«الكتاب يعرف من عنوانه»، ولدينا عنوان يقرؤه ثلاثون مليون شخص سنويا، قبل أن يتصفح الكتاب، لأن العنوان يمثل ما يحتويه الكتاب. هذا العنوان هو (مطار الملك عبدالعزيز في جدة)، والكتاب هو (المملكة العربية السعودية)، فأول ما يشاهده القادم ويثير انتباهه ويبني عليه ما بعده هو المطار، الذي يمثل السعودية حاضنة الحرمين الشريفين، وقائدة العمل الإسلامي والإنساني، والقوة الاقتصادية العظمى، إضافة إلى أن المطار هو آخر نقطة للمسافر قبل مغادرته. ولكن... هل (العنوان) و(الخاتمة) يدلان على (الكتاب؟) بمعنى: هل مطار جدة يمثل ما وصلت إليه المملكة؟ لا أتوقع ذلك. وليشاركني أخي القارئ تلك الرحلة من مطار جدة: ففي مساء السبت كانت لي تجربة مع ذلك المطار، منذ الوصول إلى المطار وتزاحم السيارات وتداخلها عند بوابة صالة المغادرة، حيث أوقفنا صاحب السيارة منتصف الشارع، وأمرنا بالنزول، ونزلنا ومررنا بين السيارات (وصرنا كأننا في لعبة بلاي ستيشن)، ودخلنا الصالة، ويا لهول ما أرى في الصالة!! جموع متكدسة، بل البعض افترش الأرض مع صغاره؛ لعدم وجود مقاعد (شاغرة)، وكان حضورنا قبل الرحلة بساعتين، وبحثنا عن مقعد، حتى لاح لنا مجموعة قامت فجلسنا مكانها. حضرنا مبكرين (حسب النظام)، وكانت الشاشة المبينة للرحلات تخبرنا أن رحلتنا في وقتها (العاشرة مساء)، واقترب موعد صعود الطائرة المبين في التذكرة، واللوحة ثابتة تبشرنا أن (الرحلة في موعدها)، دون ذكر رقم بوابة الخروج، وصرنا نُصيخ السمع انتظارا لإعلان الركوب، ولكن لم نسمع النداء، علما أن سماعات الصالة لا تكاد تسمعها جيدا، لذا أنصح بالذهاب لأقرب مسجد من المطار؛ ليدلهم على المؤسسة التي (ركبت السماعات) في المسجد، ليأتوا ويصلحوا سماعات المطار (المتهالكة)، أو يستفيدوا من وزارة الشؤون الإسلامية لإصلاح تلك المكبرات، إضافة إلى تعدد أصوات المعلنين عن الرحلات، والأفضل أن يكون صوت إذاعي واحد، يتم اختياره بعناية. وما زلنا في الانتظار... وحان موعد الإقلاع الرسمي، والشاشة في موعدها، فشككنا أن الطائرة أقلعت وولت الأدبار عنا، وهرعتُ مسرعا للاستفسار من أحد مسؤولي المكاتب في الصالة، فأخبرنا أن رحلة الرياض (1050) ستتأخر!! قلت له: الشاشة تخالفك الرأي، واخفض صوتك كي لا تسمعك الشاشة!!، قال: (ما عليك من الشاشة)؛ لأنها تتغير كل نصف ساعة، قلت: ومتى الإقلاع؟ قال: عندي في الجهاز: أن الرحلة لم تقلع فقط لا غير، أما أسباب التأخير والموعد الجديد عند المشرف؟ ومن المضحك أن الرحلة الساعة العاشرة مساء، ولم تتغير الشاشة من (الرحلة في موعدها) إلى (متأخرة) إلا الساعة العاشرة والربع، والمسافرون يتساءلون عن الرحلة، ولم يصدر أي إعلان مسموع أو مقروء عن تأخر الرحلة. وبعد حوالي الساعة والنصف من الموعد الأساسي: تم الإعلان عن موعد قيام الرحلة، وعلى الركاب التوجه إلى البوابة، وتوجهنا إلى مكتب (الكاونتر)، وكان للمكتب مدخلان، ويخدمهما شخص واحد فتراه (مرة باليمين ومرة بالشمال)، وذلك ذكرني بالخديعة التي تُعمل في جسر (البحرين-السعودية) حيث المساران مضاءان بالأخضر، ولكن الذي يعمل في المسارين شخص واحد (على شارعين)، وترى مسارات السيارات مثلا ستة، والواقع أنها ثلاثة، إذ لا يعمل إلا ثلاثة أشخاص. انتهينا من تدقيق التذاكر بعد الزحام والتدافع وعدم الانضباط، وهذا واقع الكثيرين الذين لم تدخل ثقافة (الطابور) في قاموسهم بدءا من المقصف المدرسي في المرحلة الابتدائية، ثم نزلنا الدرج وركبنا الحافلة، والتي قطعت مسافة طويلة للطائرة، حتى قال بعض الركاب ساخرا: الظاهر أن الحافلة ستوصلنا الرياض. وصعدنا الطائرة وربطنا الأحزمة وأقلعت، ووصلنا الرياض بحمد الله، وفرحنا لأننا في الرياض وسننزل من الطائرة عبر الممر (الخرطوم) وليس الدرج مثل مطار جدة، ولكن (يا فرحة ما تمت)، انتظرنا بعد وقوف الطائرة نصف ساعة (لم تنقص دقيقة واحدة)، ثم فُتحت الأبواب، وإذا نحن بساحة المطار، والدرج أمامنا ومن خلفه الحافلة، التي ركبناها إلى الصالة، فهل نحن في جدة!! لا بل في الرياض، ويبدو أن (الطيارة ما لقت موقف)، لأن الطائرات الأخرى مثل السيارات في شوارعنا، من عدم احترام لنظام المواقف، حيث تقف على الخط المنظم للموقف (وتأخذ محل سيارتين)، وانتهت الرحلة ولله الحمد. أسوق تلك الواقعة مع ما فيها من سلبيات، راجيا أن يكون للمسؤول دور في تعديل الوضع الحالي، ولا ننتظر التبرير والتسكين والتسويف بحجة أن هناك مطارا جديدا منتظرا، بل يجب إصلاح وتعديل المطار الحالي، حتى الانتقال إلى مطار جديد آخر، من تنظيم للسيارات خارج الصالة، وتوفير المقاعد في الصالة، وإصلاح للسماعات، وتحديث فوري للشاشات المبينة للرحلات، وتعامل راقي مع المسافرين بإخبارهم فورا عن كل ما يستجد في الرحلة، واستغلال التقنية بإرسال رسائل الجوال للمسافرين توضح تأخر الرحلة. وحتى يكون (العنوان والخاتمة) دالين على (الكتاب)، والله من وراء القصد. منقول... تصدر مطار جدة الدولي قائمة أسوأ مطارات العالم لعام 2016م، بعد ما حل في المركز الثاني العام الذي قبله (متقدما على الأخير)، وذلك حسب موقع يعتمد (التصويت) لاستطلاع آراء المسافرين لتصنيف المطارات العالمية.