×
محافظة المدينة المنورة

سعود بن نايف يرعى الحفل الختامي لمسابقة الأمير نايف لحفظ الحديث

صورة الخبر

النسخة: الورقية - دولي كثرت الآراء في تقويم مؤتمر جنيف الأخير، على رغم الإجماع على أن انعقاد المؤتمر يمهد للتوصل إلى مخرج من الأزمة الأكبر التي تعصف بأوكرانيا منذ الاستقلال. ولكن لا شك في أن تفاصيل المؤتمر مليئة بالألغام والنوايا المخفيّة. وتحولت أوكرانيا من طرف في المؤتمر إلى محور الكلام فيه أو موضوعه. ويملي عليها الخارج سبل حل مشاكل يعود إليها من دون غيرها تذليلها عبر مؤسسات الدولة والطرق الدستوريّة. وعليه، يشرع هذا المؤتمر الأبواب أمام تدخل الدول الكبرى في أوكرانيا وإلزام كييف بسبل حل مشاكل داخليّة. ويبدو أننا نشهد عودة إلى قرن التاسع عشر حين كانت مصائر الشعوب تحدد في مؤتمرات دوليّة. ونال المشاركون في المؤتمر، باستثناء أوكرانيا، مبتغاهم. إذ نجحت روسيا بنقل الحديث الدائر حول أزمة القرم إلى الاعتراف الغربي بحقّ الكرملين بفرض خياراته السياسيّة على أوكرانيا، ما يعني عملياً إضفاء مشروعية على سياساتها التدخليّة في شؤون الدول المجاورة. واستغلت إدارة أوباما المؤتمر لترفع عن كاهلها مشقة تشديد العقوبات على روسيا، والتخفف من انتقادات الجمهوريين المتعاظمة. وتأمل واشنطن في أن يؤدي المناخ الإيجابي في المؤتمر إلى انفراج في الحوار على جبهات أخرى مثل سورية، وإيران وأفغانستان. أما الاتحاد الأوروبي المنقسم على تبني وجهة نظر موحدة إزاء التوسع الروسي، فاكتفى ببيان سياسي، عوض التزام موقف واضح. وعليه، ما هو موقع أوكرانيا في هذه المعادلة؟ هل تكتفي بلادنا أن تكون موضوع نقاش بين آخرين عوض أن تكون لاعباً مستقلاً. كان حرياً بالسلطات الجديدة أن تطالب بتضمين التوصيات الأوروبية الختامية إشارات واضحة إلى حقوق أوكرانيا ومصالحها في القرم ووحدة أراضيها وسيادتها. وعلى رغم أن الغرب أشار إلى مسؤوليّة روسيا عن أحداث حوض الدون في شرق أوكرانيا، لم تستنكر التوصيات النهائية المشاركة العسكريّة الروسيّة هناك. وخلاصة المؤتمر هي أن الغرب وروسيا يفترضان أنهما ندان في الأزمة الأوكرانيّة وأن نفوذهما متوازيان في بلدنا. وعليه، فكل طرف يدعم جهة ما ويتحمل مسؤوليّة عدم تأزيم الأمور وتحريك عجلة الحوار. وكان حريّاً بكييف أن تنزع السلاح من أيدي مواطنيها سواء في الغرب أو الشرق أو في العاصمة. فذريعة روسيا إلى التدخل في الشؤون الداخلية الأوكرانية هي عدم احتكار السلطات الشرعية السلاح. ولكن تدويل الأزمة قبل استنفاد كامل الوسائل الداخليّة المتاحة، هو، من غير شك، متسرع. ولا شك في أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لا يتهاونان مع روسيا في قضايا وثيقة الصلة بالقانون والأمن الدوليين. ولكن في الأمور الداخليّة علينا أن تمسك بحقنا في تحديد أمثل حل وخدمة مصالحنا الخاصة. ولا يجوز أن تكون مسائل مثل اللامركزيّة والحكومة المتوازنة والسياسة اللغوية الحكومية في أوكرانيا، مدار نقاش في مؤتمرات دوليّة. فالبت في هذه المسائل يعود إلى البرلمان الأوكراني والحكومة الأوكرانية. والتعاون مع المنظمات الدوليّة مثل المفوضية الأوروبية ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبيّة، ممكن. وعلى رغم الصعاب والواقع المرير – وقوع جزء من أراضينا في قبضة الاحتلال الروسي- تقتضي مصلحتنا الحوار المباشر مع روسيا. وتبرز الحاجة إلى إقناع موسكو بأن نتائج سلبية تترتب على سيــاستها الحاليّة في أوكرانيا، منها تدهور اقتصــادي على وقع العقوبات الاقتصاديّة. ولعل أفدح نتائج الأزمة الأخيرة هو النفخ في كراهيّة مصطنعة بين شعـــبين شقيقين. وخلاصة القول إن الاتكال على الغرب في حلّ مشاكلنا مع روسيا يؤدي لا محالة إلى مؤتمر ميونيخ (1938) جديد. ويومها سلمت براغ مصيرها إلى باريس ولندن، والنتيجة لا تخفى على أحد. والأزمة الأوكرانيّة اليوم ستثبت إن كان هيغل محقاً في قوله أن التاريخ يعلمنا أننا لم نتعلم يوماً شيئاً منه.     * وزير الخارجيّة الأوكراني السابق (2003-2005، 2010-2012)، عن «زيركولو نيديلي» الأوكرانيّة، 18/4/2014، اعداد علي شرف الدين