لو لم يصاحب سقوط الطفلة لمى الروقي تأخر في انتشال جثمانها، أدى إلى متابعة إعلامية امتدت عدة أسابيع، لما لفت نبأ سقوطها في الجب انتباه الكثير من الناس، ولكان ذلك النبأ عاديا، يمر مرور الكرام كغيره من عشرات الأنباء التي نشرت عن ضحايا الخزانات والآبار والمسابح من الأطفال، بل إن أكثر من طفل أو طفلة في أنحاء متعددة من المملكة قد سقطوا بعد حصول مأساة الطفلة لمى ولقوا المصير نفسه، ولكن جثمانيهما انتشلا من الموقع الذي سقطا فيه لسهولة الوصول إليها لأنها قد تكون خزانات عمائر تحت الإنشاء أو غرف صرف صحي مفتوحة الأفواه، وكانت تلك الأنباء قد نشرت في زوايا صحفية مغمورة في صفحات الحوادث الموجودة في الصحف وربما لم يقرأها معظم الذين قرؤوا الجرائد في ذلك اليوم إما لأن النبأ عادي وغير جديد بالنسبة لهم وإما لأن نشره في زاوية مغمورة جعل عيونهم تقتحمه وتنطلق إلى مواقع أخرى من صفحات الجريدة، ولذلك لا نلمس أي تفاعل يذكر مع ما ينشر عن ضحايا الخزانات والآبار وغرف الصرف الصحي المكشوفة ولا أية معلومات عما اتخذ من إجراء أمني وشرعي ونظامي ضد الذين تسببوا في إزهاق تلك الأرواح البريئة، فلا يواجه الألم والأحزان العظيمة والمصاب الجلل إلا ذوو الضحايا من والدين وأقارب، حيث يظلون يتجرعون قصة أحزانهم وآلامهم ما بقوا على قيد الحياه لاسيما أقارب الدرجة الأولى للضحية، أما المجتمع بجميع أطيافه فهو لا يتذكر هذا النوع من المآسي المروعة التي لم تجد حتى تاريخه ردعا للمتسببين فيها، إلا إذا وقع حادث لضحية جديدة، ولذلك فإنه ما لم يصدر تنظيم صارم يتضمن عقوبات قاسية ضد من يتركون أفواه خزاناتهم وآبارهم وحفر صرفهم فاغرة تلتهم ضحاياها من الأطفال والمارة عموما فإن المأساة سوف تستمر وأعداد الضحايا سوف تزداد والآلام والأحزان سوف تكبر!. إن على جهات الاختصاص تكوين لجنة من عدد من الوزارات المعنية لتقوم بإصدار لائحة بالغرامات والعقوبات الإدارية والجنائية الرادعة التي تطبق بحق أولئك المستهترين بأرواح الأبرياء، بما في ذلك السجن، ودفع الدية مضاعفة ووقف العمل في المنشأة التي حصل فيها حادث الغرق وسحب تصريح إنشائها إن لزم الأمر، فلعل مثل هذه العقوبات إن صدرت وبلا هوادة وبلا استثناء حتى تجعل الجميع يعلمون ما سيلحق بالمستهتـر بالأرواح البريئة.. أما هذا التعامل البارد اللامبالي مع هذه القضية المأساة، فإن ذلك يعني مزيدا من الضحايا ومزيدا من الأحزان !!.