خليل مبروك-أنقرة يتجه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا إلى إعادة هيكلة بنائه التنظيمي بعد نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور، للتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي في البلاد. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم إن نتيجة هذا الاستفتاء شكلت رسائل للأحزاب السياسية جميعها ويجب أن تفهمها، وأضاف "نحن كحزب فهمنا أن الشعب ما زال يثق بنا، لكن علينا أن نكون حذرين في عدة مواضيع ونعيد النظر فيها". وأوضح يلدرم أن الحكومة التركية وحزب العدالة والتنمية سيقومان "بخطوات ضرورية تزيد ثقة المواطن ورضاه، سواء في مستوى الإدارات المحلية أو على مستوى تنظيمنا، أو على مستوى نشاطات الحكومة". وأضاف "سنقوم بإعادة هيكلة في كافة الفروع التنظيمية لحزبنا في عموم تركيا حتى نهاية العام الحالي". ويقول باحثون وخبراء بالشأن السياسي التركي إن أهم الرسائل التي تلقاها حزب العدالة والتنمية من نتائج الاستفتاء هي أن صفوفه لم تُطهّر بالكامل من أنصار جماعة "الخدمة"، رغم حملة الحكومة عليها عقب محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/تموز الماضي. كما يرون أن تصويت الشارع التركي على أساس اختيار مستقبل البلاد لا الانتماء الحزبي أو الأيدولوجي كان وراء انخفاض نسبة التصويت لخيار "نعم" في المدن الكبرى. وقال الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بأنقرة جاهد توز إن من الرسائل أيضا تزايد القناعات لدى الأكراد بأنه لا بديل عن دور حزب العدالة والتنمية لحل قضيتهم، مرجعا إلى ذلك ارتفاع نسبة التصويت للخيار "نعم" في المدن ذات الغالبية الكردية.مراقبون تحدثوا عن تراجع حزب العدالة والتنمية رغم التصويت لصالح التعديلات الدستورية (رويترز) عناوين الهيكلةولفت توز في حديثه للجزيرة نت النظر إلى أن الإشكاليات المتلاحقة في تركيا أرهقت حزب العدالة والتنمية، وخلقت الكثير من علامات الاستفهام لدى الشارع الذي عبّر عنها برسائله في صندوق الاستفتاء بمطالبة الحزب بأن يكون أكثر وضوحا وشفافية في إقناع الجمهور. وتوقع أن يبادر الحزب بمناقشة تعديلات داخلية محدودة في أطره وفي مجلس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة، وقال إن هذه التعديلات ستتسع مع عودة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى صفوف الحزب وقيادته، لتشمل نواب رئيس الحزب ورؤساء لجانه ومسؤوليه في الولايات المختلفة. ورأى توز أن التغيير قادم حتما في صفوف الحزب باعتباره مطلبا شعبيا، واستشهد على ذلك بمقال نشره النائب البرلماني عن ولاية أنقرة والقيادي في الحزب أيدن أونار عقب الاستفتاء، أكد فيه أن الحزب سيلتزم بمطالب الناخبين بإعادة هيكلة نفسه. كما رأى أن مقال أونار الذي شغل منصب مستشار لأردوغان لمدة عشر سنوات، يمكن أن يمثل تفسيرا واضحا لتصريحات رئيس الحكومة يلدرم حول إعادة هيكلة العدالة والتنمية.فارول: قطاع من أنصار العدالة والتنميةلم يصوتوا لصالح تعديل الدستور (الجزيرة) المخاوفوحقق الحزب مبتغاه من الاستفتاء بعدما صوت 51.4% من الناخبين لصالح التعديلات التي نادى بها مع حزب "الحركة القومية"، مقابل 48.6% صوتوا بـ"لا"، لكن النتائج في المجمل جاءت أقل مما كانا يصبوان إليه. وبالحسابات الرقمية، سبق أن حصل الحزبان المحافظان مجتمعين على نسبة تزيد عن 60% من أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، الأمر الذي يمكن -استنادا إليه- وصف نتائج الاستفتاء على تعديل الدستور بالتراجع. لكن كثيرا من المراقبين والباحثين في الشؤون السياسية التركية يقللون من أهمية قراءة النتائج من هذا المنظور، باعتبار أن التصويت لم يكن للأحزاب التركية بقدر ما كان تعبيرا عن مواقف الناخبين من تعديل الدستور كقضية بذاتها. وقال الإعلامي التركي أحمد فارول للجزيرة نت إن قطاعا لا يستهان به من أنصار العدالة والتنمية لم يصوتوا للخيار "نعم" لتعديل الدستور، بسبب تخوفات لهم من تكريس نظام قد يناسب تركيا في زمن محدد، لكنه لا يصلح للتثبيت كنظام دستوري تسير عليه البلاد. وتعليقا على ما تناقلته بعض وسائل الإعلام التركية عن عزوف شرائح من قواعد الحزب عن التصويت بـ"نعم" في الاستفتاء، أوضح فارول أن بعض القواعد تنظر إلى هذه التعديلات على أنها قد تناسب وجود الرئيس أردوغان، "لكن من يضمن ألا يأتي بعده رئيس يسيء استخدام الصلاحيات التي تمنحها له هذه التعديلات؟".