يحق للمملكة أن تفخر بجهودها الكبيرة في مكافحة الإرهاب، تلك الجهود التي أدّت -بحمد الله ورعايته- إلى صيانة تراب الوطن، ومنشآته، ومكتسباته، وتحقيق الأمن والاستقرار في ربوعه، وحماية المواطنين، والمقيمين، والحجّاج، والزوّار، والمعتمرين، إلى جانب ما حققته خارجيًّا من خلال إجهاض العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت مطارات وطائرات ومنشآت حيوية في العديد من الدول بما في ذلك الولايات المتحدة من خلال التعاون الأمني وتبادل المعلومات الأمنية ضمن ما يعرف بالحرب العالمية ضد الإرهاب التي تعتبر المملكة من أبرز الدول المشاركة فيها عبر تجربتها الرائدة في مكافحة الإرهاب، ومن خلال الإستراتيجية الأمنية الشاملة التي أثبتت فاعليتها بشهادة العديد من القادة والزعماء وخبراء مكافحة الإرهاب في العالم. بالطبع هناك العديد من العوامل التي ساهمت في نجاح تلك التجربة الرائدة التي استرشدت بها الكثير من دول العالم، والتي قامت على أساس أنه لا يمكن تحقيق الهدف الإستراتيجي باقتلاع جذور الإرهاب من خلال الحل الأمني وحده، وأنه تبعًا لذلك، لابد من مواجهة الفكر بالفكر، وتفعيل دور ومهام المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية والتربوية والسياسية، وإيلاء عناية خاصة لبرامج الحوار والمناصحة والرعاية. المؤتمر العالمي الثاني لمكافحة الإرهاب الذي بدأت فعالياته أمس في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- والذي يأتي بعد سبع سنوات من المؤتمر الأول الذي عُقد في الرياض عام 2005 يقدّم الدليل مرة أخرى على الاهتمام الذي توليه قيادة المملكة للتصدي لكافة المحاولات التي تسعى إلى النيل من العقيدة الإسلامية السمحة، بأفكار ضالة تستهدف تشويه سماحتها، وإثارة الفتنة بين المسلمين، وأيضًا لحماية أبنائنا وشبابنا من التغرير والتضليل الذي يسخرهم دعاة الإرهاب والفتن والتطرف أدوات لتنفيذ غايات ومخططات أعداء الدين والوطن لارتكاب جرائم تتنافى مع الإسلام وأحكامه وقيمه التي تحرم قتل النفس بغير حق. ما أعلنه سمو وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز قبيل عقد المؤتمر بأن 90% من "المغرر بهم" تخلّوا عن الأفكار التي أضلتهم يعتبر دليلاً آخرَ على نجاح التجربة السعودية التي اعتمدت بشكل أساس على التفاف مواطنيها حول قيادتهم، وعلى المزاوجة بين البعدين الأمني والفكري.