×
محافظة المدينة المنورة

إدارة الموهوبات بالمدينة تشارك في لقاء “موهوباتنا وصناعة المستقبل”

صورة الخبر

القاهرة: رحاب عبد العظيم عمرها صغير للغاية، لتحصل على لقب «باحثة»، لكن عقلها كبير إلى درجة الطموح لجائزة نوبل. ربما كان هذا الطموح هو ما دفع الشابة المصرية رناء إيهاب حسن، الطالبة بالصف الثاني الثانوي العلمي بمدرسة الأورمان التجريبية بالجيزة، إلى تتبع شغفها بعلوم الفضاء والطاقة في عمر صغير للغاية، واستطاعت أن تقدم 3 أبحاث فلكية كشفت خلالها مدى الاستفادة من أشعة «قذائف الكتل الإكليلية الضارة» وكيفية تحويلها إلى طاقة تفيد العالم، وعقب ثماني سنوات بالتمام والكمال من البحث والقراءة والتقصي، حصلت على منحة دراسية من وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، تنتظرها عقب إتمامها الثانوية العامة بالقاهرة، لتطير بعدها عام 2019 إلى جامعة «إلينوي» بشيكاغو، حيث تبدأ مسيرتها العلمية والفكرية هناك.ذات ال 18 عاماً تتحدث بصوت رقيق للغاية، عن أفكار ومشاريع وطموحات مذهلة، تضمن للبشرية طاقة متجددة أبدية، إذا ما كتب لأبحاثها التطبيق، وقد قام بتكريمها مؤخراً الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي في مصر، بمناسبة حصولها على شهادة التميز والمنحة، وقام بإهدائها ميدالية الوزارة، وفيما يلي نص الحوار. في البداية، متى بدأ شغفك بالفضاء؟منذ كان عمري عشر سنوات، كنت أدرس حينها بالصف الرابع الابتدائي، في هذه المرحلة نبدأ كطلبة مصريين دراسة مادة العلوم لأول مرة. وما الذي جذبك في هذه المادة؟سلبت عقلي بالكامل، منذ الدرس الأول فيها، الذي يحمل اسم «النظام الشمسي»، أحببته للغاية، ومنذ تلك اللحظة بدأت أسئلتي لأمي؛ حيث إنني لا أحصل على أي دروس خصوصية، وأمي هي من تذاكر لي كل المواد، كانت تجيبني باستمرار، لكن أسئلتي لم تلبث أن زادت، وهنا بدأت تنصحني بالدخول إلى شبكة الإنترنت من أجل القراءة والاستزادة من المعلومات. هل كنت تفضلين أن تبدئي دراسة تلك المادة قبل الصف الرابع؟لا أعتقد أن تدريس العلوم قبل تلك المرحلة مفيد، في الصف الرابع كان إدراكي كافياً لأفهم المادة وأقع في حبها. كيف بدأت الأبحاث، وما الموضوع الذي جذب اهتمامك أكثر؟بطبيعتي أحب الأمور الغامضة، تستفزني، فأقضي ساعات طويلة من أجل الاستكشاف والبحث، بدأ الأمر معي كلعبة، لكن مع مزيد من القراءة والاطلاع اكتشفت أن شغفي الأول والأساسي هو الفضاء الخارجي بكل تفاصيله، قراءاتي حول الأمر استمرت منذ سن العاشرة وحتى بلغت الرابعة عشرة، هنا فوجئت أنا وأمي أنه قد أصبح لدي مئات الأوراق التي تحمل معلومات وأفكاراً مثيرة، حيث اعتدت على كتابة أي شيء يخطر بعقلي، لذا خطر لي أن أبدأ في إعداد بحث علمي حول موضوع «الكتل الإكليلية» الذي استهواني منذ قرأت عنه للمرة الأولى. وماهي الكتل الإكليلية؟هي تلك القذائف التي تعد عواصف شمسية تقذفها الشمس في الفضاء، وكان العلماء في القرن الثامن عشر يعتقدون أن ثمة قوى خفية تزودها بالوقود، نظراً لاستدامة طاقتها وتواصل اتقادها، إلا أن العلماء في القرن التاسع عشر توصلوا إلى أنها مشحونة بكميات كبيرة من الكهرباء التي تحافظ على طاقتها بالشكل الذي يراه العلماء، ومن هنا جاءت فكرتي في الاستفادة من كهرباء تلك العواصف على الأرض بشكل يحقق الاستدامة، ويقضي على مشكلة الطاقة في العالم كله، حيث يصبح المصدر خارجياً تماماً، وهذا ما قمت بتناوله في أبحاثي التالية، أما عن كيفية هذا فلا أستطيع البوح حتى أحصل على براءة الاختراع، التي تقدمت بها إلى أكاديمية البحث العلمي في القاهرة. كيف جاء تعاملك مع وكالة ناسا؟كنت أزور موقعهم باستمرار، لسنوات طويلة، حتى قرأت عن مسابقة ينظمونها لتلقي الأفكار الجديدة، لم أفهم في البداية كيفية التقديم؛ لذا بدأت في مراسلتهم حول كيفية الاشتراك، وبالفعل استجابوا وبدأت التواصل حول فكرتي، أرسلت بحثي الأول فتلقيت الرد عقب ستة أشهر بأن البحث غير متكامل؛ لذا أعددت بحثي الثاني فتلقيت الرد عقب أربعة أشهر بأن ثمة معلومات وتفاصيل ناقصة؛ لذا أعددت بحثي الأخير الذي تلقيت عنه الرد عقب أربعة أشهر أيضاً، وكان عبارة عن شهادة منهم بأن الفكرة ممتازة ومنحة للدراسة.