×
محافظة المنطقة الشرقية

الدمام: إغلاق 61 منشأة مخالفة

صورة الخبر

توني باربرقبل نحو ربع قرن، غرقت إيطاليا في بحر من المشاكل، أين منه ما تشهده البلاد حاليا. يومها كان الانقسام السياسي سيد الموقف. والفساد يضرب مفاصل الدولة كلها، حتى أن الفضائح خربت الحياة السياسية العامة. وتسبب تراكم الدين العام في شل الاقتصاد حتى يئس الناس من قدرة الحكومة على ضبط الاستقرار.لكن إيطاليا نجحت في إدارة أزمتها، حيث انتهى التنافس بين الحزبين الرئيسيين إلى تشكيل ائتلاف بقيادة سيلفيو بيرلسكوني ورومانو برودي وتم تجاوز الأزمة. وكثيراً ما يسيء الأجانب تقدير كفاءة إيطاليا في تجاوز الأزمات. ولا بد من التأكيد أن فرص تجاوز الأزمة حاليا أكبر مما كانت عليه عام 1992. وقد يكون العثور على الحلول أصعب، نظراً للظروف التي تحيط بروما سواء في الاتحاد الأوروبي أو في منطقة شرق المتوسط.وتبدو بعض التحديات التي تواجهها إيطاليا نسخة طبق الأصل عن مشاكل التسعينات. فالنظام السياسي مبعثر والحزب الرئيسي انقسم الشهر الماضي على نفسه. وتنقسم قوى اليمين، حيث تحظى حركة النجوم الخمس المعادية للاتحاد الأوروبي بشعبية واسعة. ومنذ عام 2011 تعاقب على حكم البلاد أربعة رؤساء وزارة، ليس بتأييد شعبي بل بسبب حالة الطوارئ المالية وفشل الإصلاحات.ورغم أن مشاكل الفساد والمافيا الإيطالية ليست بنفس درجة القوة التي كانت عليها عام 1992، إلا أن تورط والد ماتيو رينزي وحليفه الرئيسي في تحقيقات تتعلق بالنزاهة واستغلال السلطة يعيد إلى الأذهان مشاكل تلك الحقبة.إلا أن ما يثير المخاوف في المقارنة بين الحالتين هو وضع الاقتصاد الإيطالي حالياً. حيث يتوقع أن يسجل أدنى معدلات النمو على صعيد القارة الأوروبية لهذا العام. وقد بلغ حجم الدين الحكومي 132% من الناتج الإجمالي المحلي وبلغت نسبة البطالة 12% ، بينما هي في أوساط الشباب 37%.وفي ظل هذه التطورات يتساءل الكثير من الساسة عن جدوى عضوية الاتحاد الأوروبي وكذلك هو الحال بالنسبة للناخبين. وكشف استطلاع للرأي أن نسبة 47% من الإيطاليين يعتبرون الاتحاد الأوروبي سيئاً على بلادهم بينما يرى 41% منهم أنه جيد.ولعل هذا هو أهم الفوارق بين الحالة الراهنة وأزمة التسعينات. يومها كان الاندماج مع الاتحاد الأوروبي يمثل للإيطاليين مخرجاً من الفشل الذي تميزت به بلادهم منذ توحيدها عام 1861. فقد ازدهر الشمال الإيطالي الصناعي بسبب قدرة البلاد على التصدير عبر ارتباطها بسلاسل التوريد الألمانية. ويدرك الخبراء في البنك المركزي الإيطالي وفي وزارة المالية حجم المخاطر التي تحيط بانفصال بلادهم عن الاتحاد.ولكن الركود الذي ضرب إيطاليا لفترة طويلة دفع الإيطاليين للاعتقاد بأن اليورو هو علة العلل في عضوية بلادهم في الاتحاد. وهناك عاملان يزيدان من تعمق هذا الشعور بالإحباط، أحدهما قوانين الاتحاد الأوروبي المالية المصممة على الطراز الألماني دون اعتبار للظروف الإيطالية. ولا تلقى شكاوى روما من صرامة تلك القوانين آذاناً صاغية في برلين. وهذا ليس ما راهنت عليه إيطاليا عندما وقّعت اتفاقية العملة الموحدة عام 1999.والثاني أن الإيطاليين يرون أن موقف الاتحاد الأوروبي الضعيف حيال أزمة اللاجئين والهجرة عبر المتوسط يختلف تماماً عما كان عليه في تسعينات القرن الماضي. فقد حط على الأرض الإيطالية نصف مليون مهاجر بالزوارق غير النظامية خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وبلغت أعدادهم رقماً قياسياً هذا العام. ويثير نقص الدعم من دول المحور الأوروبية ودول شرق أوروبا غضب الكثير من الإيطاليين.وطالما أن أحزاب اليسار والوسط تمسك بدفة الحكم في إيطاليا تبقى فرص حل هذه المشاكل ممكنة. إلا أن ما حدث مؤخراً عزز القناعة بأن النظام السياسي في إيطاليا يواجه خطر الانهيار، وأن حركة النجوم الخمس تتحين الفرصة لاستغلالها على طبق من ذهب. محلل مختص في الشأن الأوروبي