أعاد العثور على مصنع سرى لأسلحة ومتفجرات وذخيرة تديره خلية إرهابية داخل مزرعة فى الظهير الصحراوى لمدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، فتح ملف أوضاع المزارع البعيدة عن أعين الرقابة، والتى يستخدمها البعض فى ارتكاب أعمال مخالفة للقانون.5 أيام هى المسافة الزمنية التى استغرقتها عملية تفتيش مزرعة الدلنجات لتعثر فى النهاية على أكبر مخبأ لصناعة المتفجيرات وإيواء الهاربين، بعدما تلقى فرع الأمن الوطنى بوجود عناصر إخوانية داخلها ــ من بينهم أحد المطلوبين بقتل أمين شرطة فى فرع الأمن الوطنى أمام منزله فى مدينة المحمودية – حيث تضم سورا مرتفعا وبوابة حديد عالية، حتى لا يرى أى أحد من المزارع ما يجرى فى الداخل، كما أن المزرعة لا يوجد بها عمال وخفراء.واكتشفت القوات أن المتواجدين داخل المزرعة فخخوا مداخلها ومخارجها، وحال اقترابها بادرت المجموعة المسلحة بإطلاق أعيرة نارية بكثافة، وتعامل الأمن معهم ونجح فى تصفيتهم، وبعد عملية المداهمة بدأت عملية التفتيش لمدة 5 أيام، وتم أثنائها العثور على كميات كبيرة من الأسلحة والمتفجرات.وقال مدير إدارة الحماية المدنية العميد جمال ياسين، إنه تم الكشف عن الأماكن السرية أسفل الرمال، والمتفجرات داخل إحدى الغرف، عن طريق أجهزة الكشف الحديثة.عقب انتهاء العملية الأمنية، أجرت «الشروق» جولة داخل الظهير الصحراوى للمحافظة، لتكتشف أن المنطقة تمتلك جميع أساليب العيش بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية، لم لا وقد نجح وزير التموين الأسبق فى عصر الإخوان باسم عودة فى الاختباء داخلها فى وقت سابق.ويضم الظهير الصحراوى عددا من القرى التابعة لشباب الخريجين والنجوع التابعة لقبائل البدو، التى تضم محلات تجارية تستقبل بضاعاتها من سيارات تسمى «كشكول»، وتشمل الأطعمة، والشراب، والأدوات الكهربائية، وجميع المستلزمات، كما أن الموتوسيكل والتروسيكل هما وسيلتا النقل الأكثر استخداما، ما يساعد العناصر الإرهابية على التنقل عبر الطرق الفرعية للمزارع بسهولة.ويقول خالد عوامى، عامل فى إحدى المزارع، إن ملكية المزارع تتنوع بين وضع اليد وملكية الدولة، حيث يتولى كل خفير مسئولية حماية مزرعته من السرقة أو التعديات، كما يتم عمل أسوار لها من الطوب أو البوص، وتكون كل منها مفصولة عن الأخرى، لا يعلم من فى إحداها ما يحدث فى الأخرى، إلا فى الجمعيات الزراعية، التى تشهد اجتماعات شهرية لحل المشاكل، مع وجود بوابات وخفراء بمعرفة الداخل والخارج.وأضاف حمدى حجاج، سمسار موالح: «العمال أو الخفراء هم المسئولون الرئيسيون عن المزارع، حيث يتولون رى الأراضى وحمايتها، بينما لا يعلم أحد أصحابها الحقيقيين، فالعامل يفتح لنا البوابات لشراء المحاصيل من الفاكهة لمدة يوم، بينما لا نرى أيا من الأشخاص داخل المنازل الموجودة فى المزارع».