متى تبدأ منحتك التعليمية؟تبدأ منحتي التعليمية بجامعة إلينوي في شيكاغو عقب إنهائي الثانوية العامة عام 2019، وكنت أتمنى أن ألتحق عقب تخرجي بكلية الهندسة، تحديداً قسم الطيران وعلوم الفضاء، إلا أنني كثيراً ما شعرت بضيق من أن علوم الفضاء ليس لها قسم خاص بها في كليات الهندسة، لكن المنحة أشبعت طموحي التعليمي، وجعلتني أتحفز للعمل أكثر؛ من أجل السعي في المستقبل للحصول على جائزة نوبل. هل كان من السهل على طفلة بمثل عمرك أن تشرع في إعداد بحث علمي؟بالطبع لا، خاصة في غياب شخص يوجهني علمياً، خاصة أستاذي في المدرسة، حيث وجهت له أسئلة عن بعض القياسات والمعلومات فاستخف بي كثيراً، وسألني باستغراب عن سر أسئلتي، وحين أجبته أنني أعد بحثاً ضحك وقال لي إن الأمر كبير على طفلة مثلي، وإن مثل تلك الأسئلة لا يجب أن يوجهها إلا طلبة كلية الهندسة؛ لذا شكرته ولجأت إلى شبكة الإنترنت، حيث عثرت على عشرات المقالات حول كيفية إعداد بحث علمي بشكل محترف، فضلاً عن كثير من المعلومات التي كانت تنقصني. ما أبرز الصعوبات التي واجهتك؟بالتأكيد غياب التوجيه العلمي، فضلاً عن صعوبة ترتيب الأفكار في رأسي، والسخرية المتواصلة من زملائي من أفكاري، الكثيرون عبروا عن استغرابهم من جرأتي على المشاركة في مسابقة تنظمها وكالة بحجم ناسا، والكثيرون أكدوا لي أن أحداً لن يلتفت لي أبداً.والمشكلة الأكبر كانت فيما يتعلق بالمراجع العلمية، حيث إن المحتوى العلمي العربي على شبكة الإنترنت ضعيف للغاية، وحتى تلك المتاحة باللغة الإنجليزية لم تكن وافية، وكان يتطلب مني الأمر أحياناً شراء كتب وصل ثمن بعضها إلى عشرة آلاف جنيه؛ لذا لجأت إلى مكتبة الإسكندرية لأن الأمر أكبر من طاقتي المادية، وكنت أستقل قطار السادسة صباحاً إلى الإسكندرية بصحبة والدتي؛ لأعود في قطار السابعة مساء، صعوبة أخرى واجهتها تتعلق بقلة المهتمين بمجال الفضاء في محيطي. هل هناك أي جهة تبنت تدعيم أبحاثك مادياً؟ليست هناك أي جهة دعمتني مادياً، ونفقات البحث تحملها والدي، خاصة تكاليف سفري المتواصل من القاهرة إلى مكتبة الإسكندرية، من أجل إنهاء البحث الذي حاز شهادة ناسا، وفي بحثي الثالث الذي كان محكوماً بتوقيت ضيق، تطلب مني السفر قرابة الخمس مرات متتالية في الأسبوع الواحد.ما موقف والديك من أبحاثك؟في البداية لم يكن أي من أبي أو أمي يعلم أنني أقوم بمراسلة وكالة ناسا، وفي أحد الأيام دخلت عليهما وأخبرتهما أنني أريد إعداد بحث علمي، لم تقتنع أمي في بادئ الأمر أنني بصدد الإعداد لأمر مهم، لكنها مع الوقت اقتنعت، أما أبي فحين علم بما أنويه بدا متعجباً، ثم ابتسم وقال لي أخبريني بما ستحتاجين إليه وسوف أنفذه لكِ، ولولا دعم أبي ومساعدة أمي المستمرة في البحث معي وإرشادي لمشاهدة برامج بعينها على ناشيونال جيوغرافيك وغيرها من القنوات العلمية على التلفاز والإنترنت، لما تمكنت من إتمام الأبحاث. من مثلك الأعلى في مجال علم الفلك؟مثلي الأعلى هو ستيفن هوكينج؛ لأنه عالم فيزياء كونية وفلكية، استطاع في عمر صغير أن يصبح قامة كبرى، ألهمني برنامجه على قناة ناشيونال جيوغرافيك الذي يتحدث عن العباقرة، حيث كان يسعى عبر كل حلقة إلى التأكيد أن كل إنسان عبقري بطريقته. في النهاية ..بماذا تحلمين وما الذى تخططي له مستقبلاً ؟توقفت رناء إيهاب قليلا قبل أن ترسم أحلامها للمستقبل بخلاف «نوبل»، ثم قالت: أحلم بالحصول على لقب أول رائدة فضاء عربية، وأن أكون أصغر طالبة وعالمة من العالم العربي تحصل على جائزة نوبل، وأرغب في تنفيذ مشروعي لتوليد الكهرباء من الشمس وعواصفها، وإنجاز مزيد من الابتكارات التي يمكن للبشر الاستفادة منها.