احتدم النقاش منذ أمد قصير على موضوع سحب الجناسي، فأدلى أعضاء المجلس النيابي بآرائهم في هذه المسألة الشائكة، وعارض البعض مبدأ السحب غير مهتم بالانحراف في موجبات ضبط السلوك، وحماية هوية المواطن، وعلاقته بالدولة. ولقد أسفر النقاش النيابي، والتصويت على تعديل قانون الجنسية بمعارضة التعديل، وحتى إحالة المشكلة على المحكمة الإدارية للنظر في وضعها المعقد.إننا لا نعترض على حق عضو المجلس النيابي في إثارة موضوع الجنسية أو أي موضوع آخر، فالبرلمان وجد لبحث قضايا الناس ومشكلات الدولة، لكننا نختلف على فرض الرأي والدفع في اتجاه التصعيد، لأن بعض الناخبين المؤيدين لإعادة الجنسية يريدون تنفيذ وعودهم الانتخابية، علماً بأن سحب الجنسية له أسبابه، خصوصا وجود أدلة تثبت التزوير والتحايل والازدواجية.والمؤسف أن تخلط الأوراق فيطالب البعض بإعادة الجنسية بغض النظر عن التزوير والتلاعب الذي أدى إلى تفاقم أعداد المزورين في دولة توصف بأنها دولة مؤسسات ودستور، وتعمل وفق النظم والقانون.لا شك أن التصريح الخطير الذي أدلى به رئيس المجلس النيابي عن تزوير الجنسيات لم يأتِ من فراغ، فقد أشار إلى أن هناك إثباتات تدل على أن المزورين اتبعوا أساليب مختلفة للتحايل خلال السنوات الماضية من دون أن تدرك الحكومة لما كان يحدث إلا بعد ضبطها لحالات التزوير. ويعتقد أن عدد المزورين كبير مقارنة بالنمو المعتاد للمواطنين كل عام. لقد زاد عدد المواطنين بنسبة 50 في المئة كل عشر سنوات، أي منذ العام 1965 إلى اليوم أصبح عدد الكويتيين مليوناً و300 ألف، بينما كان في 1965 لا يتعدى 168 ألف مواطن، هذا في وقت تتفق كل الدول على أن النمو الطبيعي للمواطنين يجب ألا يتعدى 15 في المئة كل عشر سنوات.لا أحد يعرف حقيقة أعداد مزوري الجنسية، وكيف تم تجنيس أبناء وأهالي المزورين، لكن، كما أشارت الصحف، تتفاوت الأرقام، فمن يقول أن العدد يقارب 400 ألف مزور، والبعض الآخر يرى أن الرقم يقارب 360 ألفاً. وفي كل الأحوال، ومهما كان العدد، فإن أي حالة تزوير تدل على خطورة الفعل، والتعدي على الدولة، ولا بد من إجراءات سريعة وحازمة لإنهاء الأزمة.هناك من يرى أن الموقف الحكومي تجاه عملية التزوير ما زال غامضاً، رغم الإدانة والتأكيد على أن الجنسية شأن سيادي، ومن اختصاص الحكومة، وأن الحكومة مستمرة في دراسة الملفات وإجراء التحقيقات، لكن إلى الآن لم يصدر أي بيان حكومي تجاه التزوير لا بالنفي ولا بالإثبات، ما يجعل الناس في ريبة وقلق واعتقاد بأن الحكومة ضعيفة أمام مسؤولياتها، خصوصا بعد إعلان رئيس المجلس النيابي عن التزوير، والمطالبة بالتحقيق.نتمنى أن تشكل لجنة تحقيق من السلطتين التنفيذية والقضائية، وأن تفتح الملفات منذ السبعينات وليس للسنوات الأخيرة لأننا أمام كارثة وطنية لها تداعيات خطيرة على مستقبل الدولة.yaqub44@hotmail.com