واستطرد: «هذه الأماكن تساعد العناصر الإجرامية على الاختباء، حيث يستغرق أى محصول أكثر من 6 أشهر، ويساعد انتشار أشجار الموالح بكثافة هذه العناصرعلى الاحتماء داخلها، أو تنفيذ أى شىء أن أن يراهم أحد من المزارع الأخرى، كما أن أكثر المنازل مبنية من طابق واحد فقط، ويصل ارتفاع بعض أشجار الموالح إلى نهاية المنازل فى بعض الأحيان، ويساعد تداخل هذه الأشجار على عمل أى شىء حولها حتى لو كانت مصانع متفجرات».الظهير الصحراوى فى البحيرة ملجأ لجميع الخارجين على القانون والجماعات الإرهابية، حيث يوجد منزل فى كل 5 إلى ألف فدان، وتضم المزارع داخله عمال من جميع المحافظات، ويلجأ عدد من المجرمين إلى هذه الأماكن هروبا من القبضة الأمنية، وللابتعاد عن التجمعات السكانية.وفى الفيوم، لم يكن يمر يوم دون وقوع انفجار أو استهداف لرجال الجيش والشرطة، وزرع قنابل بجوار المنشآت الشرطية والحكومية وأسفل محولات الكهرباء وأبراج الضغط العالى عقب فض اعتصام رابعة فى أغسطس 2013، واتخذ عناصر الإخوان حينها المزارع المملوكة لهم فى القرى والعزب والنجوع فى أطراف المحافظة فى تصنيع المتفجرات والعبوات الناسفة لتنفيذ عملياتهم، التى كانت تهدف لاستنزاف القوة الأمنية.وشهدت المحافظة مئات التفجيرات قبل عامين، نفذها عناصر الجماعة فى الشوارع والميادين، وأسفل سيارات ضباط الشرطة، وأسفل أبراج الضغط العالى، ومحولات الكهرباء، ووقع الانفجار الأكبر فى عزبة حزين التابعة لقرية أبوكساة فى أبشواى بتاريخ 4 يوليو 2014، وكان داخل مزرعة مهجورة يملكها أحد قيادات الإخوان.واتخذ عناصر الإخوان هذه المزرعة وكرا لتصنيع العبوات الناسفة بعيدا عن أعين رجال الشرطة، فيما لقى 4 منهم حتفهم وقتها وتحولت جثثهم إلى أشلاء، إثر انفجار عبوة ناسفة كانوا يعملون على تصنيعها، وتبين أنهم أحمد عثمان محمد سليمان، الطالب فى كلية الهندسة فى إحدى الجامعات الخاصة بـ٦ أكتوبر، ومقيم فى قرية فيديمين التابعة لمركز سنورس، كان دوره تركيب المادة المتفجرة وإحكامها، وعبدالله محمد عبدالله محمود، ويعمل حدادا من قرية السنباط، ودوره تصنيع الفرم الحديد وعمل الخراطة اللازمة، وحنفى محمود، مدرس، يعاون فى عمليات تصنيع المتفجرات، وتم العثور على جثة لشخص رابع، يرجح أن يكون أحد أقارب صاحب المزرعة أحمد عرفة.وعثر خبراء المفرقعات حينها على 39 عبوة ناسفة داخل المزرعة بعد وقوع الانفجار، بينها ٥ عبوات جاهزة ومعدة بمفجر، والباقى كان معدا لتركيب المفجر، وتم إبطال مفعول المعد منها وتفكيك العبوات الباقية.وأفادت التحريات بأن المزرعة مكان الانفجار مهجورة، وهى ملك أحمد عرفة عبدالقادر، 54 سنة، من قرية أبوكساة، وهو من قيادات الإخوان، وسابق ضبطه فى القضية 3033 لعام 2013، لاتهامه باقتحام وحرق مركز شرطة أبشواى، والاعتداء على الضباط والأفراد والقضية 92 لعام 2014 إدارى أبشواى، لاتهامه بتنظيم تظاهرات والمشاركة فيها، بالمخالفة لقانون التظاهر، وتم إخلاء سبيله.وتبين أن شقيق صاحب المزرعة سيد عرفة عبدالقادر، 57 سنة، موجه فى التربية والتعليم، يعد مسئول الإخوان فى مركز أبشواى، والمشرف العام على لجنة العمليات النوعية للجماعة، وسبق ضبطه فى القضية 650 لعام 2014 إدارى مركز أبشواى، لاتهامه بالتعدى على مساعدى شرطة فى إدارة الأمن الوطنى، بإلقاء ماء نار عليهما.