الإغراء المادي الموجود في أسواقنا، وحالة السعار والجشع لدى البعض، وضعف آليات الرقابة، وليونة أنظمة العقوبات، كل هذه الأشياء مجتمعة أو متفرقة أدخلتْ المجتمع في حرب فساد شعواء مع من يطعمهم المأكولات الفاسدة، أو يبيعهم السلع المقلدة والمزيّفة ومنتهية الصلاحية، وغير الصالحة للاستهلاك الآدمي، ومن يتاجر بصحتهم وسلامتهم، إلى غير ذلك من القضايا التي يتم ضبط بعضها، فيما يمرّ الكثير منها دون ضبط. هذا واقع تكشفه كل يوم التجاوزات المفزعة في بعض عمليات السوق، والتي أطعمتْ الناس لحوم الكلاب، وباعتهم المعقمات التي تحتاج إلى تعقيم، وستظل هذه المعركة قائمة إلى ما شاء الله، وسيبقى الفساد هو الجانب المنتصر، لأنه مهما كانت إمكانيات رقابة الصحة والتجارة والأمانات والبلديات، ومهما كان عدد مراقبيهم، فإنهم لن يستطيعوا أن يسيطروا على هذا الكم الهائل من الأسواق والمحلات والدكاكين والمطاعم والبوفيهات في طول مدن ومحافظات وقرى هذه البلاد وعرضها، حتى ولو عملوا 24 ساعة / 24 ساعة، رغم أن فاتورة المخالفات في هذه القطاعات والتي تدفعها في الجزء الأكبر وزارة الصحة على هيئة خدمات علاجية ومستشفيات وخلافه، مثلما تكبد الفواتير الأخرى الدولة الكثير من الخسائر كبيع قطع السيارات المقلدة وما ينجم عنها من كوارث. لهذا فإن الحلّ الوحيد ـ في تقديري ـ للسيطرة على هذه الأسواق التي تتمدد على مساحة أكثر من (2.5) مليون كم مربع يستدعي دعم وظائف المراقبين بالبدلات المادية المجزية ليصل راتب المراقب إلى 30، 40، 50 ألف ريال حتى يخلص لوظيفته ويعض عليها بالنواجذ كي لا يخسر هذه البدلات، هذا أولا، وثانيا فتح باب التطوع أمام المواطنين للعمل كمراقبين متطوعين بحمل (لوغو) يؤكد شخصياتهم، وبلا مقابل، وبالذات من الأسماء المعروفة في كل مجتمع، ومن المتقاعدين الذين يهمّهم سلامة مجتمعاتهم وحمايتها من عبث عصابات المطاعم والمتاجر التي تبيع المأكولات الأخرى، والسلع بأنواعها من العمالة المخالفة وسواها، على أن يتوقف دورهم على ضبط المخالفة وتصويرها واستدعاء المراقب الرسمي لضبطها في المحاضر وإتمام الإجراءات الرسمية. هذه المواجهة تحتاج أن يكون لدينا آلاف المراقبين المتطوعين، لأن المهمة كبيرة فعلا، وتستدعي مشاركة المجتمع في أمر يخص معيشته وحياته.