تحقيق:محمد إبراهيم لاشك أن الإمارات بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، التي تحاكي المستقبل في جوانبه ومجالاته كافة، قطعت أشواطاً في مسيرة التنمية المستدامة، لاسيما في مجال التعليم الذي جسدت من خلاله مرحلة تاريخية، لبناء عقول وطنية لأجيال واعدة، بما يواكب المستجدات العالمية.ولعل إعلان الدولة عن إطلاق برنامج الإمارات الوطني للفضاء، وخطة 2117 لاستيطان المريخ، وبرنامج متكامل لتصنيع الأقمار الصناعية، ووصول ابناء الدولة إلى المريخ خلال أربع سنوات عبر مسبار الأمل، تجسيد واقعي للاتجاهات التنموية الحديثة، وترجمة حقيقية لرسالة الإمارات إلى العالم، التي تحاكي في مضمونها بناء عقول وطنية شابة واعدة، ترتاد سفينة المعرفة لاكتشاف أسرار الفضاء.وأكد محللون وخبراء وتربويون ل«الخليج»، أن الإمارات وضعت أسساً ممنهجة للتحول من الاقتصاد الذي يعتمد على النفط، إلى اقتصاد المعرفة الذي يعتمد على التنوّع والابتكار وريادة الأعمال، لاسيما أن المستقبل يحتاج إلى مهارات جديدة تواكب الواقع المعرفي المتغير والمتسارع عالميا، معتبرين أن الانجازات التي تم الإعلان عنها ترجمة واقعية لرؤى واتجاهات وأهداف الإمارات في المرحلة المقبلة، استناداً إلى التعليم وتطوير مساراته وماهيته. أكد أحمد بالهول الفلاسي وزير دولة لشؤون التعليم العالي، أن التحدي الحقيقي الماثل أمامنا يكمن في تأهيل طلبة الدولة، لشغل وظائف مستقبلية غير موجودة حالياً، وهو ما نعمل على بلورته بفكر تربوي جديد ومعاصر وخطة تعليمية محكمة تسهم في تحقيق الأهداف المنشودة.وقال إن التحولات التقنية التي يشهدها العالم تحفزنا للاستفادة من التطورات الجديدة، لاسيما في مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، والتي أحدثت تغييرات كبيرة في مجال التعليم العالي على مستوى العالم، مشيراً إلى أن الوزارة تدرك أهمية تزايد دور الوسائل والأدوات التكنولوجية في القرن 21، والتي ستدفع مؤسسات التعليم العالي إلى مواكبة هذه التغيرات وطريقة تفاعلها مع الطلاب. مفاهيم مهمة وفي تصريحاته ل «الخليج»، قال مروان الصوالح وكيل وزارة التربية للشؤون الأكاديمية للتعليم العام، إن جهود الوزارة تركز على بناء أجيال لديها القدرة على محاكاة المستقبل بتفاصيله ومجالاته كافة، ومنهاج الفنون البصرية والتطبيقية، للصفوف 4- 8، يركز على مشروع «استكشاف المريخ»، الذي كرست له القيادة الرشيدة للدولة، كل الاهتمام لإنجازه، تزامنا مع اليوبيل الذهبي للدولة في عام 2021، فبات يحلق بعقول الطلبة نحو الكوكب الأحمر «المريخ».وأكد أن الوزارة رسخت لدى الطلبة مفاهيم مهمة، تسعى المدرسة الإماراتية إلى غرسها في أذهانهم متضمنة أبرز القضايا المطروحة في أجندة الدولة، كاستكشاف المريخ، من خلال إطلاق العنان لمخيلة الطلبة في تصميم مركبات فضائية في خطوة تهدف لدمج الطلبة في أهم المشاريع الريادية، التي تسعى الدولة لتحقيقها خلال الفترات المقبلة.