×
محافظة الرياض

الإتحاد السعودي يعزي في وفاة ” المهاوش “

صورة الخبر

أوكرانيا تبدو اليوم، وبحسب الأخبار المنقولة من هناك، عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، متنازعة بين خيارين لا ثالث لهما: الذهاب إلى الشرق أو إلى الغرب! هذا ما عبّر عنه مراسلا التلفزيون السويدي بنوع من التهكم حينما سلما أمر تقرير وجهة سفر كل واحد منهما إلى شرق أوكرانيا أو غربها إلى نتيجة القرعة بينهما والمعروفة بـ «ملك وكتابة». حسمت العملة المعدنية الروسية الرهان فوقعت مدينة لفيف الغربية على بينغت نوربوغ فيما صار على زميله بيرت سوندستروم الذهاب إلى مدينة خاركيف شرق العاصمة كييف لينقل عبر جولات ميدانية ما يعيشه سكانها في ظل التوتر المتصاعد هناك، ومعرفة حقيقة رغبتهم في الانفصال بالكامل عن أوكرانيا كما تصوره وسائل الإعلام، على عكس ما تريده المناطق الغربية منها والتي يتشبث الناس فيها بقوميتهم الأوكرانية بحسب الصورة المشاعة عنهم. في مدينة لفيف تشي أعلام الدول الغربية وشعارات الاتحاد الأوروبي المرفوعة وسط ساحتها عن رغبة معلنة للذهاب إلى الغرب أما الحياة فيها فهادئة. مقاهيها مزدحمة بالناس ما شجع الصحافي على سؤال مجموعة من الشباب يجلسون حول طاولة عن رأيهم في ما يجري في بلدهم، فكانت أجوبتهم متباينة وكشفت عن مخاوف حقيقية حول مصير أوكرانيا، فهي بالنسبة إليهم أكثر أهمية من مسألة اختيار الطريق التي يريدونها لها أن تسير عليه، فالوحدة الأوكرانية اليوم مهددة بالصميم والسؤال الأكثر إثارة للقلق هو ما إذا ستدخل البلاد في حرب أهلية لن تخرج منها سالمة. ثمة إقرار ضمني عند سكان الجزء الغربي من كييف، توصل إليه البرنامج، بقبول انفصال القرم عنهم، والقبول بسياسة الواقع تجنباً لما هو أسوأ، بحسب وصف الشابة آنا توبلنيك التي يعبر وضعها الاقتصادي وطموحاتها الشخصية عن نزعة قوية موجودة بين الشباب للذهاب إلى الغرب. «كلي أمل بأوكرانيا ومستقبلها. لدينا مشتركات قوية مع الدول الغربية أكثر مما هي عليه مع «الأخ الروسي». أما بالنسبة إلى القرم فزرتها مرة وتولّد عندي إحساس بأني غير مرحب بيّ هناك، فلم أعاود الكره. إنها منطقة مختلفة عنا». آنا لديها شركة اتصالات وتتحدث الإنكليزية في زيارة إلى منزلها، مؤكدة قوة التشابك بين المصالح الاقتصادية الناشئة في البلاد والتوجه القومي الذي بدأ بالتبلور مع انطلاق «الثورة البرتقالية». بين شرق وغرب أوكرانيا يجري البرنامج السويدي مقارنات ومقاربات، يفرضها الواقع، فساحة خاركيف ما زالت تتوسطها تماثيل قادة الثورة الروسية والشعارات المرفوعة فيها تركز على الوحدة بين الشعبين. وفي العمق، وهذا أكثر ما يهم البرنامج، تسير حياة الناس بشكل طبيعي. فعلى مبعدة قليلة من صراخ بعض الانفصاليين، ثمة حياة أخرى، الأكثرية فيها لا تريد الانفصال ولا الخضوع لروسيا بوتين، من بينهم المهندس الإلكتروني بافل الذي استقبل المراسل في بيته وعبّر له عن مواقفه التي ركزت على ضرورة الحفاظ على المشتركات الثقافية بين الشعبين الروسي والأوكراني اللذين يشكلان جسراً يمكن به تجسير العلاقة بينهما وبين الغرب. بافل لا يتفق مع النزعة الانفصالية ومثل زوجته الروسية الأصل يؤكد أن نسبة الراغبين في الانفصال لا تزيد على واحد في المئة من الشعب، لكن الدعاية السياسية لبعض القوميين الأوكرانيين المتطرفين تبالغ في تضخيمها وتساعدهم وسائل الإعلام على ذلك. ثمة اتفاق بين الأوكرانيين على أن الحرية التي حصلوا عليها لا ينبغي خسارتها، وأن التخلص من السيطرة السياسية الاقتصادية الروسية لا تأتي عن طريق الحروب والصراعات. واعتبر مدرس البيانو ميخائيل ميخائيلوف أن من نتائج الأحداث الأخيرة التي توسعت وغدت تهدد البلاد بالدمار بروز تحالف خطير. يقول: «أفرزت احتجاجات ساحة «مايدان» تحالفاً بين أصحاب السلطة المالية الأوليغارشية وبين المتطرفين القوميين على حساب الأوكرانيين أنفسهم التي لم تتحسن أحوالهم وحالتي مثالاً على ذلك». كلام ميخائيل الشرقي يشبه كلام كثير من الناس في غرب البلاد ممن لا يثقون ببوتين ويعتبرونه خطراً عليهم وأن التفكير بحلول سلمية تفشل مشاريعه وطموحه في أن يصبح قيصراً على روسيا كلها. يجتمع الطرفان على أن المتطرفين يغذون نزعات لم يعرفها الأوكرانيون من قبل ويدعون إلى العيش سوية لأنه من المستحيل فصل تاريخ طويل بـ «شطبة قلم» أو في حفر خندق بين الجانبين، كما جرى في خاركيف حيث ذهب البرنامج لتصويره ووجده على رغم طوله الذي يقارب مئتي كيلومتر، لا يتعدى معناه عند الناس أكثر من تعبير عن رغبة في الاقتتال بدلاً من التفكير بحلول سلمية تجنب البلاد وناسها الويلات. في المقابل ثمة إحساس طاغ عند الطرفين بأن النزاع الحالي أحدث شرخاً ليس من السهولة تقليصه لكن على الأقل يجب المراهنة سوية على بقاء وجود أوكرانيا ووحدتها، فهي أهم بكثير من المصالح الشخصية ومن النزعات القومية المتطرفة من حب الهيمنة المسيطرة على عقول رجالات الكرملين. أوكرانيا