نجح فريقٌ من الباحثين بجامعةٍ إسرائيلية في اختبار تقنيةٍ جديدةٍ تعتمد على البكتيريا الفلورية والليزر؛ من أجل تصميم منظومةٍ أكثر أماناً للكشف عن الألغام الأرضية المدفونة التي تعد من أكثر الأسلحة فتكاً بالبشر. وينتشر أكثر من 100 مليون لغمٍ أرضيٍ في نحو 70 دولة، كتذكارٍ من صراعات الماضي الطويلة الأمد، وتتسبب هذه الألغام في إصابة أكثر من 20 ألف شخصٍ سنوياً، وفقاً لما جاء في تقريرٍ لصحيفة الغارديان البريطانية. وتعتبر إزالة الألغام عمليةً خطيرةً ومُكلِّفةً وتحتاج إلى عمالةٍ كبيرةٍ. وقام فريق الجامعة العبرية في القدس بتجربة عملية إزالة الألغام مُستخدمين بكتيريا مُعدَّلة وراثياً لتطلق إشاراتٍ فلورية عند اقترابها من الألغام -التي تُصنع عادةً من البلاستيك- ومن ثم، يصبح من السهل الكشف عنها باستخدام الليزر. وصرَّح الباحثون في تقريرٍ نشرته مجلة نيتشر للتكنولوجيا الحيوية، بأن أسلوبهم يعتمد على الكميات الضئيلة من البخار الذي تطلقه المتفجرات التي تحتوي عليها الألغام. فبعد اكتشاف تفاعل بعض النباتات مع هذه الأبخرة، استخدم الباحثون بكتيريا معدَّلة تُضيء عند تعرضها لبخار المتفجرات. توضع البكتيريا داخل خَرَزٍ من البوليمر وتُنشر داخل حقل الألغام المشتبه فيه، ويُكشَف بعدها عن الضوء الفلوري الناتج عن التفاعل باستخدام نظام الليزر الذي يقترح الباحثون تثبيته فوق سيارةٍ أو طائرةٍ من دون طيار. اختُبِرَت التقنية الجديدة بنجاحٍ داخل حقلٍ حقيقيٍ للألغام الأرضية؛ إذ تمكَّن من فحص الأراضي المحيطة بسرعة 18 سم في الثانية، وهي السرعة التي يأمل الباحثون زيادتها مستقبلاً. ليسوا هم مَن اخترعه وليس فريق بيلكنز أول من قام بتطوير بكتيريا تُضيء في وجود بخار المتفجرات؛ إذ سبقهم إلى ذلك فريقٌ بجامعة إدنبره عام 2009، لكن من الواضح أنهم أول من نجح في تطوير نظامٍ فعالٍ للكشف عن الألغام باستخدام هذه التقنية. يقول البروفيسور شيمشون بيلكنز، رئيس فريق البحث المسؤول عن التجربة: “تُظهر بياناتنا الميدانية أن أجهزة الاستشعار الحيوي يُمكن الاستفادة منها في تصميم نظامٍ للكشف عن الألغام الأرضية. لكن التقنية الجديدة تحتاج إلى مزيدٍ من التطوير. وعلينا تخطي العديد من التحديات ليصبح هذا ممكناً، مثل تقوية أنظمة الحساسية والاستقرار داخل أجهزة الاستشعار البكتيرية، وزيادة سرعة عمليات الفحص لتغطية المساحات الكبيرة، وتطوير الشكل الخارجي لجهاز الفحص حتى يصبح من السهل تثبيته فوق طائرةٍ من دون طيار أو سيارةٍ تعمل بالتحكم عن بُعد”. وقالت الجامعة في بيانٍ صحفي: “يبدو أن هذا هو أول ظهورٍ واضحٍ لنظامٍ فعَّالٍ في الكشف عن الألغام الأرضية”. وكان بيلكنز وفريقه قد أعلنوا توصلهم إلى اكتشافٍ ثانويٍ في أثناء أبحاثهم منذ 3 سنوات: استخدام البكتيريا المُعدَّلة للكشف عن المواد الملَوِّثةٍ في الماء، وهو ما يشير إلى وجود المزيد من التطبيقات الفعَّالة لهذه التقنية.