تفوقت الشبكات الاجتماعية على معظم ما يصنف منافسا لها، في كل شيء، إلا المحتوى، والتحكم به، وهي الأزمة التي تخبو ثم تظهر، من وقت لآخر، حتى برزت على السطح مجددا، قبل أيام، تزامنا مع حادثة الأميركي الذي قتل مسنا، ونشرها مباشرة على "فيس بوك". ما نقوله عن "فيس بوك" ينطلي على كافة المنصات، أو معظمها، بالرغم من محاولات "فيس بوك" الكثيرة لخلق المحتوى، والتي لم تنجح الآن، ما اضطره لأن يكون في وجه المدفع دائما، وتحديدا هذه الأيام، حيث الحملات الإعلامية والشعبية عليه، بعد سلسلة من الجرائم التي بثت على منصته. قد نبرئ "فيس بوك" من زاوية كونها منصة تفاعل فقط، لكن في الوقت نفسه، يجب أن نعود بالذاكرة للخلف، وتحديدا للمنشور الذي بثه مارك، رئيس الشركة، في فبراير الماضي، والمكون من 5000 كلمة تقريبا، وقال فيه إن الشركة تركز على ما يعرف بـ "بالذكاء الاصطناعي"، وتحدث فيه عن مسؤوليتها عن محتوى العنف والكراهية والعنصرية والإرهاب، وإن الشركة تعمل على مقاومته والحد منه، بالإضافة للأخبار الكاذبة، ومع ذلك لا تزال ضعيفة، ضعيفة كثيرا. أكبر تهمة تواجهها "فيس بوك" من قبل العاملين في مجال الإعلام والصحافة والاتصال؛ هو فشلها في تطوير الرصد والمراقبة. بالتأكيد لا يمكن ملاحقة أكثر من مليار مستخدم، ولكن يمكن تفعيل آلية التعاطي مع المحتوى المخالف، بكل أنواعه، بشكل أكثر ديناميكية، وأسرع. على سبيل المثال، تقول الشركة إن أول تنبيه وصلها من فيديو القاتل، قبل أيام، تم بعد ساعة و45 دقيقة من نشره، وتمت الاستجابة بعد 23 دقيقة، ما يعني أنها احتاجت لقرابة ساعتين وربع الساعة، لحذف محتوى مروع! في الوقت نفسه، وحتى نكون أكثر واقعية، تبث "فيس بوك" بقرابة 40 لغة، في دول مختلفة، بعضها تمنع التدخل في محتوى الأفراد، كحرية رأي، ما يعني ضرورة إعادة صياغة سياسات ووثائق الاستخدام، حتى تضمن إمكانية التعديل والحذف، دون أي تبعات قانونية، أو مشاكل مستقبلية. لا يزال محتوى الشبكات الاجتماعية شيئا شائكا، والتحكم به أشبه بالمستحيل، لكن لا بد من إقرار بعض الأنظمة والقوانين الحديثة، التي تحد من المحتوى المخالف على أقل تقدير.. المنع الكلي مستحيل، مستحيل جدا. والسلام..