يواصل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان حديثه لـ عكاظ بوعي المسؤول الحكيم المتمكن، والمخطط المدرك لاحتياجات المستقبل، والإنسان الحريص على أن يكون قريبا من مختلف فئات المجتمع، لإيمانه بأن التقاريـر وحدها لا تعكس الصورة الحقيقية لواقع الحال، خاصة وهو يؤكد على أهمية البطانة الصالحة ودورها الإيجابي في تقديم المشورة والرأي السديد للمسؤول، وحرصه على اختيار المساعدين والقيادات الإدارية بديوان الإمارة من الكفاءات المشهود لها بالإخلاص والنزاهة. لم يتذمر سموه من طول الأسئلة، فجاءت إجاباته مقننة، إلا أنه سرعان ما يسترسل عندما تلامس أسئلتنا هموم واحتياجات المواطن، في إشارة واضحة إلى اهتمامه بالإنسان باعتباره ركيزة وهدف التنمية المستقبلية في جميع جوانبها التي يرى سموه بأنها تسير في الاتجاه الصحيح وتحقق قفزات في مجالات الطرق والصحة والتعليم وكل ما يهم أهالي منطقة جازان. وتحدث الأمير محمد بن ناصر من خلال الجزء الثاني من حوارنا المطول مع سموه عن علاقته الحميمية بالأهالي، وحرصه على الالتقاء بهم للاستماع إلى آمالهم وتطلعاتهم وهمومهم من أجل العمل على تلبيتها بمشاريـع على أرض الواقع، إضافة إلى عدد من المواضيع المهمة. * قطعتم شوطا في توديـع المدارس المستأجرة، إلا أن هناك مدارس لازالت في مناطق بعيدة عن المدينة تشكل خطرا على حياة الطلاب، ماذا حققت إدارة التربية في المنطقة حول هذا الجانب؟ ــ تم طرح مبادرة هي الأولى على مستوى المملكة للتخلص من المباني المستأجرة، وذلك من خلال تشكيل لجنة المشاريـع بالإدارة، حيث تم ترسية أكثر من 150 مشروعا مدرسيا العام الماضي، وجاري الإعداد لطرح 120 مشروعا هذا العام، إضافة إلى أنه يجري حاليا تنفيذ 213 مشروعا بتكلفة تتجاوز مليار ريال، ونتطلع إلى أن يتم التخلص بإذن الله تعالى من المباني المستأجرة خلال الثلاث سنوات القادمة. * ولكن سمو الأمير نسمع منذ سنوات عن هذه الجهود، إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك، وتحديدا في المناطق الحدودية والجبلية؟ ــ في الحقيقة وكما يعلم الجميـع بأن هطول الأمطار بكثافة في المناطق الجبلية وجريان السيول المنقولة وغير المنقولة يسبب عائقا كبيرا في استكمال بعض المشاريـع في الوقت المحدد لها، أو تدمير بعض أجزاء المشاريـع قبل استكمالها، وقبل وضع منشآت التصريف الخاصة بها، ولكن ولله الحمد يتم التغلب على أكثر هذه الحوادث والظواهر الطبيعية الخارجة عن الإرادة، وكما أسلفت بأن المناطق الجبلية ليست كغيرها من المناطق فيما يخص تنفيذ مشاريـع الطرق والجسور. والتنسيق والدراسات جارية مع المعنيين. الخدمات بفرسان * طالما نتحدث عن المشاريـع ودعم القيادة الرشيدة لمنطقة جازان أسوة ببقية مناطق المملكة، إلى أين وصلت سمو الأمير مراحل تنمية محافظة فرسان التي اعتمدت لها مبالغ مالية طائلة، وشكلت لها لجنة وزارية برئاسة سموكم لدراسة احتياجاتها ؟ ــ هناك أوامر سامية صدرت لتنمية محافظة فرسان، فقد طلبت الجهات الخدمية مبلغا يقارب (3) مليارات ريال لتنمية الجزيرة، وتوفير كافة الخدمات والمرافق التي تجعل منها منطقة سياحية، وهناك لجان على وشك أن تنتهي من التوصيات الخاصة بالجزر. * وما هي أبرز المشاريـع التي اعتمدت لفرسان؟ ــ في كل عام يعتمد لفرسان كغيرها من المحافظات مشاريـع في كافة المجالات فعلى سبيل المثال اعتمد مشروع إنشاء مقر لنادي الصواري بفرسان بتكلفة 60 مليون ريال ومشروع كليات البنات بما يزيد على (9) ملايين ريال. ناقـلات البناء * ولكن أهالي المحافظة لازالوا يواجهون مشكلة ارتفاع أسعار البناء، الأمر الذي أثر على الحركة العمرانية في فرسان فما هي الحلول من وجهة نظر سموكم؟ ــ الدولة ــ أيدها الله ــ تسعى لمعالجة كافة العوائق التي تقف في طريق عملية التنمية، والتي من أبرزها في جزيرة فرسان نقل مواد البناء، والحمد لله تم تأمين ناقلات لنقل مواد البناء والمواد البترولية والأعلاف والمواشي والمواد الغذائية بتوجيه كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ . * وهل أنتم راضون عن ما يجري تنفيذه من مشاريـع في هذه المحافظة؟ ــ نسعى جاهدين لتوفير الخدمات للمواطنين في كافة أنحاء المنطقة على الرغم من تعثر المشاريـع، وفرسان من ضمن المحافظات التي تعاني في هذا الجانب. الرحلات البحرية * وهل ما تم اعتماده لحل مشكلة تنقل أهالي المحافظة من عبارات يعتبر كافيا من وجهة نظركم، أم أن هناك المزيد من الخدمات التي ستقدم لهم مستقبلا؟ ــ العبارات الحالية تلبي احتياج المواطنين في الوقت الحالي، علما بأنه يتم العمل على زيادة الرحلات في المواسم وحسب الحاجة. * ينظر بعض المحللين الاقتصاديين إلى أنه بالإمكان تحويل فرسان إلى منتجع سياحي عالمي لامتلاكها المقـومات السيـاحية التي تؤهلها لذلك، هل من خطط مستقبلية سمو الأمير في هذا الجانب، أم أن هناك مخاوف من هذه الخطوة ؟ ــ هناك أوامر سامية تقضي بتطوير جزيرة فرسان وجعلها منطقة سياحية مكتملة الخدمات مع المحافظة على بيئتها. ندوات وملتقيات * يظل الحديث دائما سمو الأمير عن المشاريـع السياحية المستقبلية على مستوى المنطقة، فما هو مستوى التنسيق مع الهيئة العامة للسياحة والآثـار؟ ــ هناك تنسيق بين إمارة المنطقة ومجلس التنمية السياحية بالمنطقة وهيئة السياحة والآثـار، ومن خلال ذلك التنسيق تم تنفيذ بعض المشاريـع السياحية التي نعتبرها نواة لمشاريـع كبيرة قادمة بإذن الله، ومنها مرسى الحافة السياحي الذي تم إنشاؤه من قبل الهيئة العامة للسياحة والآثـار وبالتعاون مع أمانة المنطقة والزراعة، ومنتجع الفقوة بالتعاون مع بلدية فرسان ولجنة التنمية السياحية، ومشروع العين الحارة بالخوبة وغيرها من المشاريـع الأخرى. * وهل ترون بأن الجهات ذات العلاقة وتحديدا الغرفة التجارية نجحت في تسويق الفرص الاستثمارية المتاحة بالمنطقة؟ ــ نسعى دائما مع الغرفة التجارية الصناعية والجهات ذات العلاقة في تسويق الفرص التجارية واستقطاب الشركات الكبيرة للاستثمار في المنطقة، ومازلنا نبذل الجهود المضاعفة في هذا المجال مع جهات كبيرة لها إسهامات وتواجد بالمنطقة، وفي الموسم الشتوي القادم ستعقد ندوات ومنتديات اقتصادية واستثمارية. تفاعل ضعيف * كيف ترون مشاركة رجال الأعمال بالمنطقة في استثمار بعض المشاريـع السياحية؟ ــ لازالت دون مستوى الطموح، ونأمل أن يكون لهم حضور فاعل مستقبلا. * تحدثتم سمو الأمير عن المؤتمرات والندوات والمنتديات الاقتصادية التي ستستضيفها جازان مستقبلا هل لنا أن نعرف أهمها؟ ــ تستضيف المنطقة خلال الأيام القادمة المنتدى الاقتصادي، الذي سيعرض العديد من الفرص الاستثمـارية بالمنطقة. الشكاوى والهموم * سمو الأمير للمواطن هموم وآمال وتطلعات، فعلى ماذا تعتمدون في تقصي حقيقة شكاوى المواطنين؟ ــ هناك عدة آليات أهمها: مكتب الاستقبال وعلاقات الجمهور والذي نلتقي فيه بالمواطنين والمواطنات خلال ثلاثة أيام أسبوعيا، إضافة إلى ما يردنا من برقيات واستدعاءات عن طريق البريد، مع رصد ومتابعة ما ينشر عبر وسائل الإعلام المختلفة. * متى تلتقيهم، وكيف تصف لنا هذه اللقاءات، وهل تحرصون على أن تكون بعيدة عن البروتوكولات الرسمية؟ ــ يتم استقبال أصحاب الشكاوى من المواطنين صباح أيام الأحد والاثنين والثلاثاء من كل أسبوع في لقاء مباشر في إطار سياسة الباب المفتوح، للاطلاع على ما لديهم وإحالة طلباتهم للإدارات المختصة بديوان الإمارة لدراستها واتخاذ الحلول المناسبة لها. جلسة الثلاثاء * في خطوة تحسب لسموكم خصصتم مساء كل يوم ثلاثاء للالتقاء بالمواطنين، هل حققت مثل هذه اللقاءات الأهداف المرجوة؟ ــ نحن ولله الحمد نلتقي بالمواطنين والمشايخ ورجال العلم من خلال الجلسة الأسبوعية التي تعقد كل ثلاثاء، ونتناقش معهم بشفافية في مواضيع مختلفة تصب في مصلحة المنطقة وأهلها، ونحن ندرك بأن مثل تلك اللقاءات التي تجمع بين المسؤول والمواطن مباشرة تحقق أهدافا طيبة، خاصة أن ما يطرح من خلالها من مواضيع هادفة وبناءة ولله الحمد تحقق من خلالها العديد من الأفكار والتطلعات، التي تناقش مستوى الخدمات والمشاريـع في جميع المحافظات من خـلال الجلسة التي تحـقـق الهـدف المنشـود بـإذن الله تعالى. * وهل هناك سمو الأمير جهـة تتابـع ما يطـرح من خـلال الثلوثية؟ ــ نحن نتابع ما يطرح من مناقشات وآراء ومقترحات وتوضع موضع التنفيذ وترفع التقاريـر من خلال إدارة بالإمارة تختص بكل ما يتعلق بالجلسة الأسبوعية. اختيار البطانة * دائما ما تلقى التهم على المقربين من المسؤول على أنهم لا ينقلون الحقيقة ويؤثرون على العلاقة الثنائية بين المسؤول والمواطن، كيف تعلقون سمو الأمير؟ ــ نحن نؤمن بأهمية البطانة الصالحة ودورها الإيجابي في تقديم المشورة والرأي السديد للمسؤول، ولذلك نحرص على اختيار المساعدين لنا والقيادات الإدارية بديوان الإمارة من الكفاءات المشهـود لها بالإخلاص والنزاهة. الصكوك المتداخلة * هناك من لازال يشتكي من الروتين الذي يعقد بعض الإجراءات فتتأثر مصالح المواطنين، وبخاصة ما يتعلق بإدخال التيار الكهربائي أو إنهاء حجج الاستحكام؟ ــ صدرت التعليمات للجهات المعنية بدراسة هذا الموضوع، بحيث يتم إدخال التيار الكهربائي وفق ضوابط معينة من شأنها القضاء على العشوائيات وخدمة المواطنين وإيجاد شوارع كافية لإيصال الخدمات، أما بالنسبة لحجج الاستحكام فهذا من اختصاص المحاكم، مع العلم بأن البلديات تجيب على استفسارات المحاكم حول هذه الطلبات، وهذا يدل على أن المحاكم تستمع لطلبات حجج الاستحكام. * هل عالجتم سمو الأمير مشكلة تداخل بعض الصكوك التي أخرت تنفيذ بعض المشاريـع التنموية، على غرار ما حدث في ضاحية الملك عبدالله؟ ــ بالنسبة للضاحية شكلت لجنة من وزارة الداخلية والعدل والشؤون البلدية والقروية، للنظر في الصكوك التي تتداخل مع الأراضي الحكومية، وبالتالي تؤدي إلى تعطيل المشاريـع القائمة على تلك الأراضي، وكلما اتضح بأن هناك أي معوقات لمشروع حكومي فيتم معالجة هذا الأمر في حينه، وذلك بتشكيل لجنة من الجهات المعنية لرفـع المرئيات والمقترحات حيال إنهائها. متابعة دقيقة * ما هو مستوى التنسيق بين الجهات الحكومية لضمان تنفيذ المشاريـع كما هو مخطط لها، وفي نفس الوقت تقديم أفضل الخدمات للمواطنين من أهالي جازان؟ ــ إدارة المتابعة وتنسيق المشروعات في مجلس المنطقة تعمل على متابعة هذه المشاريــع بالتزامن بعضها البعض، ولكن المشكلة تكمن في تأخر بعض المقاولين مما يؤثر على المشروع الآخر. التعاون مع الإعلام * كيف تتعاطون مع ما يطرح من انتقادات عبر وسائل الإعلام عن أداء بعض الأجهزة الحكومية؟ ــ نحن ولله الحمد نحرص كل الحرص على ما يطرح عبر وسائل الإعلام، لأن الإعلام يعتبر عين المسؤول ولسان المواطن، ونؤكد دائما من خلال اجتماعاتنا مع مديري الإدارات والأجهزة الحكومية على ضرورة التعاون مع رجال الإعلام وتزويدهم بالمعلومات والحقائق، وفي المقابل يجب على الإعلاميين الطرح بمصداقية والتأكد من المعلومة الصحيحة من مصادرها، ولدينا في الإمارة إدارة متخصصة في المجال الإعلامي تقوم بتزويدنا بكل ما يطرح في الصحف اليومية والصحف الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، ويتم التوجيه من قبلنا للإدارات كل حسب اختصاصه. أبوابنا مفتوحة * وهل ترون بأن الإعلام بمختلف قنواته استطاع أن يجاري النقلة التنموية في المنطقة؟ ــ للأسف يقوم الإعلام بدور ولكن دون المستوى المأمول منه، ونحن نؤكد دائما على الإخوة العاملين في جميع وسائل الإعلام المختلفة المقروءة والمسموعة والمرئية بضرورة إبـراز ما تحتويه منطقة جازان من مقومات وفي شتى المجالات المختلفة، والحمد لله المنطقة غنية بمقدراتها وما حباها الله من طبيعة يجب على الإعلام إبرازها والتعريف بالنقلة التنموية وإبـراز المشاريـع النوعية التي تعيشها المنطقة حاليا من ازدهار في شتى المجالات، وذلك بفضل من الله ثم بدعم من قيادتنا الحكيمة بقيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ يحفظه الله ــ . * ندرك قرب سموكم من الإعلاميين وحرصكم على تقديم التسهيلات لهم، إلا أن البعض منهم يرى بأن هناك من لا يريد لهذه العلاقة أن تستمر، كيف تعلقون؟ ــ نحن ندرك معاناة الإعلاميين أثناء تأدية مهامهم الإعلامية، وقد وجهنا الجهات المعنية بتذليل كافة الصعوبات والعقبات التي تواجههم، وأبوابنا مفتوحة لكل من يريد مقابلتنا وعلى استعداد لتقبل أي نقد هادف وبناء يخدم مصلحة المنطقة وأهلها. * دعني أصارحك سمو الأمير، فالبعض من الإعلاميين يواجهون مضايقات متعمدة أثناء تأديتهم لواجباتهم في تغطية المناسبات التي يرعاها سموكم؟ ــ لدينا إدارة تعنى بالترتيب للإعلاميين في مختلف الوسائل الإعلامية وهم المعنيون بهذا الشأن، ولديهم كافة التعليمات لتسهيل مهمة الإعلاميين في جميع المناسبات، ومن لديه أي ملاحظات واقتراحات يتم تزويدنا بما لديهم، وكما أسلفنا أبوابنا مفتوحة لكل من يرغب في النقد الهادف والبناء. * ماذا تقول لأبنائك الإعلاميين عبر هذا الحوار؟ ــ عليهم مواكبة الأحداث وما تشهده المنطقة من نمو في شتى المجالات، وتحري الدقة والمصداقية في جميـع المعلومات من مصادرها الحقيقية وإظهار الوجه المشرق لمنطقتهم، مع شكرنا وتقديرنا لكم أنتم ولصحيفة عكاظ والقائمين عليها لإتاحة الفرصة لنا للحديث عبر صحيفتكم الغراء..