بالرغم من التركيز العالمي على الخصخصة لتحقيق الكفاءة التشغيلية؛ والمالية والإدارية؛ إلا أن الاقتصاد السعودي ما زال يعاني من سيطرة القطاع الحكومي على الشركات المساهمة الاستراتيجية؛ عوضا عن بطء تحقيق هدف الخصخصة في بعض القطاعات الخدمية الحكومية ما يثقل كاهل الحكومة من جهة، ويضعف الخدمات المقدمة من جهة أخرى. أعتقد أن حصة الحكومة في سوق الأسهم باتت المسيطرة على غالبية الشركات الاستراتيجية؛ وعلى رأسها سابك؛ والكهرباء؛ حيث تمتلك الحكومه فيهما ما نسبته 70 في المئة من الأسهم، إضافة إلى ملكياتها المتفرقة في غالبية شركات السوق. وبحسب تقارير متخصصة. فالمؤسسات الحكومية تمتلك 45 في المئة من إجمالي رأسمال أكبر 20 شركة مدرجة، وهي تتركز في قطاعات البنوك، والبتروكيماويات، والاتصالات، والكهرباء؛ وهي نسبة مرتفعة جدا برغم تركزها في الشركات الكبرى. البنك الأهلي التجاري كان من ضمن الشركات المبعدة عن سوق الأسهم، برغم سيطرة الحكومة على ملكيته، إلا أن غيابه المتعمد لن يطول بعد أن قررت الحكومة طرح 15 في المئة من أسهمه للاكتتاب العام، وتخصيص 10 في المئة لمعاشات التقاعد، ما يعني تخارج الحكومة من بعض حصتها في البنك، وما زالت برغم ذلك تمتلك غالبية أسهم البنك الأهلي وبنسبة 44 في المئة، وإذا ما أعتبرنا أن صندوقي التأمينات الاجتماعية، والتقاعد جزء من الحكومة، فهذا يعني أن نسبة تملك الحكومة الحقيقية في البنك ما زالت عند 64 في المئة. إبقاء الحكومة على ملكيتها في الشركات أمر غير صحي، ويحتاج إلى إعادة نظر والتسريع في تقليصها من خلال الطرح المنظم لحصص محددة في الشركات الاستراتيجية الكبرى. هناك تصريحات رسمية في عزم الحكومة على تقليص حصتها في الشركات السعودية، إلا أن أمرا من هذا لم يحدث بعد باستثناء البنك الأهلي التجاري. يفترض أن تكون هناك استراتيجية واضحة تقوم بموجبها الحكومة بجدولة طرح بعض ملكياتها في الشركات الاستراتيجية الكبرى، وهو أمر يجب أن يكون هدفا ينجز خلال مدة زمنية محدة، لا أن يترك عائما دون تقييد. ومن جهة أخرى فموضوع الخصخصة بات مستبعدا في الوقت الحالي ولا نعلم سببا لذك، بل إن خصخصة شركة الخطوط السعودية ما زالت تسير ببطء ينبئ عن تعثرها مستقبلا. ومن جهة أخرى فخصخصة بعض القطاعات، والمطالبة بطرح حصة الحكومة في الشركات للاكتتاب العام بالتدرج، تجعلنا نطالب أيضا بتحويل الشركات الكبرى المغلقة إلى شركات عامة. أعتقد أننا في حاجة ماسة إلى رؤية واضحة لإعادة هيكلة الاقتصاد وسوق الأسهم وبما يساعد على تحقيق الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية. تقليص حصة صندوق الاستثمارات العامة في الشركات المدرجة أمر غاية في الأهمية. فالصندوق يفترض أن تكون له استراتيجية لدعم الاقتصاد من خلال حماية الشركات ومساعدتها، أو المساهمة في رأس مال الشركات الضخمة التي تحتاج إلى استثمارات حكومية للبدء فيها، وتنفيذها، ومن ثم البدء بالتخارج منها بعد إنجاز مهمته، لا أن يستمر في الملكية. البدء في تقليص حصة صندوق الاستثمارات العامة في الشركات الاستراتيجية يجب أن يكون الانطلاقة التي يمكن من خلالها تنفيذ خطة تقليص ملكية الحكومة في الشركات المساهمة.