في اليوم التكريمي الطويل الذي أقامته «الجامعة الأميركية» في بيروت أمس، للمفكر السوري صادق جلال العظم، تحدث ابنه الدكتور عمرو صادق العظم معلناً عن نيّة «مؤسسة صادق جلال العظم»، وفقاً لرغبة الراحل، بالتبرع بمجموعة من الأوراق ومقتطفات الصحف والوثائق الأصلية التي كانت لها علاقة في كتابه «نقد الفكر الديني» والقضيّة التي أثيرت حوله، بالإضافة إلى المحاضرات والأنشطة الثقافية ومراجعات الكتب وكل ما كتب عن هذا الموضوع، لمكتبة الجامعة الأميركية، وكذلك عن عزمهم إرسال عدد من الكتب والمجلات التي كانت جزءاً من مكتبته الخاصة في دمشق، إلى مكتبة الجامعة. وبذلك ينضم العظم إلى كاتب سوري آخر هو سعد الله ونوس الذي وصلت محتويات مكتبته الخاصة كلها إلى مكتبة «الجامعة الأميركية» في بيروت، وسيكون لها جناح خاص بها. وجاء الاحتفال تحت عنوان «تكريم صادق جلال العظم - فكره وإرثه»، نظمته دائرة الفلسفة في كلية الآداب والعلوم في الجامعة الأميركية، بالتعاون مع دائرة العلوم الاجتماعية والأنثروبولوجيا والدراسات الإعلامية ومركز الفنون والآداب ومركز الدراسات العربية والشرق أوسطية. افتتح الحفل الأستاذ في علم الاجتماع في الجامعة الأميركية وأحد المنظمين للحفل الدكتور ساري حنفي، وتحدث بعده رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري عن شخص وفكر صادق جلال العظم المؤثر والشجاع والصادق وقدم اعتذاراً عن عدم دفاع الجامعة الأميركية في بيروت عن المفكر في الماضي، كعضو في هيئة التدريس فيها، حينما اضطهد بسبب شجاعته الفكرية. وبهذه المناسبة تحدث د. خوري عن رغبته في استضافة «نقاش مفتوح، دون اللجوء إلى العنف أو التهديد، ودون التسبب في شعور البعض بالاضطهاد أو القمع»، لأن «الأفكار يجب أن يتم اختبارها، وإثباتها، واعتمادها أو رفضها، استناداً إلى صلاحيتها». وأضاف خوري: «نريد خلق هذا المجال الجريء للطلاب لاستكشاف حدود معرفتهم وحدود شخصياتهم. ونريد لهم أن يتشاركوا ذلك المجال مع زملائهم الذين قد يكونون قد جاءوا من الجانب الآخر من العالم، أو الجانب الآخر من الشارع الذي قد يقسم جماعة لبنانية واحدة عن جيرانها». ثم كانت كلمة عميدة كلية الآداب والعلوم في الجامعة الدكتورة ناديا الشيخ التي شددت على أن «الميزة التي يسودها تقريباً هذا الحدث هي شهادة على القيم التي تؤيدها الجامعة الأميركية في بيروت. في حين أننا لسنا معصومين، فإن التزامات الجامعة الأميركية الراسخة بعمق سوف تنتصر دائماً». وتحدثت في جلسة الافتتاح رئيسة دائرة الفلسفة في الجامعة الأميركية في بيروت وإحدى منظمي الحفل الدكتورة بانا بشور التي قالت: «عندما تناول العظم أي موضوع، مهما كان من المحرمات، عالجه مع وضوح الفكر والصدق الفكري الذي يجب أن يكون لدى أي محاور محترم. بعد ذلك كان يشارك هذه الأفكار وكذلك الحجج الواضحة والمقنعة مع طلابه. من المؤكد أن هذه المحادثات التي ألهمت الكثيرين قد خلقت صداقات على مدى الحياة بينه وبين بعض هؤلاء الطلاب». اختتم الجلسة الأستاذ في دراسات التواصل والإعلام في الجامعة الدكتور نبيل دجاني، ملقياً «كلمة وداع» سرد فيها قصصاً عن صداقته مع صادق جلال العظم التي بدأت منذ 64 عاماً عندما كانا طالبين في الجامعة الأميركية. انطلق بعد ذلك برنامج يوم كامل من الجلسات الحوارية التي تناول فيها مجموعة من الباحثين محاور «تراث صادق جلال العظم الفلسفي» و«الجدل حول العلمانية» و«الاستشراق المعكوس» والتزامه السياسي.