وأضاف أنها عمدت إلى إيجاد إطار تكاملي فيما بين المناهج المختلفة، بحيث تغذي بعضها بعضا وترسخ مضامينها بوسائل مختلفة، من خلال إيجاد مساحات إثرائية في مناهج تكثف وترسخ في أذهان الطلبة محتويات ومضامين مناهج رئيسية أخرى. سلسلة إنجازات من جانبها ترى فوزية حسن غريب وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات المدرسية، أن ما تم الإعلان عنه يعد حلقة في سلسلة طويلة من الإنجازات المستقبلية، المخطط لها بمنهجية، من قبل القيادة الرشيدة للدولة، فضلا عن أنها نتاج رؤى ثاقبة وفكر مستنير، يحاكي المستقبل بلغاته كافة، واستكشاف المريخ يشكل ركيزة أساسية في محتوى المنهاج لعدد من الصفوف، ويعمد إلى إطلاق خيال الطلبة بهذا الاتجاه، وتصميم مركبات فضاء، بغية ترسيخ تلك المفاهيم في اذهانهم.وقالت إن التعليم ركيزة اساسية تعول عليها الدولة، في بناء جيل المبتكرين لمحاكاة الاقتصادات التي تعتمد على إنتاج المعرفة، لذلك تركز الوزارة على تبني مسارات جديدة متنوعة، قوامها الابتكار والإبداع، لاسيما أن المدرسة الإماراتية باتت واقعاً يحاكي النظم العالمية، فضلا عن إعداد أبناء الدولة للمستقبل الجديد، فالمدارس تحولت لمصانع لإنتاج عقول مبدعة، وبيئة محفزة لإعداد طلبة قادرين على البحث والتحليل والابتكار. أبحاث الفضاء وأخذتنا توقعات الخبير الدكتور عزالدين حطاب رئيس كلية الدار الجامعية، إلى أن المخرجات المستقبلية وفق خطة تطوير التعليم الشاملة، تحاكي قطاعات بعينها، تضم «الطاقة المستدامة، وأبحاث الفضاء، وتخصصات التربية الوطنية والمهارات الحياتية والعلوم الصحية»، التي تلبي احتياجات السوق في الفترة المقبلة، من ناحية النوع الذي نبتغيه في مخرجات تتصف بالمهارة ومواكبة آخر المستجدات العالمية. وأكد أن الإمارات نجحت في الاستثمار في عقول أبنائها الواعدة، وما نشهده اليوم من انجازات بلورة واقعية لرؤية القيادة الرشيدة للدولة، التي ركزت على رسم الطريق ل«عصر ما بعد النفط»، مرتكزة على تطوير التعليم ومساراته، للوصول إلى اقتصاد فاعل مستدام، قوامه التنوع والإبداع والابتكار، وسلاحه «المعرفة»، فضلا عن بناء أجيال المستقبل المتسلحة بالعلم والمعرفة.اتجاهات حديثة ويرى الخبير الدكتور عبدالله مصطفى، أن اتجاهات التعليم الحديثة التي اتخذتها الإمارات في المرحلة الماضية، تبلور رؤى وتوجيهات القيادة الرشيدة للدولة، التي نشهدها اليوم في الإعلان عن حزمة إنجازات تضم برنامجا وطنيا للفضاء، وخطة 2117 لاستيطان المريخ، وبرنامجا لتصنيع الأقمار الصناعية، والوصول بأبناء الدولة إلى المريخ خلال 4 سنوات عبر مسبار الأمل، متوقعاً أن يشهد المستقبل القريب عقولا وطنية جديدة من العباقرة والمبدعين في المجالات كافة، لاسيما أن الإمارات فتحت لهم آفاق الإبداع والابتكار، وعولت عليهم في تحقيق التنمية المستدامة في المجالات كافة.وأكد أن الإمارات وضعت سياسات وبرامج ترمي لزيادة تأثير تكنولوجيا المعلومات في إصلاح التعليم والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، مع الاستمرار في تطوير التعليم وربطه بالمتغيرات السريعة والمتلاحقة في تكنولوجيا المعلومات الحديثة، فضلا عن أن البنية التحتية للمعلومات والاتصالات، ركيزة أساسية لاقتصاد المعرفة، والأساس في وصول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لجميع السكان، وتكريس استخدامها بما يؤدي إلى زيادة تدفق المعلومات والمعارف. مستقبل المجتمعات ويرى الدكتور براين غرين، مؤسس ورئيس المهرجان العالمي للعلوم، أن العلوم المتقدمة ترسم مستقبل المجتمعات، إذ إنها تركز على تعزيز غريزة شغف الإنسان، بالاكتشاف والرغبة في فهم العالم، لاسيما ان هذا الشغف يولد الإنسان منذ الصغر، منذ أن يبدأ في تفكيك ألعابه لاستكشافها، وتعليم الإمارات يخطو نحو استمرار شغف الاستكشاف من خلال العلم والمعرفة.