الراشدين (سوريا) - الوكالات: وسط حالة من الحزن والخوف من المجهول، تم صباح أمس الجمعة إجلاء آلاف المدنيين والمقاتلين من أربع مناطق سورية محاصرة بموجب اتفاق بين الحكومة والفصائل المقاتلة برعاية إيران وقطر. وبعد ساعات على خروج مئات المدنيين ومقاتلي الفصائل المعارضة من مضايا قرب دمشق، دخل الجيش السوري إلى البلدة التي شكلت خلال السنوات الماضية رمزا لسياسة الحصار المتبعة في سوريا. وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي على إجلاء الآلاف على مراحل من بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من الفصائل المقاتلة في ادلب (شمال غرب)، ومن الزبداني ومضايا المحاصرتين من قوات النظام في ريف دمشق. وبعد وصوله إلى جانب الآلاف إلى منطقة الراشدين الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة غرب حلب، قال ابوحسين (في الخمسينات من العمر) من بلدة الفوعة «فور صعودي إلى الحافلة، انهرت تماما من الحزن وسقطت أرضا واضطروا إلى اسعافي، لم استطع الاحتمال». وأضاف وقد تورمت عيناه من شدة البكاء «حال الناس في مضايا والزبداني مثلي تماما، أي أحد يضطر إلى ترك بيته لديه شعور الحزن ذاته». وبرغم أمله في العودة، قال أبو حسين «لا احد يعرف ماذا تخبئ له الأيام». ووصلت صباح الجمعة 75 حافلة و20 سيارة اسعاف تقل سكان من الفوعة وكفريا إلى منطقة الراشدين، وتنتظر حاليا إكمال طريقها إلى مدينة حلب. وخرج بالتزامن عشرات الحافلات من مدينة مضايا وهي في طريقها إلى محافظة حماة (وسط) ومنها إلى معقل الفصائل المعارضة في ادلب. وأكد المرصد السوري لحقوق الانسان خروج «3700 مدني و1300 مقاتل موال للنظام» من الفوعة وكفريا حتى الآن، مقابل 2200 بينهم «ما لا يقل عن 400 مقاتل» معارض من مضايا. وأشار مدير المرصد رامي عبدالرحمن إلى ان مقاتلي الفصائل في الزبداني «ولا يتجاوز عددهم 150 مقاتلا» ينتظرون اجلاءهم في وقت لاحق. ومن المتوقع بموجب الاتفاق إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم بـ16 ألف شخص. والمناطق الاربع محور اتفاق سابق تم التوصل إليه بين الحكومة السورية والفصائل برعاية الأمم المتحدة في سبتمبر 2015. ينص على وجوب ان تحصل كل عمليات الإجلاء بشكل متزامن. وفي الأشهر الأخيرة، تمت عمليات إجلاء في مدن عدة كانت تحت سيطرة الفصائل ومحاصرة من قوات النظام، ولا سيما في محيط دمشق. على صعيد آخر انتقدت روسيا الجمعة المنظمة الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية لأنها لم ترسل خبراء إلى موقع الهجوم الكيميائي المفترض في خان شيخون في شمال سوريا ولجأت خلافا لذلك إلى تحليل عينات «عن بعد». وكرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، من جهة ثانية، إدانة الكرملين للضربة الصاروخية الأمريكية لقاعدة جوية في وسط سوريا. وقال لافروف خلال مؤتمر صحفي مع نظيريه السوري وليد المعلم والإيراني محمد جواد ظريف «نعتبر من غير المقبول تحليل أحداث عن بعد». وأشار إلى أن معارضي الأسد قدموا ضمانات لمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية لزيارة الموقع الذي وقع فيه الهجوم وإدى إلى مقتل 87 شخصا، إلا أن المنظمة رفضت إرسال ممثليها. وأكد لافروف أن روسيا وإيران وسوريا طالبت بإجراء «تحقيق دقيق وموضوعي ومحايد» تحت رعاية منظمة حظر الاسلحة الكيميائية، مؤكدا أن على المنظمة أن تستخدم «خبراء مستقلين» في تحقيقها من بينهم خبراء من روسيا. وكرر لافروف إدانة استهداف مطار الشعيرات الاسبوع الماضي، وقال أن واشنطن تبحث عن «أعذار لتغيير النظام» في سوريا، مؤكدا أن «هذه المحاولات لن تنجح وهذا لن يحدث». بالمقابل وصف وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الجمعة بالـ«كاذبة مائة بالمئة» تصريحات الرئيس السوري بشار الأسد التي قال فيها إن الهجوم الكيميائي على خان شيخون عبارة عن فبركة لتبرير الضربة الأمريكية. وقال ايرولت في بكين ردا على التصريحات التي أدلى بها الرئيس السوري في مقابلة حصرية مع وكالة فرانس برس الخميس «اطلعت على هذه المقابلة بحزن عميق واستياء كبير (...) ما سمعته كذب مائة بالمئة ودعاية اعلامية ووحشية ونفاق». وأضاف أن «الحقيقة هي أكثر من 300 ألف قتيل و11 مليون نازح ولاجئ وبلد مدمر. هذه هي الحقيقة. هذا ليس خيالا». اتهم الاسد في المقابلة الغرب بـ«فبركة» الهجوم الكيميائي المفترض على خان شيخون لتبرير الهجوم على قاعدة الشعيرات.