الشارقة: فدوى إبراهيم القيادة بتهور وارتكاب المخالفات المرورية، باتا بصمة تثبتهما الإحصاءات المرورية، على فئة الشباب الذين تقل أعمارهم عن 28 عاماً. لتلك السلوكيات أسباب وكذلك عقوبات، إلا أن هناك من الشباب أيضاً من يرفضها، وغيرهم يندم على فعلها، لكن ما الذي يمكن أن يردع الشباب عن تلك السلوكيات المرورية؟، هذا ما نجيب عنه في السطور التالية: الملازم أول سعود الشيبة، مدير فرع التوعية والإعلام المروري بالإنابة، في إدارة المرور والدوريات، في القيادة العامة لشرطة الشارقة، أعاد، مؤخراً، دق جرس الإنذار بذكره أن التقارير أثبتت أن الفئة العمرية من 18 إلى 28 عاماً، هي الأكثر ارتكاباً للمخالفات، وتعرضاً للحوادث.وهذا يعني ببساطة أن الشباب بمخالفاته وحوادثه، يلقي بنفسه إلى تهلكة تهدد مستقبل الوطن كله، وليس الأسر فقط، ما يستدعي البحث في الأسباب، وسبل تفادي ذلك.يحدثنا العقيد دكتور أحمد الناعور مدير إدارة المرور والدوريات بشرطة الشارقة، عن أبرز دوافع ارتكاب الشباب للمخالفات المرورية، قائلاً: «يعتبر جيل الشباب معروفاً بحسب طبيعته النفسية بالرغبة في التقليد والتجربة، وحالما يحصل على رخصة، تبدأ رغباته في طريقة القيادة تتكشف، وهو الذي نرصده من خلال نسبة المخالفات المرورية، التي يرتكبونها، ما يدفعنا إلى تكثيف الحملات التوعوية والضبط المروري لأجل الصد والحد من تلك المخالفات، لما لها من تبعات سلبية على أرواحهم وأرواح قائدي السيارات الآخرين والمشاة، ولعل أبرز دوافع ارتكاب مخالفات المرور التي يرتكبها الشباب تتعلق بالرفاهية المادية؛ حيث يمتلك الشاب سيارة مؤمنة من شركة تأمين، مع توفر شوارع بأعلى المستويات، ما يحفزه على التهور والسرعة، كما أنهم غير مسؤولين مادياً عن تلك الممتلكات والنتائج؛ لذلك نجد الشباب في سن الثلاثين وما بعدها، تقل حوادثهم المرورية بسبب نضجهم ووعيهم ومسؤوليتهم». أنواع المخالفات وحول أبرز أنواع المخالفات المرورية التي يتم رصدها يقول الناعور: «تأتي في المقدمة مخالفات عدم الانتباه، مما يؤدي للانحراف المفاجئ وارتكاب الحوادث؛ وذلك غالباً ما يحدث، بسبب استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة، والانشغال بغير الطريق، كالأحاديث الجانبية بين السائق وركاب السيارة، وكذلك بتقنيات المركبة، وتعتبر السرعات الزائدة من أبرز أسباب الحوادث؛ حيث تفوق 200 كلم في الساعة والشوارع لا تتحمل هذه السرعات، إضافة إلى أنواع عدة أخرى من المخالفات». ويشير الناعور إلى أن مسؤولية الأهل في الحد من المخالفات المرورية والحوادث تعتبر العصب الذي سيفرز نتائج إيجابية؛ حيث على الأهل وبالأخص الأب، أن يراقب أبناءه، ويتفحص وجود وعدم وجود المركبة، وسبب عدم وجودها في المنزل؛ حيث إنه في كثير من الأحيان تكون المركبة محجوزة، أو يتم تزويدها، ولا يعلم الأب بذلك، ويضيف الناعور إلى أن الكثير من الآباء يأتون لفك حجز مركبة، قد تسببت قيادة ولده لها إلى مخالفات مرورية، كالمركبات المزودة والقيادة بتهور، وهو أمر على الأهالي أن ينتبهوا إليه، لأن الأمر سيقود في يوم ما إلى التسبب في فقدان الابن لروحه، أو أرواح آخرين، فيضيع مستقبله.ويقول الناعور: «من بين الإجراءات التي سيتم اتخاذها، سحب الرخصة لأسباب تكرر المخالفة المرورية، منها: السرعة الزائدة، وتأهيل مدربي القيادة في «معهد الإمارات للسياقة» في نقل المعلومات الخاصة بأبرز مسببات الحوادث للمتدربين لديهم.التفاخر والتباهي بما يملكه الشاب من مركبة، وخاصة إذا كانت مزودة، وذات موديل حديث، وتعد أبرز أسباب التهور وارتكاب المخالفات المرورية لدى الشباب، هذا ما يقوله عبد الله الفراج «طالب جامعي». ويضيف: «الرفاهية التي يعيشها الشباب في الدولة بامتلاكهم أحدث المركبات، وخاصة تلك المصممة للسرعات، واحدة من أبرز أسباب ارتكابهم المخالفات، فأحدهم ربما ما زال طالباً في المدرسة أو الجامعة، ويقود سيارة فخمة ومرتفعة السعر، ولا يعي قيمة ما دفع فيها من مال، فلو كان دفع سعرها من تعبه، لما عرض نفسه للخطر فيها».