دبي «الخليج»حذرت تقارير من أن العالم مقبل على كوارث مناخية، إذا ما بقي يشتغل اقتصادياً على النمط السائد حالياً.وأكد الملتقى ال24 لأساسيات صناعة النفط والغاز، الذي نظمته الأمانة العامة لمنظمة الأقطار المصدرة للبترول «أوابك»، أنه على دول مجلس التعاون التحرك بسرعة فوراً ودون أي إبطاء، لإحداث تحول نوعي في نموذجها التنموي الحالي وتوليد الطاقة النظيفة.قال الدكتور محمد الصياد، خلال الملتقى، إنه يجب على دول المجلس أن تقوم بعملية «تحوير» رئيسية في تركيبة خطوط إنتاج صناعاتها النفطية؛ بحيث تحول جزءاً كبيراً من إنتاجها النفطي الخام إلى مصافيها، التي يجب العمل سريعاً على رفع طاقاتها التكريرية، لإنتاج منتجات بترولية ذات قيمة مضافة عالية، وأقل نفثاً للانبعاثات؛ بحيث تكون قابلة للتصدير. وقبل ذلك يتعين مسابقة الوقت للقيام برفع الطاقات التكريرية للمصافي الخليجية، بالاستعانة بأحدث أنواع التكنولوجيا التي يمكن التعويل عليها في إنتاج منتجات بترولية نظيفة ملتزمة بأكثر المعايير البيئية العالمية صرامة.والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل استعدت دول مجلس التعاون الخليجي لاستحقاقات اتفاق 2020 لتغير المناخ، بدءاً من المستوى الأول وتحديداً فيما يتعلق بالتدابير المطلوب اتخاذها استجابة لمتطلبات وموجبات الإسهام في الجهد الأممي للتصدي للآثار البيئية والاقتصادية الخطرة لظاهرة تغير المناخ؟هذا يدعونا للنظر في المقاربات الخليجية التي يمكن الاعتداد بها حين تقييم جاهزيتها واستعدادها لمقابلة الاستحقاق المذكور. الحديث هنا يدور حول مدى وجود توجهات استراتيجية في مجال الطاقة لتنويع مزيج مصادرها، وأي جهود ذات مغزى تدفع أكثر بتوجهات التنويع الاقتصادي، وتضع دول التعاون في موقف جيد لمقابلة تحدي 2020.يمكن القول بشكل عام، إن دول التعاون تحركت في هذا الاتجاه، لكن بوجود فوارق شاسعة فيما بينها بقياس الخطوات والإجراءات والمشاريع المنفذة على هذا الصعيد. ويمكن القول إن دولتين فقط يمكن إدراج تحركهما ضمن الاستعداد الجدي لملاقاة تحدي 2020، هما: الإمارات والسعودية. فالإمارات عملت أولاً بكامل جديتها ورمت بكل ثقلها من أجل أن تفوز باستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في 26 يونيو/ حزيران 2009، التي تضم 75 دولة. ووضعت البلاد لها هدفاً يتمثل في إنتاج 7% من طاقتها بمصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.كما أنشأت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» كذراع إنشائية بنيوية واستثمارية لقطاع طاقوي ضخم يجري التأسيس له والاستثمار فيه بصورة مركزة. وأنشأت هذه الشركة مشروعها الضخم وهو مدينة «مصدر» في 2006 على مساحة 11 كيلومتراً مربعاً في مدينة أبوظبي لتكون أول مدينة عالمية تعتمد كلياً على توليد الطاقة الشمسية وخالية من الكربون.بدورها، اتخذت السعودية خطوات جدية على هذا المنوال. ففي 17 إبريل/ نيسان 2010 تم إنشاء مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة. وهي تُجري أبحاثاً حول الطاقات المتجددة. وهناك مشروع المدينة المستدامة الواقعة على بعد 25 كيلومتراً من جنوب غرب الرياض، التي ستكون مقر مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، التي ستعتمد مقاييس عالمية للاستدامة وتركز على أعمال الابتكار والبحث والتطوير والتعليم والرعاية الصحية والبنية الأساسية والتصميم.وفي سلطنة عُمان، وضعت الحكومة لها هدفاً لإنتاج 10% من حاجتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020. وقد شجع هذا التوجه الحكومي، صندوق إدارة الثروات المتخصص في استثمارات الشرق الأوسط «تيرا نكس وبست سلكت» الذي يجمع تيرا نكس السويسري، وميدل إيست بست الألماني، على إقامة مشروع متكامل بملياري دولار لتطوير تكنولوجيا الطاقة الشمسية في سلطنة عُمان.أما بالنسبة لبقية دول مجلس التعاون، الكويت والبحرين وقطر، فإنها لم تضع قدميها بعد على نفس المسار الذي بدأت تشق طريقها فيه كل من الإمارات والسعودية، وإلى حد ما سلطنة عُمان، فيما يتعلق بتدابير الاستجابة للتحدي الذي يشكله استحقاق 2020. ويعود السبب إما لوجود فجوة كبيرة في الوعي بين حقيقة ما يمثله هذا التحدي من تهديد حقيقي لتنافسية عديد الصناعات البترولية الخليجية بتفريعاتها الأمامية والخلفية وبين الإدراك العام لموضوع التغير المناخي وترتيباته القانونية العالمية، والالتزامات المنبثقة عنها، أو لوجود اطمئنان خيالي غير واقعي لدى القائمين على هذه القطاعات بأن تهديداً لموقع الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم) في مزيج الطاقة العالمي، هو تهديد بعيد المنال.