصحة إن 13 مستشفى و54 مركزا طبيا في قطاع غزة يعانون نقصا في التمويل والوقود لتشغيل مولدات الطوارئ. ويقولون إن 620 مريضا بالفشل الكلوي بحاجة إلى الغسيل 3 مرات أسبوعيا وإن الأطفال حديثي الولادة في خطر شديد بسبب انقطاع الكهرباء مع استخدام المولدات بجميع المنشآت الطبية نحو ألفي لتر إجمالا من الوقود في الساعة. وقال أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة بقطاع غزة "كافة الخدمات الصحية مهددة بالتوقف في الأيام القليلة القادمة مع تعذر أي بارقة أمل لوجود منح قادمة لإنهاء الأزمة". وناشد المنظمات الإنسانية تقديم المزيد من الدعم. وقلصت السلطة الفلسطينية أيضا رواتب موظفيها في غزة البالغ عددهم 60 ألفا بواقع 30 بالمئة دون أن تقدم تفسيرا سوى نقص أموال المساعدات الأجنبية. ولم تفعل نفس الشيء مع موظفيها في الضفة الغربية.رواتب الموظفين من المصادر القليلة للدخل ورواتب الموظفين من المصادر القليلة للدخل الثابت في اقتصاد غزة ويعتمد عليها عشرات الآلاف من الأسر الكبيرة. ويشكو أصحاب المتاجر من أضعف معدل للمبيعات في سنوات. وقال بائع أحذية يدعى فهد أبو سلطان (28 عاما) "بعد الله يعتمد البلد (غزة) على رواتب الموظفين". وقال خبراء اقتصاد إن خفض الرواتب سيقلص أيضا إيرادات الضرائب التي تجمعها حماس وتستخدمها بدورها لدفع رواتب 40 ألف موظف عينتهم في غزة منذ 2007. وقال حمد الله "أاعتقد أن هذه فرصة ذهبية أن تلبي حركة حماس مبادرة فخامة الرئيس وأن نشكل حكومة وحدة وطنية فورا ومن ثم نذهب إلى انتخابات تشريعية ورئاسية."ومن ينجح يحكم"، لكن في آخر انتخابات فازت حماس ولم يسمح لها بالحكم تمثل حماس شوكة في خاصرة عباس منذ تولى السلطة قبل 12 عاما لكن انتخاب ترامب دفع الرئيس الفلسطيني البالغ من العمر 82 عاما إلى التحرك مجددا. وفي إشارته إلى أنه سيحاول إحياء محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية تحدث ترامب بنبرة أكثر دفئا من سلفه تجاه إسرائيل ونشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وألقى ظلالا من الشك على التزام واشنطن بدولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. وفي غضون أسابيع من انتخاب ترامب اتخذ عباس خطوات لدعم سلطته في الضفة الغربية بإحكام سيطرته على فتح. وتدعو حماس منذ تأسيسها في 1987 إلى تدمير إسرائيل وتطالب بالسيادة على كامل أراضي فلسطين التاريخية حتى وإن لمح بعض قادتها في السنوات القليلة الماضية إلى أنهم سيقبلون دولة فلسطينية محدودة على أراض احتلتها إسرائيل في 1967 في مقابل هدنة طويلة الأمد. وكتب المحلل السياسي هاني المصري مؤخرا أن وضع غزة " يتيح لإسرائيل ولأطراف إقليمية ودولية مواصلة التشكيك بشرعية قيادته (عباس) وتمثيله لكل الفلسطينيين. "الرئيس (عباس) يعرف أن ترامب سيقول عند لقائهما: تواضع في مطالبك فأنت ضعيف وغزة تحت سيطرة حماس ولديك متاعب داخلية في فتح. لذا يريد أبو مازن أن يذهب إلى واشنطن بعد أن تصلها رسالته بشأن اتخاذه قرارات قوية وحاسمة."