الموانئ البحرية بالإضافة إلى أنها حلقة الوصل للتبادل التجاري والصناعي بين الدول، هي في ذات الوقت المنافذ التي من خلالها يتم استقبال ومغادرة المسافرين عبر وسائط النقل البحري الأرخص من بين كافة وسائل السفر الأخرى، لذا تعد الموانئ أو المنافذ البحرية من أهم القطاعات التي تسهم بشكل أساسي في عجلة الاقتصاد ودعم نموه، وقناة للربط الملاحي الداخلي والخارجي، وموانئ المملكة التسعة على ساحلي كل من البحر الأحمر والخليج العربي التجارية منها والصناعية أو التعدينية، لا تعدو أن تكون كذلك، فهي تؤدي ذات الدور وبالذات في حركة التجارة البحرية كما أن للبعض منها ولو على قدر أقل مهمة موازية تتمثل في استقبال ومغادرة المسافرين بحراً، وعلى نحو خاص تجاه حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار. المؤسسة العامة للموانئ هي من يتولى الإشراف على إدارة وتشغيل تلك الموانئ التسعة، ومن ضمن مهامها توفيرً خدمات الركاب للقادمين والمغادرين عن طريق البحر، حيث أنشأت لهذا الغرض محطات وصالات ركاب في ثلاثة من موانئ المملكة البحرية، هي كل من ميناء جدة الإسلامي وميناء ضبا، وميناء ينبع التجاري، وكلها كما يلاحظ على الساحل الغربي للمملكة فقط، ووفقاً لبيانات المؤسسة العامة للموانئ، تستقبل تلك الموانئ الثلاثة ما يزيد على المليون راكب من القادمين والمغادرين سنوياً، إلا أن ذلك العدد تبدو نسبته في الواقع ضئيلة عند مقارنته بحركة السفر عبر منافذ المملكة الأخرى الجوية والبرية، فتلك النسبة لا تكاد تتجاوز 2% من إجمالي عدد المسافرين القادمين والمغادرين للمملكة سنوياً، الذين تستقطب منافذنا البرية الأربعة عشر نسبة 69% من أولئك المسافرين، بينما تتجه النسبة المتبقية وهي 29% نحو المطارات الخمسة الدولية. لقد كان من أولى مهام المؤسسة العامة للموانئ منذ إنشائها في منتصف التسعينيات الهجرية هو تنمية وتطوير وتحسين أوضاع الموانئ وإدارتها، وذلك من أجل مواكبة المتغيرات الاقتصادية في المملكة وبالذات تحولها من اقتصاد مستورد ومستهلك، إلى اقتصاد منتج ومصدر، حيث أصبحت الصادرات تمثل 70% من مجموع حركة البضائع في الموانئ، بعد أن كانت تلك النسبة لا تتجاوز 10%، ووجد حينها أن أفضل آلية يمكن تبنيها لتحقيق ذلك هي إسناد جميع أعمال تشغيل وصيانة وإدارة الأرصفة والمعدات التابعة لموانئ المملكة إلى القطاع الخاص، وهو التوجه الذي أفضى بالموانئ إلى أن تصبح أول قطاع في المملكة يتم تخصيص خدماته، إلا أن تلك الآلية التي تم تبنيها لا يبدو أنها شملت محطات وصالات الركاب في الموانئ التي تتوفر بها تلك الخدمات، الأمر الذي انعكس كما هو واضح في تدني نسبة ارتياد المسافرين لمنافذنا البحرية، وقدرتها على استقطاب خطوط السفر الملاحية لموانئ المملكة، سواء لأغراض الحج والعمرة والزيارة، أو السياحة بمختلف أنواعها من سياحة مؤتمرات ومعارض وتسوق وخلافها، فهل تتم إعادة النظر في الدور الوظيفي لتلك المنافذ، لغرض الرفع من كفاءتها الاقتصادية في قطاع السفر البحري على الأقل المحلي والإقليمي إن لم يمتد للدولي أيضاً؟.