أكد محامون أن توسيع صلاحية القضاة في استبدال العقوبة من شأنها أن تساعد في سرعة إصلاح وتأهيل المحكوم خاصة في القضايا غير الجسيمة أو تلك التي يكون فيها الجاني ليس من أصحاب السوابق أو من الفئات العمرية الصغيرة التي تعاني من مشكلات نتيجة ضعف التنشئة وسوء التكيف الاجتماعي وقلة الوعي. وأوضحوا في استطلاع لـ «الأيام» أن قانون استبدال العقوبة ليست امتيازا للمحكوم أو طريقا للهروب من تنفيذ العقوبة بل هو استبدل للعقاب بعقاب آخر يكفل حسب جسامة الجرم ووضع الجاني الإنساني، مؤكدين في ذات الوقت أن الاستبدال لن يطال أصحاب الجرائم الجسيمة.وأكد المحامون تأييدهم لمشروع القانون الذي بحثه مجلس الوزراء مؤخرا بشأن العقوبات والتدابير البديلة، مشيرين الى أن هذا المشروع رائد في مجال اصلاح المحكومين ومراعاة ظروفهم الاجتماعية. الى ذلك قال المحامي فريد غازي إن «مشروع العقوبات البديلة هو مشروع رائد في مجال الاصلاح للمحكومين ويراعي الظروف الاجتماعية للمحكومين ومعياره مقدار بساطة وجسامة الجريمة». وأوضح أن صاحب الجريمة الجسيمة لن يتمتع بهذه الحقوق في الاستبدال، واما بالنسبة للجرائم البسيطة يمكن ان يكون الاستبدال حلا لمشاكل كثيرة من شأنها أن تصلح المتهم وتعيد دمجه للمجتمع. وبين أن «هذا القانون موجود في الوقت الحالي ولكنه بشكل نسبي ففي قانون الاجراءات الجنائية يتيح للقاضي تنفيذ العقاب للمحكومين بمدة ٣ شهور بأن تعدل العقوبة بعمل تطوعي من خلال وزارة العمل». وأوضح المحامي غازي أن هناك تطبيقا وتنسيقا للعقوبات البديلة من عام 2002 ولكن المشرع رأى طرح الموضوع بضوابط جديدة من شأنها ان تساهم في اتساع دائرة الاستفادة من العقوبات البديلة للجرائم البسيطة والتي غالبيتها تكون من جرائم الجنح. وأشار الى أن العدالة هي سلسلة من الإجراءات الهدف منها هو الإصلاح اذ ان المحكومين لديهم عوائل والتزامات فمن شأن هذه العقوبات البديلة ان تساعدهم في طريق الإصلاح وإعادة دمجهم الى المجتمع. واكد أن العقوبات البديلة هي ليست إطلاق صراح او امتياز للمحكومين وليست طريقا للهروب عن تنفيذ الحكم بل ان العقوبات البديلة من مسماها تدل على انها عقوبة، كما ان هناك رقابة من القضاء على تنفيذ المحكوم عليه لهذه العقوبة وليست المسألة هروب من تنفيذ العقوبة. وأضاف ان العقوبات البديلة لم تطرح الا لحل مشاكل عملية تعترض تنفيذ هذه العقوبات نظرا الى الازدياد السكاني الكبير فمنافعها وآثارها الإيجابية كثيرة مثل انها تساعد في اصلاح وتأهيل المحكوم وسرعة دمجه في المجتمع وتخفيف الضرر على اسر المحكومين وتخفيف الضغط على مراكز تنفيذ العقوبات الجنائية بدل ان تكون مكتظة بعدد كبير من الجرائم البسيطة يمكن ان تقدم عقوبات بديلة تخفف من الازدحام الكبير داخل مقر تنفيذ العقوبات. من جانبها، قالت المحامية نفيسة دعبل إن غالبية الأنظمة العدلية والقضائية في الكثير من دول العالم اليوم تتجه إلى تفعيل السياسة العقابية الحديثة فتعمل على تطبيق العقوبات البديلة أو ما يعرف بعقوبة النفع العام لأسباب إنسانية واجتماعية ووطنية واقتصادية، خاصة في الجرائم والمخالفات التي تقع أول مرة، أو من الفئات العمرية الصغيرة التي تعاني من مشكلات نتيجة ضعف التنشئة وسوء التكيف الاجتماعي وقلة الوعي، من خلال فتح نافذة نحو المستقبل أمامهم للخروج من دائرة الضياع، وذلك بالتوسع في الأخذ ببدائل العقوبات البدنية، والسالبة للحرية، وإعطاء القضاء سلطات أوسع، في تطبيق العقوبات البديلة، لتحقيق النفع العام، وإصلاح الفرد والمجتمع«. ولفتت الى أن توجه الحكومة حاليا في دراسة التوسيع من قاعدة تطبيق العقوبات البديلة -للحد من ازدياد عدد الجرائم والمجرمين-، يعتبر خطوة جدا ممتازة، وستساهم في الحد من كثير من الامور التي لم تستطع عقوبة الحبس تجاوزها او الحد منها بشكل ملموس واهمها اصلاح السجين وتهذيبه، اعادة تاهيله وادماجه في المجتمع بدلا من ادراجه وانخراطه مع السجناء وما ينطوي على ذلك من اثار سلبية، والقضاء على كافة الاثار التي يلحقها السجين به وباهله بشكل عام». ورأت أن العقوبات البديلة تستلزم النظر في توسيع قاعدة الجرائم القابلة للصلح واقرار نظام الغرامات التصالحية بالنسبة للجرائم البسيطة كما أنه من الضروري اقرار نظام التخفيض التلقائي للعقوبات استنادا لسلوك السجين وامتثاله للانظمة مع وضع نظام يحد من حالات العود اضافة الى توسيع دائرة اعمال الخير والبر واحلالها مكان عقوبة السجن وما الى ذلك من أمور تعتبر أحد أهم خيارات العدالة الناجزة التي تعمل على تهذيب نفسية المجرم واصلاحه وتاهيله وادماجه في المجتمع وانخفاض معدلات الجرائم. من جهتها، قالت المحامية ابتسام الصباغ إنه من الجيد استبدال العقوبات التي يقل حكمها عن ثلاث شهور لانها وغالبا ما تكون أحكاما لقدر بسيط من التجريم، مؤكدة تأييدها لما جاء في جلسة رئيس الوزراء لتفعيل سياسة استبدال العقوبات بصورة أكبر وخاصة فيما يتعلق بالجرائم الصغيرة. وأضافت: «قد يتم رفض الاستبدال من قبل القضاة في بعض الاحيان لاسباب تعود لسوابق للجاني، وقد يتطلب الجرم العقاب للردع، فهناك سلطة تقديرية للقاضي جعلت لهذا السبب وذلك من خلال الاطلاع على تاريخ المتهم وسوابقه من تكرار للجريمة أو وجود جرائم أخرى ومن هنا قد تستوجب بعض الحالات تنفيذ الحبس بدلا من الاستبدال وذلك للردع وتأديب الجاني من العودة للارتكابها». بدورها، قالت المحامية فاطمة خلف إن «قرار مجلس الوزراء يحمل في طياته العناية والرعاية بالجانب الإنساني لذوي المحكومين، اذ انه في حالات عديدة يكون المحكوم هو المعيل الوحيد لزوجته وابنائه ووالديه، وفي تنفيذ حكم حبسه لمدة طويلة تؤدي الى حرمانه من مصدر دخله كما ويكون مدعاة للتفكك الاسري في حالة تقدم الزوجة بطلب الطلاق نتيجة ايداعه في السجن».