وحول مشاهداته يقول الفراج:«شهدت العديد من الحوادث التي كان مرتكبوها من الشباب تحت سن الثلاثين، واحدة منها كانت حين شهدت أحدهم يقود مركبته بسرعة وتهور على شارع الشيخ محمد بن زايد، ويدخل ما بين المركبات بشكل عشوائي ومتهور، وابتعدت عنه خوفاً على نفسي من أن يتسبب لي بحادث، وبعد مسافة قريبة جداً اصطدم بإحدى المركبات، وتسبب لنفسه ولمن صدمه بالأضرار، وحينها حمدت الله أن القدر لم يخترني، لكن في الوقت نفسه ذعرت لما شاهدته». ويقدم الفراج نصيحة عامة مضمونها أن على الآباء أن تكون رقابتهم أكبر على أبنائهم، وألا يتهاونوا في أي مخالفات مرورية قد يسجلها ملفهم المروري، بل ويحاسبونهم على ذلك، لكن للأسف، بحسب الفراج، فإن عدداً منهم يعلّمون أبناءهم في سن مبكرة القيادة، وما إن يحصل أحدهم على رخصة القيادة في السن القانونية، يشعر بثقة زائدة بنفسه، ولا يبالي بمن حوله، وكأنه وحده في الشارع، ما يتسبب له ولغيره الكثير من الحوادث.توعية وردع حول أبرز دوافع المخالفات المرورية والتعرض للحوادث، يعتقد الشاب وجيه جوابرة «طالب جامعي»، أن فئة الشباب لا تقدر تبعات المخالفات التي تقوم بها؛ حيث التسبب بحوادث قد تودي بحياتهم وحياة غيرهم، وغالباً الهدف من تلك المخالفات كالسرعات الزائدة وتزويد المركبات، هو الاستعراض أوالوصول إلى الوجهة بسرعة، غير مقتنعين أن تلك السرعات لن تختصر من وقتهم سوى دقائق. ويضيف جوابرة: «ما يردع أولئك الشباب عن تلك المخالفات والحوادث التي يتسببون بها هو استعراض قصص شباب مروا بحالات مشابهة، وكان لهم القدر بالمرصاد، فمن خلال خبرتي، كنت قد تعرضت لكسر في اليد، وحين بدأت مراجعتي للعلاج الطبيعي في أحد المستشفيات، فوجئت بكم الشباب المصاب بشلل، وكسور في الأطراف، وغيرها ممن يتلقون علاجاً طبيعياً، وأسباب ذلك كله هو الحوادث المرورية، وأعتقد أن استعراض حالات كهذه سيكون رادعاً قوياً لمن لا يبالون بتهورهم في قيادة مركباتهم». وينوه جوابرة إلى أنه من خلال ملاحظته وركوبه مركبات عدد من الشباب، لاحظ أنهم يتخذون السرعات والاستعراض هواية، بدون مبالاة بأرواحهم أو أرواح غيرهم.ويشير الشاب عبد الله الحوسني «31 عاماً»، إلى أنه من خلال تجربته الشخصية، فإن كل من قاد بسرعات عالية، وتهور في قيادته، تعرض لحادث على الأقل في حياته، وأغلبهم من فئة الشباب تحت سن ال 30، ولا ينكر أنه كان من بين أولئك الشباب الذين قادوا بسرعات عالية في سن ما. ويصف ذلك ويقول: «لا نشعر في مرحلة عمرية ما كشباب تحت سن الثلاثين، أنه في وقت الحادث لن نستطيع التحكم بالمركبة، كما نعتقد، فنقود بسرعات عالية لأجل اللحاق بمواعيدنا الدراسية الجامعية؛ حيث كنت أدرس في دبي وأسكن في عجمان، وأقود بسرعة بحجة أنني على عجل، ولا أشعر في حقيقة الأمر أن سرعتي لن تختصر سوى أقل من خمس دقائق، إن هناك شباباً آخرين يعتقدون أن السرعة تحد وليس تهوراً، وهذه القناعة تجعلهم لا يأبهون بما يدور حولهم من كلام عن خطورة السرعة العالية، ومع الوقت ندرك أن السرعة لن تختصر لنا الوقت؛ حيث نصل نحن وغيرنا بفارق بسيط لا يذكر، ولم نفعل شيئاً سوى أننا زدنا فرص تعرضنا لحادث قد يقضي على حياتنا وحياة غيرنا».ويشير الحوسني إلى أنه حصل على الرخصة في عام 2002، ومنذ بدئه القيادة، لاحظ أنه مع زملائه في الجامعة لا تقل مخالفاتهم المرورية عن 6 آلاف درهم، وأغلبها مخالفات رادارات السرعة، ويلخص القول في أن ثلاث نقاط قد تكون رادعة لتهور الشباب في القيادة، أولها: العقوبات الرادعة على المخالفات المرورية، والحديث المتكرر بالأسلوب اللين حول خطورة المخالفات والحوادث، واستعراض قصص لأشخاص مروا بحوادث، أو معايشة حالاتهم.