وأضاف أن الإنجازات العلمية الكبيرة التي تم التوصل إليها مؤخرًا، نتاج سنوات طويلة من البحوث العلمية التي لم يكن لها هدف محدد سوى استكشاف العالم وفهمه على نحو أفضل. فكل ما نمتلكه الآن من أجهزة متطورة ومعقدة، استفاد أصحابها ممن بحثوا في الماضي في مجالات علمية مثل الجاذبية، وعلوم الفضاء، وحركة الكواكب، وأن هذه الحقيقة تبعث لنا برسالة هامة، وهي ضرورة الاستثمار في العلوم الأساسية، حيث يقودنا ذلك بالتأكيد إلى مزيد من الاكتشافات، ومزيد من التقدم والنمو.وأكد أهمية التعليم، وتغيير مفهوم تدريس العلوم، بما يضمن نشر ثقافة الشغف بالابتكار بين الأفراد، والحديث عن مشاركاته في العديد من الفعاليات التي تحقق هذا الغرض، مثل «المهرجان العالمي للعلوم» وغيره من الفعاليات المشابهة حول العالم، وعن ضرورة احتفال الحكومات واحتفائها بالعلوم كما تحتفل بالفنون والآداب، يرى أن دعم الحكومات للعلوم يجب أن يصاحبه تعاون بين الحكومات في مجال البحث العلمي، لأن هذا التعاون يضمن تحقيق المزيد من الإنجازات وإتاحة المزيد من الفرص أمام البشر. رؤى مستقبلية من جانبها أكدت التربوية سمر أبو مرسة، أن ما أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، برفقة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حول رؤى مستقبلية وخطط طموحة تحاكي اكتشاف الفضاء وأسراره في المستقبل، بسواعد وطنية وعقول واعدة، يبلور حقبة زمنية جديدة من إنجازات الدولة، موضحة أن هذا الحراك يتسق مباشرة بما يشهد التعليم من مسارات للتطوير وتنمية مستدامة.وقالت ان المعرفة تعد محرِّكاً رئيسياً للنمو المستدام، ودعامة أساسية لتقدم الأمم وازدهارها، وبناء المجتمعات المتسلحة بقوة العلم، ومصدر للثروات التي لا تنفد، وبفضل الرؤى الثاقبة للقيادة الرشيدة للدولة، استطاعت المؤسسات والجهات المعنية من تطبيق حراك فاعل نحو إقامة اقتصاد فاعل، وبناء أجيال المستقبل، التي تتخذ من الإبداع والابتكار منهجا لها، ومن المعرفة سلاحاً، كونها عنصر الإنتاج الأساس الذي ينتشر بالمشاركة ويزداد بالممارسة والاستخدام، ويواجه الأزمات ونفاد الموارد. صناعة المستقبل من جانبها ترى التربوية نور رفيق أن تكنولوجيا الفضاء، تعد ركيزة أساسية لصناعة المستقبل المقبل، لاسيما انها لم تعد مقتصرة على دول بعينها كما كان الحال من قبل، بل دخلت العديد من الدول التي حرصت على تسجيل حضورها في هذا المجال الحيوي الذي يحاكي المستقبل بتفاصيله كافة، ويشكل اهمية كبيرة في نهضة وتنمية المجتمعات التي تركز على مواكبة تطويرات المستقبل.واعتبرت أن إعلان الإمارات عن حزمة المبادرات والبرامج التي تحاكي الفضاء في عقر داره، خطوة أكثر من مهمة في تلك المرحلة، لاسيما أنها تستند من خلالها على سواعد وطنية من شباب الوطن الواعد لاكتشاف تفاصيل الكوكب الأحمر وأسراره، كإحدى القنوات التي تحقق التنوع والأمان لمرحلة ما بعد النفط في الدولة، بما يواكب التطورات المشهودة دولياً ومحلياً.