كانت استجابة الديوان الملكي سريعة وفورية للنداءات الحارة التي أطلقها كتاب ومثقفون عبر مقالات وتغريدات وهاشتاقات عن إصابة الأديب عبد الكريم العودة في القلب؛ فصدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- بتوفير طائرة طبية خاصة لنقل العودة إلى البلد الذي يتوفر فيه علاجه، بعد أن يئس من مخاطبة السفارة السعودية في الصين ولم يجد منها أية استجابة. وإذا كنا نتوجه بالشكر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الذي بادر فوراً بإصدار أمره الكريم بالعلاج؛ فإن من الواجب أيضا إزجاء الشكر الجزيل لمعالي رئيس الديوان الملكي الأستاذ خالد بن عبد العزيز التويجري الذي كلف من يتواصل مباشرة مع سفارة المملكة في بكين ومتابعة حالة العودة بتوفير طائرة طبية ومرافق ونقله إلى ألمانيا تنفيذاً للأمر الملكي الكريم. ومن الوفاء أيضاً تدوين عرفان بالفضل لأول من أطلق صيحة إنقاذ العودة بعد أن لم يجد نصيراً ولا معيناً في ديار الغربة؛ فبادر رفيق دربه الأستاذ الأديب النبيل عبد الله الناصر فكتب مقالته الشهيرة «قلب عبد الكريم العودة يا سمو الأمير..» بتاريخ 11-4-1435هـ موجهاً نداءه إلى صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الذي لم يأل جهداً في تسريع الأمر بعلاجه وإنقاذه. شكراً لأصحاب القلوب الكبيرة وشكراً لذوي النخوة والشهامة والمروءة وشكراً للقيادة الكريمة التي لا تتوانى أبداً عن مد يد العون لمن يحتاج إليها، والحمد لله على أن بلادنا ستظل نبع العطاء ومصدر القيم ومنارة الهدى والخير. أقول هذا وكلي غبطة وفخر بمبادرات الخير لفاعلي الخير والحاثين عليه والدالين عليه؛ لكنني لا أكاد أصل إلى منتهى هذا الشعور النفسي المغتبط بحلول معضلة كهذه إلا ويتبادر إلى ذهني تساؤل ثقيل عمّا لو لم يكن من أصيب بأزمة قلبية مفاجئة أديباً ولا كاتباً ولا معروفاً أين يذهب وإلى من يلجأ والسفارة في بكين وضعت في أذن طيناً وفي أخرى عجيناً؟! إلى من يلجأ مواطن تقطعت به السبل ولم يجد في سفارة بلده الحضن الدافئ والملجأ الآمن؟! كيف بمن لم يجد من يكتب عنه مقالاً كما فعل الأستاذ الناصر؟ كيف بمن يوقعه حظه العاثر في مأزق كهذا من مجاهيل الناس فلا تغرد بحالته التويترات ولا تصنع له الهاشتاقات؟! كيف للمغمور المجهول من عامة الناس حين تلم به ملمة ولا يعرف أحداً يتوسط له عند أصحاب القرار ببرقية أو مقال أو فزعة؟! لم لا تؤدي السفارات التي تمثل الملك وتمثل الدولة بقطاعاتها المختلفة واجباتها التي طالما ألح عليها خادم الحرمين الشريفين نفسه حفظه الله؟! وهل لا بد أن تصل كل شكاة أو حاجة ملحة أو ظرف طارئ يستدعي الإنقاذ إلى الديوان الملكي لاتخاذ قرار سريع وحاسم لحله؟ ما وظيفة الجهات الأخرى المعنية التي لا تقوم بواجباتها كما يجب؛ من السفارات ووزارة الصحة وغيرها؟! ولم نثقل على ولاة الأمر -حفظهم الله- بمتابعة حالات طارئة كهذه كان من الواجب أن تتكفل السفارة باتخاذ الخطوات الفورية الحاسمة لحلها دون أن تنتظر أمراً أو توجيهاً كريماً من الديوان الملكي؟! من لكم أيها المجاهيل الذين تتوهون في غيابات الحيرة واليأس والطرق المسدودة وأنتم لا تجدون من يكتب في حالاتكم مقالات أو تغريدات أو هاشتقات؟! من لكم أيها المجاهيل وأنت تطرقون أبواب سفارات بلادكم التي يغلق بعضها أبوابه دونكم؟! كيف بمن يجد نفسه غريباً وحيداً فريداً مع همومه وحاجته الملحة إلى الإنقاذ إن لم ييسر الله له من يوصل شكاته وحاجته إلى الديوان الملكي بعد أن يطول انتظاره ويأسه من رد أي موظف في السفارة على مهاتفاته؟! شكراً لمقام خادم الحرمين الشريفين، وشكراً لمقام ولي العهد، وشكراً لرئيس الديوان الملكي، وشكراً للنبيل الناصر وللفضلاء كتاب التغريدات، ولا شكر لمن قصر!.