وأكدت أن الإمارات من خلال الاتجاهات الحديثة في التعليم، تركز على تأهيل المورد البشري، كركيزة أساسية في بناء المجتمع والاقتصاد المعرفي، إذ يعول عليه بشكل كلي في تحقيق التنمية المستدامة في القطاعات كافة، الأمر الذي فرض علينا إحداث طفرة نوعية حقيقية في النظام التعليمي، ونقلة نوعية لبناء رأس المال البشري في تلك المنظومة، بدءًا من مرحلة رياض الأطفال، التي يتمّ من خلالها تأسيس مهارات التفكير الناقد وأساليب البحث العلمي، التي تؤسس في النشء حبّ الإبداع والابتكار، لنضمن من خلاله تخريج أجيال جديدة من الكوادر الوطنيّة المؤهّلة. مسار مهني ومن مظاهر تطوير التعليم في الإمارات، استحداث وزارة التربية مساراً للتعليم المهني ضمن التعليم المستمر، الذي يبدأ من الصف السادس. وبعد اجتياز الطالب للاختبار التشخيصي، يدرس عددا من المقررات وفق المرحلة الدراسية، وهي أولاً المبادئ الأساسية في الصيانة والإلكترونية، وتقنيات اللحام، والتصميم الجرافيكي، والهندسة المدنية، وثانياً، اللغة الإنجليزية، والعربية، والتربية الإسلامية، والرياضيات، ومهارات الحاسب الآلي، وثالثاً، عمليات إنتاج النفط والغاز، ومهارات الحاسب الآلي، وإدارة الأعمال، والموارد البشرية، والسفر والسياحة. ويمكّن هذا المسار الطالب من الحصول على المزيد من التعلّم المهني وفقاً لمعايير هيئة المؤهلات الوطنية من المستوى الأول إلى الرابع، ليتمكّن بعدها من الالتحاق بالوظائف المهنية.التنافسية العالمية ركزت الإمارات من خلال رؤيتها 2021، على برنامج عملي يستند إلى إجراءات، يتم تنفيذها في مجالات مختلفة في آن واحد، وتناسق وتكامل بينها، منها التعليم والبحث العلمي والثقافة والاتصال والاقتصاد والتكنولوجيا والإعلام وغيرها من المجالات. وحققت المعرفة تحولات عميقة تمس مناحي الحياة كافة، وباتت أحد المكتسبات المهمة للاقتصاد والمجتمع، وأضحت المحرك الأساسي للمنافسة عالمياً، فامتلاك وحيازة وسائل المعرفة، واستثمارها بكفاءة وفعالية من خلال دمج المهارات وأدوات المعرفة الفنية والابتكارية والتقانة المتطورة، يشكل قاعدة للانطلاق نحو التحول إلى الاقتصاد المبني على المعرفة. سمات الطلبة المواطنين رصد وزارة التربية السمات المتوقعة لخريجي المدرسة الإماراتية في نهاية الصف الثاني عشر، وجاءت تتمثل في «الاعتزاز بالهوية الوطنية، ثنائيي اللغة، ملمين بأحدث التقنيات وقادرين على توظيفها توظيفا مهنيا وتوظيفها بشكل فاعل، يتمتعون بقيم واضحة من المسؤولية والنزاهة والشفافية والعمل الجاد، وقادرين على ريادة الأعمال، ومبتكرين، اضافة إلى مفكرين ناقدين وقادرين على حل المشكلات. مدارس عالمية المواصفات لعل أبرز مشاهد التطوير التي جسدتها الإمارات، للولوج إلى مجتمع المعرفة، تتمثل في خطة التطوير والإحلال التي ستشهدها مدارس الدولة خلال السنوات المقبلة، إذ تشتمل على إضافة 78 مدرسة جديدة، وإحلال 286 مدرسة من أصل 417 مدرسة قائمة حالياً، ليصبح المجموع النهائي من المدارس على مستوى الدولة 209 مدارس. وتدخل الخدمة أول مجموعة من المدارس الجديدة بحلول عام 2019-2020. تغييرات هيكلية جاءت التغييرات الهيكلية التي شهدها قطاع التعليم، تواكب تجارب الدول الكبرى على مستوى العالم، مثل «ألمانيا، والسويد، والنرويج، وهولندا، وإيطاليا، والنمسا، والولايات المتحدة الأمريكية»، حيث تهدف تلك الأنظمة إلى تقليل مركزية الإدارة وإعطاء مزيد من الاستقلالية، وحققت نجاحاً مشهوداً في مخرجاتها ومجتمعاتها المعرفية.